مقالات

محمد احمد مبروك يكتب:..سطور ملونة..انتو ما عارفين الكنابي يا جماعة !!

محمد احمد مبروك يكتب:..سطور ملونة..انتو ما عارفين الكنابي يا جماعة !!

 

 

كلهم مخطئون .. المتشدقون بمناحة الكنابي .. والمؤيدون لما جرى فيها .. فهم بين أصحاب الأجندات القذرة الذين وجدوها فرصة للدفع بأهدافهم الخبيثة ، أو هم المتطرفون الذين أعمت رغبة الإنتقام والتشفي بصائرهم ، وحادت بهم عن الحكمة والخلق القويم .

واضح سوء المقاصد عند الذين يروجون لهذه الأحداث المؤسفة ويلبسونها ثياب العنصرية البغيضة ، ويعتبرونها بداية ، ساكتين عمدا عن ما سبقها وما أدى إليها .
لماذا تصاعدت الان نبرة المحاسبة ولم تطالب هذه الالسن القذرة بنبرة المحاسبة عندما كانت الجزيرة تحت وطأة المجازر وفظاعة اغتصاب العروض ، ومرارة نهب الممتلكات وإذلال الشيوخ ..

لماذا صمتت الألسن عندما قاد اهل الكنابي مرتزقة الشتات نحو قراها ، مرشدين عن كل بيت فيه عربة أو مال أو ذهب أو بنات (سمحات) ..

لماذا صمتت الزعامات والقيادات التي تبنت اليوم موضوع أهل الكنابي ولم تمنعهم آنذاك من أفعالهم القذرة في الإرشاد لإيذاء أهل الجزيرة ، بل ودخولهم القرى مسلحين مع مرتزقة الشتات ، ومشاركتهم الفعلية في كل الفظائع التي وقعت ..

لكن لا بد في البداية من التذكير بتعريف الكنابي وسكانها .. فمعلوم أن الجزيرة حيث قام المشروع تمتاز بأنها منطقة عالية الكثافة السكانية ، وتغطيها كلها القرى التي لايفصلها عن بعضها أكثر من كيلومترين في كل الجزيرة . وأراضيها قبل قيام المشروع كانت كلها ملكا للقبائل التي

تقطنها ، وتعمل بالرعي والزراعة المطرية (البلدات)بكسر الباء وسكون اللام . ولم تكن هناك حاجة لعمالة إضافية .
لكن قيام مشروع الجزيرة العملاق استدعى عمالة إضافية ، وأصبح منطقة جاذبة ، فوفد الناس من نيجيريا وتشاد وكل مناطق وسط وغرب أفريقيا ، وكذلك من كردفان

ودار فور ، حيث منحوا مساحات لإقامة الكنابي (جمع كمبو) من كلمة Camp الإنجليزية على عهد الاستعمار .
وهذه الأراضي التي قامت عليها الكنابي ملك لسكان المنطقة الأصليين . وسكن في الكنابي مجموعات إثنية متعددة أكبرها قبائل الهوسا والفلاتة . وسكز معهم

الزغاوة والبرقو والفور والمساليت وقبائل من كردفان ودارفور من قبائل البقارة . بل منهم قبائل من شمال السودان خاصة الشايقية الذين أنشأوا كنابي أصبحت قرى مثل قرية الجملون سعدانة وحلة عبد الملك وشاركتهم السكن فيها القبائل الوافدة من دول أفريقيا أو من غرب السودان .

وتعايشت هذه المجموعات مع سكان الجزيرة في سلام واستقرار ، واحترم كل طرف ثقافة الآخر وخصوصيته طيلة مائة سنة هي عمر مشروع الجزيرة .
وعندما نشبت الحرب اللعينة حرك مؤججو الفتن نعرات العنصرية البغيضة ، وانساق أهل الكنابي نحو ضلالة

 

الإيقاع بأهل المنطقة ، وشايعوا مرتزقة الشتات ، وضربوا بعرض الحائط تاريخ التعايش الطويل ، فشاهد أهل قرى الجزيرة من كان جارا وصديقا وعاملا في حواشاتهم يحمل السلاح ، ويقود المرتزقة ويرشدهم ، ويشارك معهم في القتل والنهب والإذلال والإغتصاب ..

لكن كل هذا ليس تبريرا لجريمة قتل مواطن لمواطن ، ولا تبريرا لتصفية الحسابات بهذه الطريقة المنكرة المستنكرة

وكان ينبغي على أجهزة الدولة المختصة توقع ردة فعل عنيفة من أهل قرى الجزيرة على ما حاق بهم من المليشيات القذرة ومن تعاون معهم من أهل هذه القرى وأهل الكنابي ، واتخاذ التحوطات اللازمة لكي لا يحدث ما حدث .

وينبغي الآن إعمال القانون ، واتخاذ إجراءاته على قدم المساواة ، بحيث يحاسب من تعاون مع المليشيا القذرة والحق بأهل الجزيرة الأذي ، ومن أخذ القانون بيده وتعدى على أهل الكنابي منعا للكيل بمكيالين متباينين .
ولكي نتفادى خطأ التعميم وإثمه نقول إن أهل الكنابي ليسوا كلهم خونة وأهل الجزيرة وإن كانوا كلهم ضحايا الا أن أغلبهم تعامل بتعقل والتزم بالخلق الكريم … وإلا لكان ضحايا الكنابي ملايين الأنفس .

موضوع الكنابي هذا أمر خطير لكن يمكن تجاوزه بالحكمة والحزم . فالدعوة للمصالحة أفضل من الدعوة للإنتقام ، وتنفيذ القانون على الجميع بعدالة وحزم يصرف الناس عن محاولة إسترداد حقوقهم بأيديهم .
كما يجب على الدولة أن يكون لها مواقف حازمة مع

الكيانات السياسية والجهوية والقبلية التي تحاول تحويل موضوع الكنابي إلى فتنة وصراع . وكذلك مع الدول مثل دولة الجنوب التي أطلقت يد مواطنيها للتعدي على السودانيين ، والرد على هذه الدولة الرد المناسب ،

ومساءلتها عن الذي فعله ويفعله مواطنوها من مشاركة سافرة في الحرب على بلدنا وشعبنا ، ومطالبتها بتسليمهم واسترداد المنهوبات الضخمة التي دخلت بلدهم .
لا يعقل أن يطلب من أحدهم إدارة خده الأيسر ليصفع بعد صفعه على خده الأيمن وأن لا يسمح له برد الصفعة إذا لم يقتص له القانون .

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى