محمد احمد مبروك يكتب لم يكن السودان علمانيا الا الان !! منذ عهد النميري والدولة ودستورها وقوانينها اسلامية
لم يكن السودان علمانيا الا الان !!
منذ عهد النميري والدولة ودستورها وقوانينها اسلامية
كتب محمد احمد مبروك
الحديث عن دستور السودان علماني فيه باطل كثير .
صحيح انه رسم صورة الواقع السييءالذي كان عليه حال السودان منذ استقلاله لكنه عمم الصورة وكأننا ظللنا على مانحن عليه منذ الاستقلال .
والحقيقة ان دستور السودان بعد الاستقلال لم يكن علمانيا لان العلمانية لها معنى واحد وهو رفض الدين بالكامل بينما دستور السودان منذ الاستقلال نص على ان يكون الاسلام احد مصادر التشريعةفكيف يكون هذا الدستور علمانيا .
وحتى القوانين التي كانت سائدة كانت قوانين ( وضعية ) وليست ( علمانية ) فمشرعها يعلم انها اباحت حراما يعترف هو بحرمته بينما العلمانية تنكر الدين وترفضه من اساسه .
ان عهد النميري طيب الله ثراه واحسن اليه شهد نقطة التحول الكامل من الظلام الى النور . فعندما بدأت فترة حكمه في مايو ١٩٦٩ م وكان في ركاب الشيوعيين كانت الصورة كما هي بل ازدادت سوءا بمعاداة المتدينين وتعرض الناس للفصل من الخدمة لمجرد انهم يصلون الاوقات الخمسة .
لكن النميري اطاح بالشيوعيين وضرب حزبهم ضربة قاصمة وقتل قادتهم ومنهم ملحدون ( عديل ) كعبد الخالق والشفيع احمد الشيخ وجوزيف قرنق . وهي ضربة قضت على اقوى حزب شيوعي في العالم الثالث . الدستور كان حمال اوجه فلم ينص على استبعاد الاسلام انما كان الاسلام أحد مصادر التشريع . وكل قوانين الاحوال الشخصية كانت مستمدة من الاسلام في الزواج والطلاق والنسب والمواريث . وكانت بعض القوانين لا تتعارض مع الاسلام وبعض القوانين تتعارض معه تعارضا بينا فتبيح الخمر والميسر والزنا .
نميري تدرج نحو الاسلام فأصدر كتابه ( النهج الاسلامي لماذا ) وابان فيه البواعث التي دفعته للتوجه نحو الاسلام وحتمية العودة اليه . ثم اصدر كتابه النهج الاسلامي كيف كخارطة طريق للعودة للاسلام . ثم اصدر موجهات برنامج ( القيادة الرشيدة ) وجهه في خطاب موقع بقلمه الى كل قادة الاتحاد الاشتراكي والوزراء وحكام الاقاليم وقادة الخدمة المدنية والقادة العسكريين اعطاهم فيه احد خيارين الاول وقف تعاطي الخمر والزنا والالتزام بالعبادات من صلاة وغيرها والخيار الثاني الاستقالة وترك المنصب .
ثم اصدر قرار ( تنقية القوانين مما يعارض الشريعة الاسلامية ) وكون لذلك لجانا من العلماء وفقهاء القانون والشريعة .
ثم كون فرق عمل من علماء الشريعة والقانون لوضع قوانين وتشريعات اسلامية صرفة . وعقد مؤتمرا جامعا ضم اكابر العلماء من كل دول العالم ناقش التشريعات ونقدها ثم اقرها المؤتمر باجماعه .
بعدها صدرت قرارات منع الدعارة والميسر والربا واغلقت البارات وصودرت الخمور في اكبر مذبحة لام الكبائر شهدها التاريخ البشري . وقد كنت ممن شرفهم الله بحضور هذا المشهد البديع حيث غطيت الحدث مندوبا عن جريدة الصحافة . ورايت كراتين البيرة والشيري والويسكي والكورفوازير مرصوصة على شارع النيل من المقرن وحتي قريبا من القصر بينما البلدوزرات تمشي عليها والناس يفتحون الزجاج ويريقون الخمر في النيل الازرق حتي صار هناك مسيل واضح للون الخمر في مياه النيل وكنت على بعد متر واحد من نميري وهو يعانق يس عمر الامام رحمهما الله وهما يبكيان تجري دموعهما وينشجان بأعلى صوت .
وعندما قاد الهالك محمود محمد طه حملته الشرسة ضد قوانين الشريعة قدم للمحاكم التي حكمت بردته واستتابته واعدامه اذا لم يتب . وتاب منافقون معه منهم القراي وعبد اللطيف عمر ولم يتب هو فتم اعدامه واعدام فكره الكافر معه .
وتم اطلاق سراح جميع السجناء المحكومين بالقوانين الوضعية وقابلتهم وتحدثت مع عدد منهم من سجن كوبر ومنهم لصوص وقتلة . وخاطبهم نميري في السجن يوم اطلاق سراحهم وانذرهم ان من يعاود السرقة ….. واشار بيده اشارة قطع اليد .واشار اشارة قطع العنق .
ومنذ ذلك التاريخ لم يعد الدستور ولا القوانين المستمدة منه علمانية انما كانت اسلامية صرفة . وحتي بعد مؤامرة اسقاط نميري لم تجروء الاحزاب على المساس بقوانين الشريعة رغم ان رئيس الوزراء الصادق المهدي قال عنها ( ان قوانين سبتمبر لا تساوي الحبر الذي كتبت به ) لانه يعلم ان الشريعة الاسلامية خط احمر دونه الدم عند شعبنا . ولم يف بوعده بالالقاء بها في مزبلة التاريخ حتى سقط هو في هذه المزبلة .
الانقاذ جاءت بشعار الاسلام ونشطت في مجال الدعوة لكنها لم تكن صارمة في تطبيق الحدود كما فعل نميري لكنها لم تغير قوانين نميري في جوهرها ومعظم تفاصيلها .
اما بعد سقوط نظام الانقاذ فقد مضت الوتيرة بسرعة نحو اقصاء الاسلام برمته . ليس فقط من القوانين انما في سلوك الفرد واخلاقه وفي ممارسات الحكم والحاكمين . ولم يعد الحديث قاصرا على القوانين انما تعداه لتجريم الاسلام نفسه ورفض الصريح من القرٱن الكريم والسنة النبوية الشريفة .
تمايزت الصفوف بشكل قاطع ولم يعد الاوان اوان نقاش او اقناع بما هو صحيح او خطأ انما الامر الان في حالة اتخاذ مواقف وفعل لا قول . اعداء الاسلام انتقلوا من النقد والهجوم الى العمل الجاد ونفذوا بالفعل خطوات خطيرة في هذا الاتجاه . وامام الطرف الاخر خيار واحد وهو ( العمل ) المضاد حيث ان الصراخ والبكاء والتظلم لن يوقف الذي يجري .
محمد احمد مبروك