الأخبارالسودانحوارات

مدير عام وزارة الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم الوزير المكلف يحكي تفاصيل استعادة ولاية مختطفة

مدير عام وزارة الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم الوزير المكلف يحكي تفاصيل استعادة ولاية مختطفة

 

الطيب سعد الدين: صحيح المرق اتكسر لكن لحقنا باقي الرصاص وما حك جلدك مثل ظفرك

حوار:هويدا حمزة

من من الإعلاميين لا يعرف الطيب سعد الدين منذ أن كان مدير اعلام ولاية الخرطوم؟ حتى ان الصحفيين لا يكتبون اخبار الفعاليات التي يحضرونها ويقولون (الطيب برسل الخبر) وبالفعل يرسل الطيب الخبر المجيه وان كان اختياره وزيرا الإعلام الولاية شئ مستحق الا انه جادع مكنة الوزير وديدنه مع الصحفيين هو ديدنه، ولاية الخرطوم هي الطيب سعد الدين، ذهب ولاة وجاء ولاة لكن الطيب لم يذهب ولم يتغير فالأثر الطيب هو ذاته. ظل صامدا وملازما لوالي الخرطوم بالولاية طوال فترة

الحرب وعندما القت الحرب بعصاها في الولاية حمل على عاتقة مسؤولية الإعمار وطبطبة الجروح مقدما نموذجا لانسان الخرطوم الذي أرادوا له ان يموت أو يغادرها نازحا أو لاجئا لتسكنها الكدايس ولكن هيهات فاهل الخرطوم عادوا وحايعمروها ياعبد الرحيم دقلو.. في المساحة أدناه يحكي لنا الطيب سعد الدين عن ولاية الخرطوم كيف صارت بعد الحرب وكيف بدأت تعود..

*تميزت ولاية الخرطوم عن غيرها بأن حكومته صمدت في وجه الدانات والمسيرات حتى تم تحريرها كاملة. كيف كانت صورتها بعد التحرير؟
عاصرت الوالي خلال السنتين الماضيتين وكنت معه منذ أول يوم باشر فيه عمله في الولاية.. تخيل انك تملك مال كثير جدا وتملك تروة حيوانية ولديك طائرات وبنوك. الخ وفجأة تجد كل ذلك غير موجود كما في سورة الكهف (واحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق وهي خاوية على عروشها.. الخ) وهذا ما حدث لنا لانه كان مخططا صاحبه يعلم تماما ماذا يريد أن يفعل ففي اليوم

الثاني فقدنا حتى اموالنا الموجودة في الخزن الموجودة في البنوك وكل المركبات والمستندات وكل أجهزة التواصل والاتصال واجهزتنا الإعلامية (القناة الإذاعة وأكثر من 17 كاميرا درون لم تكن تملكها حتى الحكومة الاتحادية إضافة لعشرات كاميرات الفيديو المنتشرة في أرجاء الولاية يغني منذ اليوم الأول خرجنا بعربة صالون فضلنا ان يستغلها الأخ الوالي ونحن نسير مسافة طويلة من شارع الوادي حتى الشنقيطي على قدمينا ثم بعد ذلك نركب سيارة إسعاف به كرسي واحد حتى نستطيع

الوصول للمقر ونجتهد ونتشارك للحصول على صحن فول نقتات به ويمكن أن تمر وبعد دقيقتين من مرورك تسقط دانة في مكانك الذي تقف فيه او بالقرب منه. الحركة كانت خطرة جدا، الدانات تسقط بكافة والتدوين العشوائى وكل الاشياء التي يمكن تخيلها وتحد من حركة الإنسان كانت متوفرة لكن كانت هناك إرادة قوية للعمل.

*الصورة كانت قاتمة ولكنها تبدو مقبولة نسبيا الان، كيف كانت بداية الإصلاح؟

البداية كانت من الزيرو لكن صبرنا بعض السائقين اخرجوا سيارات محدودة استطاعوا ان يسيروا بها الحركة ثم
جاء جهاز الرقابة على العربات الحكومية واحضر بعض السيارات
كنا مهمومين بتشغيل ثلاثة اشياء اولها الصحة فالمرض لا ينتظر والماء العطش لا ينتظر والكهرباء فالحياة بدونها لا تطاق لذلك كلما اتيح لنا مال ولو قليل نؤثر على أنفسنا و نقول أولى به العمال الذين يعملون في 24ساعة ويحرسون المحطة وهي الوخيدة التي تبقت وكنا (بنعاين ليها كده وقلبنا في يدنا)

في مرحلة من المراحل ناشدنا المواطنين لتوفير اعاشة لعمال الماء والكهرباء التي فقدت السيستم الخاص بها.
* لابد أن لوجود الحكومة في الولاية اثرا في صمود بعض مواطنيها وبقائهم فيها؟

تخيل انك تكون موجود وبعد قليل تصلك 60جثة 120جريح بسبب التدوين انا شاهدت ذلك في مستشفى النو اي مساحة فاضية تكاد تكون ممتلئة بالجثث والجرحى ومع ذلك الجميع ظلوا متماسكين حتى مواطن الولاية عندما شعر بوقوف حكومة الولاية بجانبه تذهب معه المستشفى والمقار إطمأن ولم يهرب وبعد التدوين بساعة تعود الحياة الي سوق صابرين شارع النص وشارع الوادي. صحيح الحرب افقدت الناس أرواح عديدة لكن لم تفقدهم العزيمة في البقاء رغم ان الثمن كان غاليا جدا دفعته كل القوات والمواطنين. تحرير مائة متر استغرق حوالي شهرين ولكن كانت هنالك عزيمة لتحرير الخرطوم

ولو أردت معرفة بشاعة هذه الحرب اذهب الى منطقة المقرن وشاهد مسجد الشهيد و هيلتون وبرج زين وبرج بنك السودان وبنك الساحل والصحراء وقاعة الصداقة.. الخ ستشعر ان هناك معركة حقيقية.. بداية شارع القصر حتى شارع بيويو كولن كانت هنالك إكوام من السيارات الركام.. الشجر تمدد وأغلق الشوارع ولو شاهدت ذلك في اليوم الأول لإصابك الياس وقلت (دي يصلحوها كيف)؟!! ولكن بعزيمة قوية جئنا ورفعنا تلك الانقاض بموارد شحيحة جدا، السيد والي الخرطوم قدم نموذجا رائعا للتضحيات.
*ما هي التحديات التي واجهتكم لإعادة الحياة للخرطوم؟

توفير المياه كان أكبر التحديات، المسيرات استهدفت محطات مياه رئيسية ومحطات الكهرباء، تخيل ان محطات المياه كلها خرجت من الخدمة وبعد ذلك انتشر وباء الكوليرا لأن المياه كلها لم تكن نقية ولأن المليشيا حبست الناس قي مناطق صالحة واجبرتهم على شرب مياه غير نقية، محطة مياه المنارة تستهلك يوميا 30برميل وقود، اجتهدنا في اصلاح المياه اجتهاد كبير وسر نجاح ولاية الخرطوم في محاصرة الكوليرا انها وظفت كل إمكانياتها لتوفير مياه نقية للمواطن.

من التحديات أيضا وصول آلاف البشر هاربين من مناطق سيطرة التمرد رغم ان الإمداد الذي يصلنا كان محدودا جدا لا يكفي 10% لكن مع ذلك لم نستطع الا ان نمد يدنا لمن يحتاجنا وقلنا ان الإغاثة تذهب لمن كانوا محاصرين وكانوا متأثرين بقلة الغذاء.
تخيل ان جهة ما سجلت 10 الاف لامتحان الشهادة وتكشف انهم لم ياتوا أو أتوا في اليوم الاخير لأنهم كانوا في مناطق التمرد وفعلا نحن فوجئنا في اليوم الاخير ب10الف طالب من الولايات اغلبهم من الجزيرة وبعضهم من الجموعية وشمال بحري ولم تكن الخرطوم قد حررت كلها وكان ذلك تحديا لكل الأجهزة بما فيها الوالي. في الليل استطعنا توفير داخليات لاستيعابهم و10الف مركز جلوس و10الف ورقة إمتحان، السيارات سافرت ليلا الي عطبرة واحضرت الامتحان صلاة الفجر لم ينم أحد رغم

ان الامتحان كان ظهرا حتى يتاكدوا ان جميع من حضروا سيدخلون الإمتحان، ومن هذا المنبر نشكر جامعة كرري وجامعة أمدرمان الإسلامية على فتح دورهم في أمدرمان لمساعدة الولاية في هذه الملحمة.
روح تشكيل الحكومة والمحاصصة التي يتحدثون عنها الآن لم تكن لدينا كل همنا كان كيف نوفر المياه والكهرباء للناس وتوفير التعليم، كان الناس مشفقون علينا. هذا كان حجم المشكلة التي كانت بالخرطوم.

*طالما التحديات بهذا الحجم لماذا الاستعجال في تشجيع العودة للولاية؟
العودة والإعمار يجب أن يمضيان سويا لأن منزلك اذا لم تأت وتحرسه ستغري السارق ولكن إذا تم اعمار السوق والجامع والحي فحركة الناس بين المسجد والبيت والبيت والسوق والمدرسة تشكل لنا 70%من خطة تأمين الولاية، الدولة لا تستطيع أن تحرس من باب لباب وليس هناك احرص من الشخص على حراسة منزله، نحن نجلس الان في قاعة المجلس التشريعي ولاية الخرطوم، هذا

المكان لا تستطيع الدخول فيه قبل شهرين كان عبارة عن ركام وأوساخ فبعد ان تمت سرقته حطموا واقتلعوا الكوابل من أماكنها ولكن حاليا الماء قاب قوسين أو أدنى لتعود، محطة المقرن اشتغلت لكن تم ايقافها لعدم وجود الناس، خفنا على المنازل من السقوط، المواسير تم تكسيرها اتيام المتابعة ذهبت لحي المقرن فوجدت المياه في المنازل خارج الخراطيش فوجه الوالي بايقافها حتى لا يتضرر المواطن مرتين، الكهرباء اذا لم تجد من يحرسها ربما تحرق المنزل، اذن فوجود المواطن اساس الإعمار.

لو ذهبت إلى أي من أحياء الخرطوم كالرياض واركويت والصحافات وغيرها ستجد كمية من الأخاديد حفروها ليقتلعوا الكوابل، تخيل شركة السودان للنور عمرها أكثر من مائة عام تم استهدافها، بنية المياه استهدفت في مرحلة واحدة ولكن بنية الكهرباء التحتية في كل المراحل بداية من المحطات التحويلية وهي شئ ضخم جدا يكسرونها ليسحبوا منها الزيت لتشغيل العربات (البولر الواحدة تستوعب 90برميل زيت وهذا الزيت غير متوفر في السوق الحكومة فقط هي من يستورده لانه لا يوجد من يستهلكه، لذلك اذا تم سرقة شئ عمره مائة عام هل بامكلننا استعادته في شهرين؟ طبعا لا ولكن مع ذلك

طرحنا بدائل مثل محطة الكباشي شمال بحري وعد بابكر و َمحطة سوبا هذه المحطات يمكن ان تنير بحري وشرق النيل وجنوب الخرطوم، كوادر الكهرباء يعملون الآن على توصيلها من أمدرمان لتشغيل الداون تاون وهناك مبادرات من خيرين لإنارة الشوارع بأكملها مثل بنك الخرطوم والشركة السودانية للموارد المعدنية وتجار شارع الحرية وهنالك رجل بر احضر 5الف لمبة، صحيح المرق اتكسر لكن لحقنا باقي الرصاص. والحمد لله الخرطوم (ما وقعت) مهما رسمت حولها صورة قاتمة والدليل على ذلك والي الخرطوم موجود داخل مكتبه لتروا التغيير الحقيقي.

*ماهو شعوركم تجاه مبادرات الإعمار مثل مبادرة تجار سوق الحرية؟
هي مبادرات تنم عن حس وطني عال ورغم ان اولئك التجار قصم ظهرهم بفقد ممتلكاتهم الا انهم قدموا مبادرات رائعة.

* اعتقد ان الإعلام وقف وقفة جيدة مع حكومة الولاية؟
نحن في وزارة الاعلام بدأنا من الزيرو واشكر الصحفيين الذين كانوا يشجعوننا بالكلام ويجعلو ننا نظل صامدين نبحث عن حلول وشباب الوزارة الذين عملوا معنا في ظروف صعبة جدا وبينهم بنات ذهبن معنا الي الكدرو وغيرها ولم يكن خائفات واشكر الأخوة في التلفزيون القومي الذين كانوا موجودين هنا والذين وقفوا معنا

وقفة كريمة والشباب الوطنيين الذين يعملون في القنوات العالمية امثال بقداوي وشهدي ومجموعة طارق عثمان وضياء الدين ومحمد إبراهيم ومحمد حامد جمعة ويوسف عبد المنان كلهم كان لهم دور إيجابي واستطعنا رويدا رويدا حتى انتقلنا إلى صحافة الموبايل ثم أصبحت لدينا كاميرات وأصبح لدينا صوت في القنوات لان المليشيا كانت تستخدم أجهزة الإعلام ووفرت لها غرف ضخمة لذلك كان همنا كيف نواجه تلك الالة الإعلامية الضخمة واستطعنا الحمد لله وابرزنا التضحيات التي قدمت في معركة الكرامة مما حفز الآخرين لدعم معنويات الجيش والحفاظ على البلد من الانهيار ثم جاءت المقاومة الشعبية وعضدت هذا الأمر، كل ذلك بفضل الإعلام لانه قدم نماذج رائعة جدا.

*اظن ان السياحة هي أكثر المتضررين من هذه الحرب؟
الجانب المتعلق بالسياحة والآثار وقعت فيه اضرار كبيرة جدا جميع الفنادق ومن بينها فنادق عمرها أكثر من مائة عام فيها قطع واثاثات نادرة ومزهريات منذ عهد الحاكم الانجليزي نهب منها ما نهب وكسر ما تبقى، حصل نهب كامل لليموزين ونحن نعتبره نشاط سياحي، المطاعم الأجنبية والسودانية مجهزة تجهيزات ضخمة جدا كلها نهبت الي خارج البلد.

قطاع السياحة ينبغي أن يكون مبادرا لانه قطاع متعدد الأنشطة هيلتون وبرج الفاتح ومريديان كلها فروع كبيرة جدا وعالمية يفترض ان تاتي وتعمر فروع الخرطوم، الاتصالات تأخرت وهي أولى بالمجئ نسجل لهم صوت لوم فبرج سوداتل لاينبغي ان يظل هكذا. السياحة محتاجة لعمل اما الثقافة فالشباب الموجودين لم يقصروا امثال عبد القادر سالم وعاطف السماني كلهم تراصو حول معركة الكرامة ناس مختار دفع الله وسهل الطيب

والمسرحيين امثال محمد عبدالله وود الفادني وفضيلة واشكر كذلك المؤسسة التعاونية التي أسهمت معنا إسهام كبيرا في دعم المبدعين المتأثرين بالحرب. دعمنا أكثر من 400شخص..شاركنا في منتدي فلاح عدة مرات حتى البارات جعلناها منتديات ثقافية
.

 

المصدر: الحياة اليوم

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى