مقالات

محمد عبد الله الشيخ يكتب : العودة الي الديار القفز فوق الواقع وتجاهل الحقائق

العودة الي الديار القفز فوق الواقع وتجاهل الحقائق
محمد عبد الله الشيخ
عشرون روحا بريئة ازهقت واكثر من مئة نزفت جراحهم وعشرات المنازل احرقت لتزداد قائمة القتل في بلد تعز علينا أرضا وشعبا تبدل حالها من أرض مضيافة تسع كل السحنات والاثنيات دون ضيق أو تبرم فكان مآلها هذا الراهن من القتل والسحل والمحارق في لحظة شيطانية غاب فيها صوت العقل حتي كاد أن يكون ارخص ما فيها دماء بنيها تلتهمها فتن كقطع الليل المظلم في غياب معتصم تلوذ به السكالى او عاصم من واعز الدين والاخلاق وهكذا فتن القبيلة تتغذى على نتنها دون ان تقوم على ساق من المنطق والمبرر والدواعي
هكذا يلتمس كل من يذهب مستقصيا عن اصل المشكل ودواعي الاحداث القبلية في النيل الازرق المحسودة في قوة اواصرها ومتانة لحمتها الاجتماعية وارضها البكر الولود حيث اختار دعاة الفتنة ومشعلو إوارها توقيتهم بعناية فائقة في موسم الخريف الذي تبدي فيه اراضي السلطنة مفاتنها تنادي من يفلحها بعد اتسعت رقعتها وعمها السلام وصار المسافر فيها امن في سربه يسعي لكسب عيشه الحلال فبذرت فيها بذرة الفتنة بدلا من الذرة والسمسم وزهرة الشمس لياتي وقت الحصاد واهلها يقبضون العوز والفاقة وضيق ذات اليد ليكونوا صيدا سهلا لمنظمات الغوث واجندة الاستخبارات او هكذا كما يقدر اهل الشأن والاختصاص من لدن سعادة اللواء الركن رمزي بابكر سعد قائد الفرقة الرابعة مشاة الذي حظيت بلقاءه رفقة عدد من الدعاة والعلماء الاجلاء ضمن القافلة الدعوية التي سيرتها بالهام وتوفيق في اختيار منسوبيها وغرضها الامانة العامة لديوان الزكاة
حيث ذكر سعادة اللواء ان ما وقع من احداث قبلية ليس لها دوافع واسباب في مجتمع يعيش في تجانس
ولم يستبعد سعادته وجود علاقة بينها ومشروع تفتيت البلاد وتقسيمها باشعال الفتن القبلية ضمن اجندة المخابرات العالمية التي تأسف على استخدامها أيدي ابناء البلاد وهكذا يلتمس المتابع دون ان يحتاج لحصافة صدق وقيمة هذا الحديث عندما يمضي مستقصيا بين الاطراف المعنية والمهتمة بالمشكل ليأتي حديث العقيد ركن علي عبدالوهاب مدير شعب امن القبائل الذي لم يستبعد بدوره وجود طرف اخر يحرك هذه الاحداث دون ان يسمه
وذهب الى ابعد من ذلك بان هنالك من يروجون شائعات بان ما حدث سوف يشمل بقية المكونات والقبائل إمعانا في مزيد من التشتت وتفكيك الاواصر لياتي رده قاطعا لهذه المزاعم “هيهات هيهات” طالما في البلاد قوات نظامية قادرة على حماية المجتمع وحفظ امنه ليعض مروجو الفتن اصابع الندم واهل النيل الازرق قد انتبهوا لما يراد بهم ويساقون اليه فيدين كل منهم ما حدث ويجرمونه بل ويمتدح كل طرف من اطراف النزاع الطرف الآخر ويذكر ما يجمع بينهم من اواصر
فاهل الادارة الاهلية يجمعون على دور الهوسا كأهل قرآن وتقاقيب وداعم كبير لاقتصاديات الاقليم وانتاجه دون ان ينكروا ضلوع طرف وايادي خفية في ما حدث
ويأتي الحديث تصريحا لا تلميحا عن ذكر التطرف واساليب الجماعات التكفيرية المغالية الدخيلة باسلوبها _بوكو حرام_ في دعوة صريحة لتكفير الآخر واخراجه كما افصح عن ذلك الشيخ محمد بلة المهدي وكيل عمدة الكوما والقنزة وأحد أئمة المساجد في منطقة الاحداث والذي قطع بان ما حدث دخيل وغريب لا يشبه المجتمع الذي عاش وسطه
وتستمر حالات الإدانة مع الترحيب بكل مساعي الصلح التي كان نتاجها توقيع اتفاق وقف العدائيات وجهد مشكور ومبادرات عديدة توجت بمبادرة قيادة قوات الدعم السريع وتتواصل بعدها المبادرات من لدن مبادرة الادارة الاهلية على مستوى البلاد وتواصل حركة الدعاة في وفد عالي المستوى على رأسه الشيخ الدكتور ابراهيم الكاروري ثم مبادرة مجلس شورى قبيلتي كنانة ورفاعة التي وجدت قبولا واستحسانا واحدثت اختراقا ايجابيا في اتجاه الصلح النهائي لكون القبيلة تعنى بالاحداث وتتاثر بها ويصيبها رزازها بالمصاهرة والعيش المشترك والمصالح المتبادلة لذا كانت هي الاقرب والاكثر أثراً متآذرة مع مبادرات اخرى لترسخ القناعة بضرورة الصلح واهميته الذي قطع على توقيعه النهائي في ديسمبر القادم كتتويج لكل هذه المبادرات واذعانا لصوت العقل
يمضي الحال في تطبيع الحياة رويدا رويدا وسط مخاوف من النازحين من مآلات العودة الى ديارهم خوفا من عودة القتل والحرق والنهب مالم يجدوا الضمانات الامنية الكافية بالعودة الى ديار اصبحت لا تقي حر الشمس وزخات المطر يلتحفون فيها الارض وتغطيهم السماء
نعم انها اسئلة منطقية عن احتياجات ملحة “ضمان الامن” الذي لا يتوافر الا بالتوقيع النهائي للصلح كما أقرت وحددت المبادرات وأمن على ذلك قيادات المجتمع وقواعده وصار التبشير به يمضي بين الركبان
إذا كيف ولماذا تم استعجال عودة النازحين الى ديارهم هل خرجوا رغبة منهم ام أخرجوا كما هو مزمع باقتراب موعد انطلاقة العام الدراسي وافراغ المدارس لتتجدد الاحداث وتعود الاوضاع القهقري الى المربع الأول مع وصول اول دفعة الى الديار تعود الدائرة الجهنمية للقتل والحرق والاصابات فهل جهل ام تجاهل متخذ قرار العودة وقفز فوق الواقع متجاهلا الحقائق ام ماذا هناك
هل الأبدى والاولى بداية العام الدراسي ام سلامة الناس وحفظ ارواحهم مقدمة على كل شيء سواها وان كان لا بد من بداية العام الدراسي في موعده فليكن البحث عن بدائل لإيواء النازحين بدلا عن المدارس الى حين توقيع الصلح المزمع وليس ديسمبر ببعيد
ودرء مفسدة الحرب مقدم على جلب مصلحة التعليم في ظروف شديدة الإضطراب والتوتر في اقليم يعز علينا شعبا وأرضا والسلام

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى