محمد احمد مبروك يكتب : هل يتوقع انقلاب عسكري يساري ؟؟
سطور ملونة
هل يتوقع انقلاب عسكري يساري ؟؟
اعتقد أن البرهان ورفاقه في القوات المسلحة منتبهون إلى ملابسات الظرف الراهن الخطيرة ، التي تشير إلى أن قط اليسار قد أغلقت أمامه الأبواب ، وأدرك خطورة موقفه ، وأنه لم يعد أمامه من سبيل سوى ان يسعى للإستيلاء على السلطة بعمل عسكري !!
والتخوف لا يكمن في إحتمال نجاح هذا المسعى ، فهو مسعى إن حدث فمصيره الفشل دون شك . لكن البلاد ستدفع ثمنا باهظا من الدماء ، ومن عدم الاستقرار الذي عانى منه المواطنون كثيرا ، وعطل مسيرة البلاد ورجع بها لعدة عقود .
ليس غريبا أن ينتحر كيان سياسي مرة لكن الغريب أن يدمن هذا الكيان الإنتحار .. وقد كنا شهودا على انتحار أكثر من كيان سياسي لذلك نحن جيل يعرف بسهولة كيف تبدأ العملية وماهي مقدماتها الواضحة .
انتحر الحزب الشيوعي مرتين وانتحر حزب البعث اكثر من ذلك وانتحر حزب الأمة والإتحادي مرتين بمحاولات الإنقلاب العسكري . ودفعوا ثمنا باهظا من الدماء والأرواح وعطلوا مسيرتهم ومسيرة البلاد كثيرا .
ولسنا في حاجة للتذكير بأن الحزب الشيوعي عندما انسد الطريق أمامه وخسر تحالفه مع نميري قاد انقلاب هاشم العطا الذي أفضى إلى نهر من الدماء ، وتدمير كبير للحزب الشيوعى ، لكنه لم يسقط نميري لأن الشارع كان يرفض الشيوعية والشيوعيين بعنف .
وقبله انتحر حزب الأمة عبر محاولة إمامهم الراحل الهادي المهدي بعصيانه الذي تمترس فيه بالجزيرة أبا ، ودفع مجاهدو الأنصار ومن شاركهم من الإخوان نفس الثمن الباهظ من الأرواح والدماء .
وكرر حزب الأمة بالتعاون مع الإتحاديين الانتحار بقيادة الشريف الهندي والصادق المهدي بعملية محمد نور سعد التي غزا فيها الخرطوم في عام 1976 ، وسددوا فيها نفس فاتورة الدماء والأرواح .
انظر في الظرف الراهن وما يواجه الشيوعيين والبعثيين وحزب الأمة . تجد أنه لم يعد أمامهم من سبيل سوي الإستيلاء على السلطة بإنقلاب عسكري ، ولديهم دوافع قوية لذلك.. فهم قد خسروا كل شيء ، وأنهار أمامهم الحاضر وأظلم المستقبل .
* اصبحوا متأكدين أنهم خسروا المساندة الدولية التي استخدمتهم لفترة ، واستنفدوا أغراضهم لديها ، وبدأت في إحراقهم الٱن بشكل علني ، لأنه لم يكن يعقل ان تساند أمريكا وحلفاؤها نظاما يساريا يصبح عدوا مؤكدا لهم في المستقبل ، ويساند القطب الٱخر الذي بدأ يتشكل .
* يعلم اليساريون والأحزاب المتهالكة الأمة ونثار الأحزاب المائة الأخري أن حظها في صناديق الانتخابات ضئيل ، ولن تمكنها من إعتلاء مقاعد الحكم ، كما أن قيادة مجلس السيادة والجيش قلبوا لهم ظهر المجن ، وأوضحوا لهم بجلاء أنهم لن يسمحوا لهم بأن يحكموا (أوانطة ) دون انتخابات ، ولن يسمحوا لتحالفهم الخادع قوي الحرية والتغيير بأن يستمر حاكما في فترة إنتقالية لا تنتهي ، وتفضي ألى نظام جديد يشرع لنفسه سلطة تحكم بتحالف يقصر السلطة على الأحزاب المتهالكة والأحزاب اليائسة ، ويقصي غيرهم ويلغي الانتخابات حتى حين .
* نتيجة لإنكشاف الفساد الضخم الذي مارسوه على الصعيد القانوني والإداري والمالى والتشفي البشع من خصومهم تحت قوة السلطة التي نالوها دون مبرر أصبحوا الٱن مهددين بالمحاكم و ربما بالمشانق وبالسجن الطويل .
* يأسهم الواضح من فرض رؤاهم عبر شارع يدعون أنهم حركوه للثورة وهم يعلمون زيف هذا الزعم . وتٱكل حتي المتبقي من شباب كانوا وقودا للمحرقة التي زجوا بهم فيها ، وتناقص أعدادهم حتي أصبحت مسيرات شكلية لم يتبق لها سوى بعض الشتائم وبذيء القول .
* فشلت منهجية قتل الشباب بأيديهم أو بالزج بهم في أعمال ومواجهات خطيرة تدفع الأجهزة الأمنية الى مواجهتهم ليقتلوا . خاصة بعد ان تكشف ذلك لدي الأجهزة العدلية ولدي شباب المظاهرات أنفسهم ولم تعد سلاحا نافعا لتصعيد العداء للجيش والسلطة السيادية .
* إستمرار وجود البرهان أو قيادة الجيش عموما في السلطة السيادية يهددهم بكشف المزيد من سوٱتهم ، وينسف أيضا فرصتهم الأخيرة في تسنم السلطة .
لذلك يصبح الإنقلاب العسكري والإستيلاء على السلطة ولو عبر قتال ودماء أكثر سلامة لهم من استمرار السيناريو الحالى .
* انخداعهم بقوتهم ، حيث أنهم في الغالب يظنون أنهم اخترقوا الجيش أو دسوا غواصات جديدة من كوادرهم فيه ، إضافة إلى وهم حزب الأمة حليفهم بأن له قواعد كبيرة يمكن أن توفر لهم سندا .
الأيام القليلة القادمة حبلى ، والقابلات يقلن أن جنين اليسار هذا ميت في بطن أمه . وبدلا من ولادة متعسرة ليت طبيب السيادة يجري عملية قيصرية يستخرج بها الجنين الميت الٱن ..
محمد أحمد مبروك