مقالات

محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب:بهدوء وتدبر..لو كنت مكانك يا سيادة رئيس الوزراء !!أبدأ بالركنين الأعظمين ولا خيار

محمد عثمان الشيخ النبوي يكتب:بهدوء وتدبر..لو كنت مكانك يا سيادة رئيس الوزراء !!أبدأ بالركنين الأعظمين ولا خيار

 

 

هناك قراران تأسيسيان، ركنيان، مفتاحيان، يُحتِّم العلم والعقل والمنطق، بل والفطرة والبداهة، أن يكونا أول قرارين تُتّخذهما يا سيادة رئيس الوزراء لفتح الأبواب الكبرى للنهضة والتنمية والاستثمار !!
وقد ظل هذان البابان مغلقَين مؤصدَين لعقودٍ مديدة، بلا سبب وجيه ولا تفسير مقبول، خاصة باب التحرير المطلق للإقتصاد ، الذي أُغلِق بحجج تخالف صريح المعقول والمنقول.

وسوف أوجزهما هنا دون إخلال، مؤكدًا أن تفعيل هذين القرارين سيُزيل كوابح وموانع النهضة، بلا كلفة تُذكر، بل دون حاجة إلى مال أصلًا في معظم الجوانب، وإنما بعزمة القرار وحزم التنفيذ والتنزيل.
وما أن يُفتح هذان البابان، حتى تنساب فروع التنمية بسلاسة عبر كل المسارات: البنيوية، والمعيشية، والأمنية، والصحية، والعدلية، والتعليمية، والخدمية، وسائر مجالات الحياة، بما يتبع ذلك من سلامة ودقة أداء الدولة وهرولة المستثمرين، وتدفق الموارد، وتحقيق الاستقرار، فالازدهار.

وأقولها بوضوح: لو كنت مكانك، سيدي الرئيس، لشرعت فورًا في فتح هذين البابين الأعظمين، وهما:
أولًا: إعلان التحرير المطلق للاقتصاد بفتح السوق السوداني على مصراعيه لتداول العملات (محلية وأجنبية) بحرية تامة، بيعًا وشراءً، إدخالًا وإخراجًا، بلا أي قيود أو شروط تُقيّد حركة التجارة والاستثمار.
هذا القرار يُشكّل بيئة الجذب القوية لرأس المال المحلي والأجنبي، ويمنح الاقتصاد الفرصة الحقيقية للنمو.

أسئلة مشروعة:
ما كلفة هذا القرار؟
الإجابة لا شيء! فقط كلمات منطوقة وأخرى مكتوبة نافذة، وقليل من الحبر والورق.
ما الأضرار المتوقعة؟
لا شيء مطلقًا. إلا ما يُسوّقه البعض من تعللات باطلة، داحضة، مخالفة للعقل والمنطق.
و من أشهر الشبهات التي يسوقها المشككون ممن تحجرت عقولهم بوضع القيود على الإقتصاد :
* قولهم أنه “يجب توفر وسادة مالية ضخمة من العملات الأجنبية في بنك السودان قبل تحرير السوق، حتى لا يرتفع سعر الدولار.”

وهذا كلام عارٍ من المنطق. بل العكس هو الصحيح.
والدليل المنطقي على أن تحرير العملة بالكامل لا يرفع سعر الدولار بل يثبته :
1. هناك طلب دائم على العملات الحرة .

2. لا يمكن لأي جهة منع هذا الطلب .

3. في ظل غياب التحرير، فإن طالب العملات الحرة يحصل عليها من السوق السوداء، لا من البنوك حيث أن البنوك لا تلبي طلبه وفق حاجته وفي الوقت الذي يريده بينما السوق السوداء تفعل . كما أن ألبنوك في ظل التقييد تفرض عليه شراء عملته بسعر أقل من الموجود في السوق السوداء فالمنطقي أن يبيعها فيه .
4. في ظل التحرير المطلق، تُلبى الحاجات بسهولة وشفافية، بسعر عادل قائم على العرض والطلب، مما يزيل سبب نشوء السوق السوداء فتختفي ، ويتحرر بذلك الاستثمار.

السؤال الجوهري:
أيّهما يأتي أولًا؟ وسادة النقد الأجنبي في البنك المركزي أم التحرير؟
الجواب: التحرير هو الذي يأتي بهذه الوسادة ، لا العكس !!!
ومن المعضلات: شرح البدهيات.

ثانيًا:منظومة التحول الرقمي الشامل
(Comprehensive Digital Transformation System)

● الحوكمة الرقمية (Digital Governance)
● الرقمنة (Digitization)
● أتمتة الدولة (State Automation)
● الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) .
ولتنفيذ ذلك لا بد من تكوين لجنة علمية عليا متخصصة تُشكّل من كبار العلماء والخبراء (من داخل السودان وخارجه) في هذه المجالات وذلك لوضع تصور متكامل وإعادة هيكلة الدولة وفقا لمنظومةالتحول الرقمي الشامل ليطال جميع المرافق بلا استثناء، بشراكة شفافة مع أفضل الشركات العالمية وتفضل الآسيوية تجنبا للحصار، ووفق معايير علمية دقيقة.

فوائد هذا الخطوات :
تدكّ حصون الفساد دكًا
تزيل الترهل الإداري والعطالة المقنعة من جيوش العاملين
وتسرّع الإصلاح المؤسسي
وتوفّر الموارد وتحسّن الكفاءة في أداء الدولة
وتجتذب الاستثمارات

ويؤدي هذا بالضرورة لأن يسارع القطاع الخاص من تلقاء نفسه باتباع ذات النهج ليواكب أداء الدولة، لأنه سيجد أن مستقبل الاقتصاد لا يُدار بالطرق التقليدية.
تنويه هام جدًا :
معلوم أن هناك فساد طال بعض المسؤولين، تمثل في المحسوبيات والرشاوى، لكن الأخطر والأدهى هو: تقاعس من بيدهم السلطة عن بناء دولة المؤسسات وتوطين الأنظمة الرقمية المتكاملة وهذا يُعد شرعنةً للفساد، وتوطئةً له، وكأنهم يقولون له: ” اي للفساد تكرس وتوطن وعم وابقي امنا مطمئنا!”
إن ما يُكتشف من فساد لا يُساوي إلا نسبة ضئيلة جداً من الفساد الحقيقي المستتر الذي لا يُكشف ولا يُضبط، ووزره في أعناق من أعرض عن الرقمنة التي تضبط الأداء وهي كفيلة بهذا الضبط .
سؤال جوهري لا يُسكت عنه :

إذا كان الجميع يعلم أن الرقمنة الكاملة والحوكمة الرقمية الشفافة هي السبيل الوحيد لضبط الفساد وإنهاء التسيب، فلماذا لم تُنشأ حتى الآن منظومة شاملة لذلك؟
هل هناك مبرر عقلاني واحد؟ أم أن التواطؤ مع الفساد – بصمت أو تجاهل – أصبح هو القاعدة؟
هل هو عجز؟ أم تغاضٍ متعمَّد؟ أم أن الفساد وجد له شركاء في ثياب مسؤولين؟
إن عدم إنشاء هذه المنظومة حتى الآن، رغم وفرتها وسهولة تنفيذها، هو في حد ذاته أكبر شاهد على سوء الإدارة أو تغييب الإرادة.

ثالثًا: ما بعد القرارين السالفين وما أن يُفعّلا :
تنكشف الغُمّة بسلامة وسلاسة أداء الدولة .
تتدفق الاستثمارات .
تنهال المبادرات .
وتتيسر بقية الإصلاحات تلقائيًا .
بل يصبح متاحا وميسورا تنفيذ كثير من المشاريع بنظام BOT (البناء، التشغيل، النقل)، دون أن تُكلّف الدولة شيئًا يُذكر، بل تُجني الأرباح منذ اليوم الأول. ومن غير أن تتحمّل الدولة ديونًا أو أعباء تمويل، بل تستفيد من إمكانات الغير وخبراتهم ، وتكسب الوقت في تحريك الاقتصاد.

نداء إلى الضمير الوطني:
سيادة رئيس الوزراء،
بين يديكم فرصة تاريخية نادرة لقيادة مسار السودان الحديث في طريق النهضة الحقيقية المتكاملة ، لا مجرد إحداث تحسينات شكلية.
وكل يوم تأخير عن فتح هذين البابين هو خسارة مركبة: زمنًا، وموارد، وثقة، وأملًا.
فكونوا يا سيادة رئيس الوزراء على مستوى اللحظة. فإن ترددتم، فات أوان التدارك، وربما لا تُتاح الفرصة مرة أخرى لكم أو لغيركم .
وإن فعلتموها ما ضركم مكثكم بالحكومة مائة عام أو يوماً أو بعض يوم، فقد انجزتم ماضمن للسودان بإذن الله العبور والانطلاق

وختامًا أقول:
إن هذين البابين الأعظمين إن فُتحا، انفتحت بهما كل الأبواب. وما عداهما فروع وتفاصيل.
وإن ظلا مؤصدَين، فمهما بلغ جهدنا، فلن نحصد إلا قبض الهواء، والحرث على الماء.
وبهما وحدهما النهوض والقيام، وبغيرهما، فعلي بلادنا السلام.
محمد عثمان الشيخ النبوي

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى