محمد احمد مبروك يكتب: محاولات جادة لإثارة الفتنة !!!
![](https://i0.wp.com/alahdonline.net/wp-content/uploads/2022/01/عم-مبروك.jpg?fit=350%2C422&ssl=1)
سطور ملونة
محاولات جادة لإثارة الفتنة !!!
إنقلاب حقيقي في موازين القوى تشهده الساحة السياسية الٱن .. وهو تحول جذري في مسيرة الحركة السياسية ولعله تصحيح لمسارها .
إننا الٱن في مرحلة لا تحتمل التشنح والأحكام المسبقة غير المبنية على حيثيات واقعية منطقية لأننا الٱن أحوج ما نكون للموضوعية وإعمال العقل الرصين .
حراك سياسي جاد يجري الٱن لم يحدث مثله منذ سقوط نظام البشير ، وشكل واقعا لا يمكن إنكاره أو التغاضي عنه . ولا يجدي معه صراخ الحالمين بحكم السودان دون تفويض شعبي .
لكن قبل أن نقول ماهي الدوافع لإثارة الفتنة ، وماهي المقومات التي بدأ إستخدامها في هذا السبيل ، ومن هم مثيروها . دعنا نقول ماهو هذا الحراك الذي بدأ يشكل الواقع السياسي الجديد ، وما هي مواصفاته :
إنه التيار الإسلامي وهو تيار عريض فعلا كما أسماه أصحابه ، ولبى رغبة قوية لدى الغالبية الساحقة الصامتة . وبدا واضحا بمواصفات محددة حرص باعثوه على توضيحها منذ البداية وهي :
* أن هذا التيار ليس عودة لنظام الإنقاذ بالتأكيد .. لا نظاما ، ولا فكرا ، ولا تنظيمات ، ولا قيادات .
* ليس قاصرا على تنظيمات الإسلاميين السابقة .
* ليس هو إعادة إنتاج للمؤتمر الوطني بأية صيغة .
* هو تنظيم مفتوح يستوعب طوائف الشعب دون تمييز ، ومكوناته منها الإسلامية ومنها غير المؤدلجة إسلاميا ، ويستوعب طيفا واسعا في الفهم الإسلامي والتوجهات السياسية .
* تنظيم متصالح لا يسعى للصراع إنما يسعى للمنافسة السياسية الشريفة .
* متوجه بكلياته نحو الإنتخابات البرلمانية والرئاسية .
* يعمل بجدية لتكوين برنامج شامل لحل كل مشكلات السودان في حزمة متكاملة . وهو مستعد لمشاركة كل مكوناته في الإسهام في وضع هذا البرنامج المتكامل .
لكن من المؤكد أن فترة الحكم منذ سقوط البشير كانت هي العامل الحاسم الذي أتاح أكبر فرص النجاح لبلورة وتكوين هذا التيار الإسلامي العريض .
فالثورة لم تكن سياسية بقدر ما كانت مطلبية ، سببها هو ضوائق في حياة الناس ومعيشتهم ، وانسداد الأفق في وجه الشباب الطامحين لتحقيق مستقبل مشرق .
لكن حكومة قحت عندما تولت السلطة برئاسة حمدوك لم تفكر قط في مطالب الجماهير التي كانت ممثلة في :
* تكوين سلطة مدنية ديمقراطية عبر انتخابات حرة نظيفة . فلم تتوجه لتهيئة البلاد لذلك ، إنما انشغلت بالتشفي من قادة نظام البشير ، وتهربت من الإنتخابات علنا ، وخاضت صراعا محموما حول الكراسي ، وحول إيجاد وسيلة للحكم تستمر بهم وحدهم دون إنتخابات . رغم أنهم أحزاب أقليات ضئيلة .
* أغفلت حل مشاكل المواطنين في المعيشة والخدمات ، فانهارت الحياة في كل المجالات ، وعانى الناس الأمرات العشرة ، وانهار الإقتصاد بينما تعزف الحكومة لحن الدولة العميقة والكيزان حتي مل الناس سماعهم ، و (قنعوا من خيرا فيهم) . وتمنوا أن تعود الأوضاع إلى يوم سقوط البشير ، بل إن تيارا تمنى عودة البشير نفسه !!
* أسفرت الحكومة وحاضنتها السياسية عن عدائها ليس للكيزان فقط ، إنما للإسلام نفسه . وبدأوا من أقصى ما يمكن أن يرفضه لهم هذا الشعب المسلم بإتفاقية سيداو ، وحقوق المثليين ، ورفض قواعد الشريعة الإسلامية التي تحكم علاقات المجتمع ، من قوامة الرجل والمواريث . وقد ولد هذا رفضا شديدا لدي الأغلبية التي ظلت صامتة . لكن هذه الهجمة كان رد الفعل فيها القبول للإسلام ، والتمسك به منهج حياة . فجماعة قحت فشلت في حل مشاكل الدنيا وتعدت على الدين !!
ورغم إستمرار تهويمات الحالمين وصراخهم عبر الأسافير أو خلف التروس التي خربت الشوارع وعاقت الحياة ، إستمر تبلور الفهم لدى عامة الناس في أن الدين خط أحمر ، مما يجعلهم أكثر قابلية للإنخراط في مسيرة تحمى الدين ، أو تدعو للعمل السياسي ضمن تنظيمات إسلامية التوجه .
أما الدوافع لضرورة إثارة الفتنة فهي :
* إنسداد الطريق تماما أمام أحزاب قحت في تولي السلطة إعتباطا دون انتخابات .
* تأكد هذه الأحزاب وأجهزة المخابرات التي تحركها من فوز كاسح للتيار الإسلامي في أية إنتخابات حرة نزيهة تجري في البلاد .
* أن القراءة الموضوعية للرأي العام توضح أن تحولا حقيقيا كاسحا جرى ، لا يمكن الوقوف أمامه بطرق العمل السياسي النظيف .
من كل ذلك بدأت هذه الكيانات وفق عمل منظم فيه خبرة عالية لا تملكها إلا أجهزة المخابرات الكبيرة تمثل في :
* تصعيد النبرة ضد الكيزان كواجهة إسلامية والحديث عن المتاجرة بالدين ، بل وتحوير أحاديثهم لإلباسها ثياب الخداع والإستهانة بالدين .
* إعادة إنتاج الإتهامات بالفساد والقمع والتنكيل بالناس رغم أحكام واضحة للقضاء .
* محاولة شيطنة الجيش ووضعه في خانة العداء للمواطنين ، وإتهامه مع القوات النظامية الأخرى بقتل المتظاهرين والتعامل معهم بشكل بشع .
* تصوير التيار الإسلامي بأنه عودة لنظام البشير .
* الهجوم بكل وجه على الدعم السريع وقائده على وجه الخصوص ، والسعي بكل السبل إلى عزله عن الجيش وإحداث فتنة معه من جانب . ومحاولة إحداث فتنة بينه وبين التيار الإسلامي من جانب ٱخر . وبينه وبين ألسودانيين عامة وأهل دار فور خاصة من وجه ثالث .
لكن الخطير في الأمر أن كل هذه الأدوات ما عادت فاعلة ولا مؤثرة في الرأي العام ، بعد أن استبانت الغالبية الحقيقة وكونت رأيا . لذلك لا يتوقع أن تضع أجهزة المخابرات ذات الإستراتيجية التي لاتقبل الإسلام سيف المقاومة ، وترضى بالأمر الواقع … وكذلك لن يستسلم عملاؤها .
إنهم مبدعون في صناعة إثارة الفتنة وإحداث البلبلة ، ولا يتورعون عن الخراب .
لعل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والعدلية وهذه الغالبية التي كانت صامتة وتحدثت الٱن تفوت الفرصة على الفتنة ، ما يجري منها حاليا وما هو متوقع .
محمد أحمد مبروك