مقالات

محمد احمد مبروك يكتب: محاولات جادة لإثارة الفتنة !!!

سطور ملونة

محاولات جادة لإثارة الفتنة !!!

إنقلاب حقيقي في موازين القوى تشهده الساحة السياسية الٱن .. وهو تحول جذري في مسيرة الحركة السياسية ولعله تصحيح لمسارها .
إننا الٱن في مرحلة لا تحتمل التشنح والأحكام المسبقة غير المبنية على حيثيات واقعية منطقية لأننا الٱن أحوج ما نكون للموضوعية وإعمال العقل الرصين .
حراك سياسي جاد يجري الٱن لم يحدث مثله منذ سقوط نظام البشير ، وشكل واقعا لا يمكن إنكاره أو التغاضي عنه . ولا يجدي معه صراخ الحالمين بحكم السودان دون تفويض شعبي .
لكن قبل أن نقول ماهي الدوافع لإثارة الفتنة ، وماهي المقومات التي بدأ إستخدامها في هذا السبيل ، ومن هم مثيروها . دعنا نقول ماهو هذا الحراك الذي بدأ يشكل الواقع السياسي الجديد ، وما هي مواصفاته :
إنه التيار الإسلامي وهو تيار عريض فعلا كما أسماه أصحابه ، ولبى رغبة قوية لدى الغالبية الساحقة الصامتة . وبدا واضحا بمواصفات محددة حرص باعثوه على توضيحها منذ البداية وهي :
* أن هذا التيار ليس عودة لنظام الإنقاذ بالتأكيد .. لا نظاما ، ولا فكرا ، ولا تنظيمات ، ولا قيادات .
* ليس قاصرا على تنظيمات الإسلاميين السابقة .
* ليس هو إعادة إنتاج للمؤتمر الوطني بأية صيغة .
* هو تنظيم مفتوح يستوعب طوائف الشعب دون تمييز ، ومكوناته منها الإسلامية ومنها غير المؤدلجة إسلاميا ، ويستوعب طيفا واسعا في الفهم الإسلامي والتوجهات السياسية .
* تنظيم متصالح لا يسعى للصراع إنما يسعى للمنافسة السياسية الشريفة .
* متوجه بكلياته نحو الإنتخابات البرلمانية والرئاسية .
* يعمل بجدية لتكوين برنامج شامل لحل كل مشكلات السودان في حزمة متكاملة . وهو مستعد لمشاركة كل مكوناته في الإسهام في وضع هذا البرنامج المتكامل .
لكن من المؤكد أن فترة الحكم منذ سقوط البشير كانت هي العامل الحاسم الذي أتاح أكبر فرص النجاح لبلورة وتكوين هذا التيار الإسلامي العريض .
فالثورة لم تكن سياسية بقدر ما كانت مطلبية ، سببها هو ضوائق في حياة الناس ومعيشتهم ، وانسداد الأفق في وجه الشباب الطامحين لتحقيق مستقبل مشرق .
لكن حكومة قحت عندما تولت السلطة برئاسة حمدوك لم تفكر قط في مطالب الجماهير التي كانت ممثلة في :
* تكوين سلطة مدنية ديمقراطية عبر انتخابات حرة نظيفة . فلم تتوجه لتهيئة البلاد لذلك ، إنما انشغلت بالتشفي من قادة نظام البشير ، وتهربت من الإنتخابات علنا ، وخاضت صراعا محموما حول الكراسي ، وحول إيجاد وسيلة للحكم تستمر بهم وحدهم دون إنتخابات . رغم أنهم أحزاب أقليات ضئيلة .
* أغفلت حل مشاكل المواطنين في المعيشة والخدمات ، فانهارت الحياة في كل المجالات ، وعانى الناس الأمرات العشرة ، وانهار الإقتصاد بينما تعزف الحكومة لحن الدولة العميقة والكيزان حتي مل الناس سماعهم ، و (قنعوا من خيرا فيهم) . وتمنوا أن تعود الأوضاع إلى يوم سقوط البشير ، بل إن تيارا تمنى عودة البشير نفسه !!
* أسفرت الحكومة وحاضنتها السياسية عن عدائها ليس للكيزان فقط ، إنما للإسلام نفسه . وبدأوا من أقصى ما يمكن أن يرفضه لهم هذا الشعب المسلم بإتفاقية سيداو ، وحقوق المثليين ، ورفض قواعد الشريعة الإسلامية التي تحكم علاقات المجتمع ، من قوامة الرجل والمواريث . وقد ولد هذا رفضا شديدا لدي الأغلبية التي ظلت صامتة . لكن هذه الهجمة كان رد الفعل فيها القبول للإسلام ، والتمسك به منهج حياة . فجماعة قحت فشلت في حل مشاكل الدنيا وتعدت على الدين !!
ورغم إستمرار تهويمات الحالمين وصراخهم عبر الأسافير أو خلف التروس التي خربت الشوارع وعاقت الحياة ، إستمر تبلور الفهم لدى عامة الناس في أن الدين خط أحمر ، مما يجعلهم أكثر قابلية للإنخراط في مسيرة تحمى الدين ، أو تدعو للعمل السياسي ضمن تنظيمات إسلامية التوجه .
أما الدوافع لضرورة إثارة الفتنة فهي :
* إنسداد الطريق تماما أمام أحزاب قحت في تولي السلطة إعتباطا دون انتخابات .
* تأكد هذه الأحزاب وأجهزة المخابرات التي تحركها من فوز كاسح للتيار الإسلامي في أية إنتخابات حرة نزيهة تجري في البلاد .
* أن القراءة الموضوعية للرأي العام توضح أن تحولا حقيقيا كاسحا جرى ، لا يمكن الوقوف أمامه بطرق العمل السياسي النظيف .
من كل ذلك بدأت هذه الكيانات وفق عمل منظم فيه خبرة عالية لا تملكها إلا أجهزة المخابرات الكبيرة تمثل في :
* تصعيد النبرة ضد الكيزان كواجهة إسلامية والحديث عن المتاجرة بالدين ، بل وتحوير أحاديثهم لإلباسها ثياب الخداع والإستهانة بالدين .
* إعادة إنتاج الإتهامات بالفساد والقمع والتنكيل بالناس رغم أحكام واضحة للقضاء .
* محاولة شيطنة الجيش ووضعه في خانة العداء للمواطنين ، وإتهامه مع القوات النظامية الأخرى بقتل المتظاهرين والتعامل معهم بشكل بشع .
* تصوير التيار الإسلامي بأنه عودة لنظام البشير .
* الهجوم بكل وجه على الدعم السريع وقائده على وجه الخصوص ، والسعي بكل السبل إلى عزله عن الجيش وإحداث فتنة معه من جانب . ومحاولة إحداث فتنة بينه وبين التيار الإسلامي من جانب ٱخر . وبينه وبين ألسودانيين عامة وأهل دار فور خاصة من وجه ثالث .
لكن الخطير في الأمر أن كل هذه الأدوات ما عادت فاعلة ولا مؤثرة في الرأي العام ، بعد أن استبانت الغالبية الحقيقة وكونت رأيا . لذلك لا يتوقع أن تضع أجهزة المخابرات ذات الإستراتيجية التي لاتقبل الإسلام سيف المقاومة ، وترضى بالأمر الواقع … وكذلك لن يستسلم عملاؤها .
إنهم مبدعون في صناعة إثارة الفتنة وإحداث البلبلة ، ولا يتورعون عن الخراب .
لعل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والعدلية وهذه الغالبية التي كانت صامتة وتحدثت الٱن تفوت الفرصة على الفتنة ، ما يجري منها حاليا وما هو متوقع .

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى