محمد طلب يكتب : القوالات في الأغنية السودانية(6)
محمد طلب يكتب : القوالات في الأغنية السودانية(6)
عندما طرقت هذا الباب وفِكرته كما ذكرت كنت أريده مدخلاً لتحليل الشخصية السودانية من خلال الأغنيات الغرامية وما يدور حولها ونظرة المجتمعات لقصص الغرام وكيفية تعامل المجتمع معها والحب والغرام
والبحث عن الجنس الآخر أمر قديم قدم الإنسان نفسه منذ بداية خلقه و القصص التي تبعت ذلك كثيرة علي مدار التاريخ و بعضها ظل خالداً في ذواكر الشعوب خلق أدباً و ثقافة و أعراف …
عندما دلفت لهذا الامر من هذا الباب لم أكن أتوقع الوصول لنصف (دستة) من المقالات كما وصلتني مجموعة من الرسائل حول ا(لقوالات) في الأغنية السودانية لدرجة أن هناك أغنيات كاملة ما هي الي مجرد (قوالات) ناقدة و ناغمة علي هذا الفعل وعلي هامش
الحديث عن انواع الأغنيات و كنت قد طرحت سؤالا علي الدكتور (أنس العاقب) في قروب (سمار البادية والقافية) حول ارتباط الالحان بالنص الغنائي وكلماته وهل من الضروري أن يرتبط اللحن بالنص والتوزيع الموسيقي
تمثيلا وايضاحاً لاني احس احساس( زول عنقالي) أن الالحان في أغنياتنا منفصلة عن الكلمات بمعني قد تجد لحناً فرايحياً راقصاً مع اغنية كلماتها خزينة جداً لكن يبدو أنه لم يطلع علي السؤال في القروب فرأيت إلحاق السؤال له و لاهل العلم في هذا المجال عبر هذا المقال
أما أمر (القوالات) في الأغنية السودانية ربما يحتاج لعدد كبير من المقالات ربما يملها القراء نسبة للرتابة والتكرار و وحدة الموضوع لان القارئ يحب المقالات المتنوعة ونصح بعض الاخوان بأن الأمر ربما يحتاج لكتيبات…..
عموماً اغنية اليوم للفنان المرحوم عثمان الشفيع والأغنية عنوانها نفسه (قوالة):-
*قالوا وقالوا وقلنا ليه*
وقلنا ليه؟؟ حسب فهمي صيغة استفهام بغرض الاستنكار
فيوصف (قوالاتهم) الفارغة ذات المقصد الخبيث بالمثل السوداني( كلام الطير في الباقير وازيّد منه كتير) اي لا معني له و ما هو إلا تعبير عما سيرد في النص بطريقة حاسمة:-
*قالوا كتير قالوا و عادوا*
*كلام الطير و اكتر زادوا*
*قالوا عليهو ناسي ودادو*
*ونسبوا إليهُ كل ما أرادوا*
وكل ذلك ناتج عن أمر محسوم تماماً عبر عنه العاشق بطريقة واضحة
*ديل عُزالي ديل حسادو*
و مايستوقفني هنا لماذا نسب العزل له والحسد لمحبوبه؟؟؟ وكأنه يشير إلي أن ليس لديه ما يُحسد عليه و(العزول) طبقاً لمنطق الاغاني العاطفية هو (طرف ثالث) يقف متربصاً بالمُحِبَّيْن و يحاول إفساد الجو بينهما….أما
في حياتنا السودانية في كل أوجهها ما أكثر( الطرف الثالث) والرابع والخامس والطيش زاااتو) والدليل أن الكلمة في الأغنية أتت بصيغة الجمع أي ليس عزولاً واحداً بل (عُزال) كُثر….
و عزول علي وزن فعول صيغة مبالغة من (عزل) ونُرجع القارئ الكريم لمادة (ع ز ل) والتي من عجينتها يأتي الزعل (زاااتو)…. والأغنية تطرح قضية (الصواتة) او
(السواطة) من الصوت او السوط و كلاهما من الفصيح ويحمل دلالات الخلط والضرب والجلد والخوض و الصياح و إحداث الصوت والصيت والأشاعة وووو…. أو مثل ما قال :-
*قالوا شوية بس ما خلّو*
*قالوا عليّ بكرة يملّو*
*أما البيّ تمثيل كُلّو*
*وهوّ وهيّ ناس بتسلو*
أما (هو و هي) فتدل أن حسادهم من الجنسين وهذا يدحض أن( القوالات) تخص النساء فقط وربما تكون اخطر عند الرجال واشباههم و عواقبها وخيمة إلا أنه في الأغنية وبنهاية مقاطعها توكد أنها مجرد (قوالات) لن تصب أهدافها البغيضة
*ديل عُزالي كم هم ضلّو*
نعم إنه عين الضلال و ليس مجرد (ناس بتسلوا) و(القوالات) فعل مشين يستوجب محاربته فهو جريمة تنتج عنها جرائم ونزلت ايات و قران حول الأمر فالحذر ثم الحذر قال تعالي:-
*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ*
وختاماً ننهي هذه السلسلة من المقالات علي أمل أن يتطور أمر ما طرقناه و يجد علماء يقتلونه بحثاً والأمثلة كثيرة لكن نكتفي (بنص دستة) و عندما تقف الحرب ربما نجد مجال ارحب لهذا البحث في وطن مستقر أن شاء الله
سلام
محمد طلب