محمد احمد مبروك يكتب: فأر يخرج من جبل الحوار
سطور ملونة
فأر يخرج من جبل الحوار
لأغراض هذا الحديث نقول (المتٱمرون المحترمون) ونعني بهم ممثل الماسونية الصهيوني فولكر ، ومعه جماعة قحت والاحزاب الدموية من شيوعي وبعث ، والحزبان المتهالكان الامة وشراذم الإتحاديين ، والأحزاب الضئيلة التابعة لها تلعق فتات الموائد .
طبعا لا نحتاج ان نذكر الشيطان ، لانه ليس له مقعد مخصص في الحوار انما هو مع كل المشاركين ، يوحي اليهم افكارا مزخرفة تملؤهم غرورا وانتفاخا ، فتمتليء أوداجهم بألفاظ ضخمة منها مصلحة الوطن ، وحماية ثورة الشعب ، وتحقيق أهداف المرحلة الانتقالية ، وإقصاء الأسلام السياسي .
حينما تراهم مجتمعين تحسبهم أجمعوا أمرهم لكن قلوبهم شتى !! يعلم كل فريق أنه كاذب منافق أفاك ، ويعلم أن الٱخرين مثله .. وهم متيقنون أنه لا أحد يعلي قيمة الوطن السودان ، أو يسعى لتحقيق طموحات شعبه في العزة والكرامة ، او التعبير عن قيم شعبه ومقدساته .
اهم من كل ذلك أن الله سبحانه وتعالى ليس في حسبانهم ، ولا يهمهم ان تأتي الأمور كما يحب سبحانه ويرضى ، ولا يبالون بمعصيته ومجاهرته بالعدوان ، ويتحدونه في صفاقة وسفور ، ويرفضون دون حرج أن يقام الدين ، أو يكون الحكم وفق ما أمر به العزيز الحكيم ..
يتحدثون عن حقوق الانسان وحقوق المواطنة ، وتأكيد أن الأسلام نزع هذه الحقوق ، او يتجاهلون الحديث عنه وكأنه ليس موجودا ، بينما أغلبية أهل السودان الساحقة مسلمون دينا وروحا وسلوكا ومنهج حياة .
يتحدثون عن حقوق الشباب واهمية دورهم في المرحلة ومشاركتهم في الحكم ، بينما في عهدهم الميمون وقع الشباب تحت وطأة الإدمان لأخطر أنواع المخدرات في العالم وأشرسها .. الملايين أدمنوا وأصبحوا أسرى لهم عبر حصص المخدرات . مغيبة عقولهم ، ذاهلون لا يفرقون بين الحياة والموت ، ولا يبالون أن يكونوا قتلة أو مقتولين ..
انطمست لديهم قيم الوطنية والأخلاق السوية ، فانطلقوا يلبون في طاعة عمياء تعليمات ٱمريهم دعاة الفتنة والخراب ، فيدمرون منشٱت الشوارع وأرصفتها ويخربون الملكية لا فرق كانت عامة أم خاصة ، دون أن ينتبهوا إلى تغيير أهداف الٱمرين المتٱمرين الذين يسوقون قطيعهم مرة بدعوى هزيمة الدولة العميقة المتوهمة ، ومرة بدعوي التحقيق في مجزرة فض الإعتصام ، ومرة بدعوى حشر الجيش في ثكناته ، ومرة بدعوي إسقاط إنقلاب البرهان ، ومرة بدعوى القصاص لدماء الشهداء ،
ومرات بدون أهداف محددة تحت مسمى التصعيد الثوري ..
البعبع المخيف الذي يتحاشونه هو الانتخابات الحرة النزيهة التي لا تقصي مواطنا بحكم قناعاته الفكرية . لذلك جعلوا أول الثوابت التي لم يختلفوا عليها إقصاء الإسلام ، وسد طريق المشاركة تماما أمام كل من (يشتبه) أن فكره هو الإسلام . لأنهم يعلمون يقينا إنهم إن لم يفعلوا ذلك فإن أهل الإسلام قادمون ولا منافس لهم . وبهذا يستبعد شعب السودان كله إلا قليلا ..
وإذا كان هدف الحوار هو تقريب الرؤى والوصول إلى (توافق وطني) فإنه هدف يعكس بقوة الدجل والخداع والمكر الخبيث رغم الجمال الظاهري للفظ . ماذا تمثل هذه الكيانات المتحاورة .. ماهو وزن قواعدها .. من فوضها لتكون وصية على الشعب .. أين إحصاءات عضوية الأحزاب التي يفرضها قانون مسجل الأحزاب والتنظيمات السياسية والتي بموجبها يحدد وزن الحزب الجماهيري .
اما المهزلة الكبرى فهي ان يجلس العميل الماسوني الصهيوني فولكر في مقعد الأبوة والوصاية على هذا الشعب العظيم ، ويقودهم في الطريق (الصحيح) حتي لا يضروا أنفسهم . فهم شعب ساذج فطير التجربة ، لا يعرف كيف يحل مشاكله .
هل سألت ماهو هدف فولكر ومن يمثلهم من دول واستخبارات ومنظمات شيطانية ..
ليس هدفهم قطعا ان يحكم السودان حكما ديمقراطيا يعبر عن رغبات وتطلعات غالبية شعبه ، التي هي من المؤكد الإسلام ، لأن الديمقراطية لدي شعوب العالم الثالث ضد مصالحهم ، بدليل مؤازرتهم ومساندتهم لأبشع أنواع الحكم كبتا وبطشا بالشعوب .
وليس هدفهم حماية كيان السودان وتحقيق نهضته وامتلاكه عناصر القوة ، لأن هذا أخوف ما يخوفهم . بل العكس يريدون سودانا دولته هشة يمكن السيطرة عليها ، واقتصاده متخلف ينهبون خاماته وخيراته ، وشعبا فقيرا يظل راكعا تحت أقدامهم في انتظار بواخر الدقيق والمحروقات .
وليس هدفهم بالتأكيد حماية حقوق الإنسان ، وهم الذين ارتكبوا أبشع الجرائم في حقوق الإنسان في سوريا وليبيا والعراق والبوسنة والهرسك وافغانستان وأفريقيا الوسطى والكنغو ورواندا وبورندي وفي فلسطين كأجلى مثال .
سيتمخض جبل الحوار هذا عن فأر جديد من المحاصصات بين هذه الكيانات ، يتقاسمون فيها السلطة لفترة انتقالية تمدد تمديدا طويلا (قابلا للتجديد) .
ستتضمن مخرجات الحوار إجماعا على إقصاء الإسلام والتيارات الإسلامية .
ستضمن المخرجات مشاركة إسمية لقيادة الجيش في السلطة تكفل لقيادته الأمان من المساءلة .
ستكون الرعاية والوصاية الدولية جزءا من منظومة الحكم بهدف تسيير البلاد عبر تحريك خيوط الاراجوزات الذين سيتولون مناصب السلطة .
ولا أظن أن مخرجات الحوار ستخلو من تقسيم حصص من متبقي الثروة التي لم تنهب منذ قيام الثورة تحت مسميات مختلفة وامتيازات معلنة أو غير معلنة .
بقي ان نقول أن قيمة هذا الحوار صفر كبير ، لأنه حوار بين من لايمثلون الشعب ، ليأتي بنتائج لا يرضاها الشعب . يعوضنا الله في مصروفات جلسات الحوار في القاعات المكيفة وضيافة المتحاورين ومصروفاتهم في تكاليف الانتقالات والحوافز .
حاشية :
ضاعت روائع من الشعر بسبب ضعف التوثيق . أذكر أنني كنت أعمل في قسم التصحيح في جريدة الصحافة في العام ١٩٧٦ م وكان من دهاقنته محمد صالح فهمي وعثمان على نور ومنير صالح عبد القادر وهو شاعر الكتيبة وابوه صالح عبد القادر من أبطال ثورة ١٩٢٤ م .
كان يسكن الحاج يوسف ويتنقل بالبص . دخل المكتب مستعجلا وطلب مني ورقة .. وجلس يكتب هنيهة . ثم رفع رأسه وحكى لي :
جلست بجواري فتاة لم انظر اليها ولم تسترع انتباهي . ثم جلس إلى جوارها شاب فتحركت نحوي . ويبدو أنه اقترب منها أكثر فالتصقت بي لعلها شعرت بالأمان لدي . شعرت بها بضة دافئة فكادت نفسي تتحرك فسألت نفسي . ثم قرأ علي قصيدة رائعة مطلعها :
أأكبر في العمر أم أصغر
وقد ذهب الحانب الأگبر
أراد أن يمزق الورقة فرجوته أن لا يفعل ونقلت القصيدة في ورقة لا أدري أي السنين أضاعتها .
محمد أحمد مبروك