مقالات

محمد قور حامد يكتب :  قطار الغرب وأشياء أخري

محمد قور حامد يكتب :  قطار الغرب وأشياء أخري

 

في ذلك الزمان البعيد الذي تظهر فيه الشمس مرةً كل يوم بعد أن نكون قد استمتعنا بيوم وضيوفٍ من أقاصي القرى المتناثرة حولنا وأولئك النسوة من الجارات اللائي لايبارحن زوجات أبي الأربع، كانت الشمس لاتغيب حتى

يدركها المغيب . عكس شمس هذا الزمان التي تحمر خدودها منذ الساعة الرابعة فتنهار في آفاقها القريبة. .
اليوم كان الاثنين حيث سوق حلتنا الشهير ، وأن من جماليات الأقدار أن يصادف هذا اليوم مرور قطار المشترك الذي يدخل حلتنا من دار صباح حاملاً أناساً

وبضائع وصحف وخطابات يكون بعض راسليها في أقصي الشرق فيقطع قطار تلك الأيام بها السهوب والفيافي فيعطيها طعم التاريخ وعبق الحياة فالذين ينقطعون في دار صباح من أبناء قريتي كثيراً ما تنقطع معهم أخبارهم وأحوالهم مع صخب المصانع وسمومها بعد أن تكون قد أعمت أعينهم أقطان التريكو وغيرها .

سوق الاثنين يبدأ بليلةٍ الأحد ، وبالرغم من أن لواري كثيرة تحمل البضائع في تلك ألليله وأولئك التجار الذين يغامرون بأموالهم من بقاع نائية ، إلا أن دخول عربة( كوليه ) الذي يحمل إلي التبون تجار أبو بطيخ والمجلد والميرم ، أن لعربة كوليه وقعها وصوتها الخاص في وجدان أهل التبون ، فهو من السائقين المهرة منتصف

السبعينات ، فكان علينا معشر المغامرين الصغار نرقب نوراً (وبهار ) هذا اللوري الذي يعلو ضوؤه ثم يخبو فيظهر جهات الكماين بعد أن يكون كوليه قد عشق _ بتشديد

الشاء _ عشرات المرات أنغاماً مختلفةً ، قال أحد زعارة الحي إن كوليه لابد أنه يشاغل يستيقظ في كل الأحوال النعاس في أعين بنات الحلة ، فتلك النغمات من سيارته لم تكن بريئة…..

كانت النسوة اللائي يقضين معظم الوقت مع زوجات والدي الأربعة ، يرتبن أنفسهن ويحقبن الحقائب والصرر ، فبعض اللائي أتينا من أريافٍ بعيده سيغادرن في في ذلك

اليوم بقطار دار صباح إلي نيالا حيث يمكثن شهوراً في قطع السعف من منحدرات ومتعرجات ووديان نيالا البحير .

ثم تكون لهن رحلةٌ أخري بقطار الغرب ،، ففي الوقت الذي يحمل إلينا فيه قطار دار صباح الأهل والأحباب والمعارف والعلم والصحوة المبكره علي صحف حواء والمصور

والشبكه وآخر ساعه والخطابات ،تلك التي كان كمساري عربة الفرملة يقرأها وينده علي الحضور ،، ما مر قطار صباح إلا وكان لمسعود خطاب أو خطابان .

علمت فيما بعد أن امرأة أعجبت به حينما كان يسكن حي كوبر ويعمل في مصانع النسيج ، هي التي تراسله من الخرطوم ليرتمي مكتوبها في أحضان مسعود في أقصي غرب ولاية جنوب كردفان .

ليتنا قرأنا صحف محمود تلك ربما أفادتنا في أشياء أخري كثيرة .. ولكن تظل كتابات إمرأة كوبر حسب مقربين من محمود حاملاً لها في مخلايته التي لاتفارق ظهره وهو يقوم بخدمة زبائنه في قهوة أبي فقم الشهيرة منتصف السبعينات..

ولكن في يوم غير سعيد سقطت ورقةٌ فقرأها أحد مثقفي التبون فشاع الخبر ، فانقطعت علاقة محمود بإمراة كوبر تلك .

أما شأن قطار الغرب مختلفٌ تماماً حيث يحمل لنا الفواكه و الخضر ومنتجات بساتين نيالا البحير .. فيجتهد العم عمر سبت وسعدية الخضرجيه وآدم كسار الليحان الذين وحدهم يمتلكون عربات كارو تجرها خيولٌ منعمه مبطنه . حاملين أولئك النسوة السعافيات وكراتين المانجو

والقريب فروت والرارينجا ،، كل ذلك يصادف يوم الأثنين حيث تختلط روائح الخضر والفواكه والروب وندي الملوخيه برطوبة السعف الأخضر واليابس .

من ناحية يكون قد فرغ عتالة التبون من تفريغ اللواري التي دخلت ليلاً ، فيصبحون وصناديق الشاي المقسطر وكراتين الصابون والشعيريه ومنتجات بلدية اخري كالسمن والعسل وحتي السرنه والكرناكه ، يصبحون وهم

ينقلونها للمشترين من كبار التجار .. يوم واحد فقط يموج فيه كل الناس ،، حتي زريبة البهائم التي يشرد ثيرانها فيطاردها أصحاب الخيول الجاسره لإعادتها لتجار

المواشي .. كانت لاتخلو الزريبه من حراك بشري وتجاري . ثم يتحرك القطار بعد أن يكون أجتهد عمال الدريسه في تنظيف الأسطبه التي إتسخت ، فيتم تزييتها ثم تضع داخل (عجلات) القطار حتي لايتآكل البلي أو يصدأ.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى