الولاياتمقالات

محمد المختار عبد الرحمن يكتب :اثر رفع الدعم عن المحروقات !!

اثر رفع الدعم عن المحروقات !!

نيالا: محمد المختار عبد الرحمن

ولايات دارفور فى عمومها وجنوب دارفور خاصة ونخص منها مدينة نيالا حاضرة الولاية مدينة متفردة فى كل شأنها وحالها ولها حضور طاغ فى الأحداث بل أحيانا صانعة للأحداث منذ فجرها البعيد، كيف لا وهى التى شهدت واحدة من أكبر الانجازات والبطولات بمقتل المفتش الانجليزى “ماكلين” عند قيام ثورة الامام “السحينى” فكان حدثا وتاريخا ، ولا تخفى “بضم التاء” المدينة سخطها وغضبها ورفضها للأنظمة والحكام والحكومات الجائرة وتناهض بالصوت والمسيرات ودماء الشهداء ، والمدينة بطبعها تهادن وتساير ولكنها حين تنتفض تقتلع ولا تصمت ، بل ثورة عارمة حتى النصر .

الأقليم عامة وجنوب دارفور خاصة مرت بظروف وأزمات متعددة والوضع الأمنى فرض حضوره الطاغى على المشهد العام ، والحكومة منذ أمسها الأول عندما حررت السوق ودفعت به الى التجار ليتحكموا فى الاسعار كانت تشهد الكثير من أزمات الندرة فى السلع الأساسية والضرورية والمرتبطة بالحياة اليومية كالدقيق والوقود وهما سلعتان اساسيتان وكان السوق هو من يقوم بتوفيرها وليست الحكومة عبر قنواتها الرسمية ولذلك منذ وقت مبكر تعايش المواطن هنا مع سعر السوق ولا يتساءل بل يكون الهم الأول فى حصوله على السلعة ، جالون البنزين قبل رفع الدعم بمحطات الوقود 1980ج وذات الجالون سعره خارج المحطة 4000 الى 6000ج ، وبعد رفع الدعم اليوم “الأحد” سعر جالون البنزين فى المحطة 2250ج والجازولين 1750ج فيا ترى كم ستكون الاسعار خارج المحطات بعيد الزيادات ورفع الدعم ، هذا ما ننتظرة للغد الآتى!!، كيلو السكر 300ج ، سعر الرغيفة 25ج ، الواقع يقول ان الدعم بالولاية أصلا كان مرفوعا ولا جديد برفع الدعم الحالى فالتعايش مع الواقع بات سمة فى هذا الجزء من الوطن . ولكن الملاحظ لحركة الشارع يلحظ قلة العربات المتحركة وخلو الشوارع منها ، أما مركبات الأجرة فلا زالت تمضى بآخر تعريفه غير مقننة فرضها ملاك المركبات فهى السائدة والبعض يتوقع ان تكون هناك متغيرات من قبل اصحاب المركبات العامة بعد يوم الاربعاء القادم الذى يتم فيه تزويد المركبات بوقود المحطات وذات المشاهد تؤكد أن الطرقات مكتظة بالوقود ويباع دون مواربه خاصة فى أحياء جنوب الوادى “الوحدة”. ورغم الزيادات الرسمية المعلنة من المركز الا ان الولاية وادارة البترول فيها لم تصدر أيما منشور أو تسعيرة جديدة للوقود .

محطات الوقود بالمدينة تشهد اكتظاظا عاليا وصفوفا طويلة تمتد لكيلو مترات ولكن محمد حسين صاحب عربة خاصة يقول للصحيفة “هذا مضيعة للوقت والزمن تزحف فى الصف ليومين ثم يقال لك الوقود (قطع)” وهو يضحك يقول (الله يقطع رقابهم ياخى) ، لم استغرب منه ذلك والكثيرون تتحرك سياراتهم بوقود السوق الأسود ولا يلتفتون اطلاقا لمحطات الوقود ، ابو ذر صاحب مركبه أجرة يقول ولأكثر من سنتين ما وقفت فى صف وقود ، ويقول آخذ احتياجاتى من السوق الأسود ونعلم جيدا أنه الوقود المخصص ليباع بالمحطات ولكنه بقدرة قادر يخرج ليباع هكذا وبسعرهم المحدد ، فى منطقة دمة 40 كلم شمال نيالا الجازولين والبنزين اقل سعرا ومتوفر بالكميات التى تريدها وهى قرية صغيرة بقارعة الطريق، الموازين المقلوبة هنا كثيرة والقرارات والقوانين تصدر ولا تفعل بل تظل حبرا على ورق والقرارات التى يصدرها الوالى تموت باعلانها الرسمى حتى تعريفة المواصلات المعلنة من قبل البلدية . واحدة من الأزمات التى ستظهر بصماتها جلية بعيد الزيادات ورفع الدعم عن المحروقات فى الوقود الزراعى الذى حتى كتابة هذه الأسطر لم يصل الولاية والأسعار المبدئية لحراتة الفدان 15 الف جنيه وبالقرار ستكون حتما زيادات فلكية والحكومة لم توفر الوقود المطلوب للمزارعين وكثير منهم أبدى تخوفه من مآلات الموسم الزراعى هذا العام وينصب الحديث حول شبح الفجوة الغذائية المتوقع حدوثها مما يعنى الندرة، وارتفاع الاسعار للمحصولات فى الحالتين حال الزراعة بوقود السوق الأسود أو الاحجام عنها ، التاجر “عباس صالح” يقول ( لا توجد متغيرات فى الاسعار تذكر ) ، “محمد عبد الرحيم” صاحب محل جملة يقول ( السوق هذه الأيام ممسك عن البيع الا للضرورة فى انتظار الوارد الجديد) ، بنهاية الاسبوع وبداية القادم تتضح مترتبات الزيادات فى الوقود بوصول الشاحنات المحملة بالسلع والتى تحركت بعد الزيادات وحينها تظهر المستجدات فى اسعار السلع .

بالأمس عندما أعلن وزير المالية الأتحادى رفع الدعم عن المحروقات (البنزين والجازولين) والتساؤل المفترض ما هى ردة الفعل؟! والاجابة صفر .. لا أحد يذكر القرار وقد تجاوزه المواطن هنا منذ مدة ليست بالقريبة تزيد أسعار السلع او تنقص ليس مهما ولكن الأهم هل هى متوفرة؟ هذا السؤال الذى يسأله المواطن اليوم ، ولأن الولاية ومدينتها نيالا مدينة تجارية وسوق كبير يمد حتى دول الجوار بالسلع الاساسية بل يتشاركون مع الولاية فى حصصها الرسمية والتجارية لا تكون للأسعار أهمية بل وفرة السلعة ، ولكل هذا وغيره مر القرار والمواطن مسبقا متعايش معه، المساجد والمجالس وخطب الجمعة كلها تتفاعل مع الأحداث والصراعات والشباب والمخدرات والخرشة وعربات بوكو حرام ودورها فى الجريمة والسكين التشادية التى باتت ثقافة جديدة دخيلة راح بسببها ارواح ودماء، ما يشغل بال الولاية وانسانها اليوم هذه الصراعات القبلية التى عادت عنيفة بين المكونات السكانية والموت والدمار الذى يحدث صباح مساء وترسانة الأسلحة الفتاكة خارج منظومة القوات النظامية ، فالارواح والدماء هنا تتساقط كما تتساقط أوراق الشجر ، هذا ما يشغل بال المواطن، الأمن المفقود حتى المدن الكبيرة لم تعد آمنه ، المجالس وأحاديثها اليوم تصب كلها فى خانة القتلى والجرحى والمفقودين وتوقعات الغد الأسود القادم!!.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى