محمد احمد مبروك يكتب : ديل يا برهان لازم يتحاكموا !!
![](https://i0.wp.com/alahdonline.net/wp-content/uploads/2022/01/عم-مبروك.jpg?fit=350%2C422&ssl=1)
سطور ملونة
ديل يا برهان لازم يتحاكموا !!
لاشك أن هؤلاء الساسة الذين خربوا النظام العدلى مجرمون يستحقون أدق المحاسبة وأشد العقاب الذي يتيحه القانون .
انظر ليس أشد ما يرعب النهب والسلب في الشوارع وفي رائعة النهار ووسط الجموع .. أو القتل والذبح والطعن بسبب وبلا سبب ، او بغرض السرقة والاغتصاب الذي طال الاطفال منذ الأربع سنوات ، ولم تعد بمأمن منه إمرأة أو طفل .. نعم كل هذا مرعب تقشعر منه الأبدان ، لكن المرعب أكثر هو أن تنهار المنظومة العدلية وتضعف قبضتها ، وتتراخي أو تكف يدها الباطشة .
أكبر جريمة شهدها تاريخ بلادنا الحديث هو ما جرى من تخريب في المنظومة العدلية ، شملت جهاز الأمن والشرطة والنيابة والقضاء نفسه .
أمتنا بنت عبر الزمن منظومة عدلية لا نقول إنها الأفضل في العالم ، لكن من المؤكد أنها تصنف في موضع متقدم ..
لقد ورثنا هيكلا للشرطة محكم البناء ، رفيع الإداء ، عميق الخبرة ، ناجح في الممارسة ، وله أخلاقيات وتقاليد راسخة . واستطاع جهاز الشرطة تحقيق الأمان للناس ، ومنع بأفضل صورة وقوع الجريمة ، وكشف غموض جرائم بالغة التعقيد ، وحمى المجتمع من شرور فساد الأخلاق ومداخل الإنحلال ، بمكافحة ٱفات المخدرات والخمور وتجارة البشر والتهريب ..
ودفعت الشرطة مقابل ذلك ارتالا من شهداء الواجب ، وعرقا وسهرا وعناء . في ظل شروط خدمة مجحفة وأوضاع سيئة ، وإمكانات محدودة سدوا فجوة النقص فيها بجهدهم وإبداعهم .
وكانت مهابة الشرطة كفيلة بمنع ارتكاب الجريمة وتقليلها إلى أدنى حد ، مما جعل من مجتمعنا واحدا من أعلى المجتمعات أمانا في العالم .
أنظر إلى القضاء والنيابة في بلادنا ، فهم مدرسة نهل منها القضاء والنيابة في معظم الدول العربية وكثير من دول العالم الثالث لا سيما الافارقة .
فقد تميز جهازنا القضائي بالحزم والنزاهة العالية ، والحكمة وسعة الأفق وعمق الإدراك .وتوارثوا هذه الصفات كابرا عن كابر ، وجيل يعقب جيلا ، فيحفظ الأمانة ويؤدي الرسالة إلى من يليه .
وهو قضاء واسع الخبرة عميق التجربة ، مشبع بأمانة روح القانون حافظ لنصوصه . وورث من سوابق الأحكام الموثقة المحفوظة علما غزيرا ، وشواهد وفيرة تصلح مرجعا تعليميا لقضاء الدنيا كله . وخاض تجارب فريدة صقلته وعددت مواهبه ، بدءا من القانون الإنجليزي ، ثم القانون الوضعي المحكم الرصين عقب الإستقلال ، ثم تنقية القوانين مما يخالف الشريعة ، ثم إضافة قوانين الشريعة الإسلامية التي لم تكن متضمنة ، وتطبيق كل هذه القوانين بكفاءة وإحكام .
ولم يعرف عن قضائنا فساد الأخلاق أو ضعف الأحكام . فهو محكوم بهيكل محكم رصين يجعل الإختلال داخله غير وارد .
ولهذا حظي بمهابة عند أفراد الشعب جميعا ، ولدي الدولة وقياداتها على تقلب وتغير الحكام وأنظمة الحكم ، ونال مكانة رفيعة في أنظمة القضاء في العالم ، ولم يجروء أحد في العالم في الطعن في كفاءته ونزاهة أحكامه .
وعند الحديث عن جهاز الأمن السوداني فإننا نتحدث عن جهاز رفيع المستوى ، محكم التنظيم ، متطور الأداء . وسبق في نشأته كثيرا من دول العالم الثالث من حيث تاريخ النشأة ومن حيث كفاءة الأداء . وبصرف النظر عن مسماه البوليس السري أو جهاز الامن او الأمن القومي أو أمن الدولة فإنه منظومة واحدة تعمل في هدف واحد ، وهو حماية أمن الوطن الداخلى في كل مناحي الحياة ، والأمن الخارجي في مواجهة أجهزة إستخبارات العالم . وقد أدى مهامه عبر عقود من الزمن بكفاءة عالية ونجاح كبير ، وأنجز أعمالا ضخمة ، وكون ذخيرة معلومات عظيمة الخطر ، ولم تتمكن أعتى أجهزة الإستخبارات من إختراقه .
وعند كل تغيير سياسي يعمد القادمون الجديد بشكل همجي هجوما على هذه الأجهزة وينسبونها للنظام ( البائد ) عبود أو نميري او البشير دون تعقل في أن هذه الأجهزة منظومات وطنية لا يمكن أن يسلم الوطن او ينجو أفراد الشعب من الخطر بدونها . وتعيث الأيدي الجاهلة فسادا فيها . ولو لا قوة هذه المنظومات وإخلاص من فيها لإنهارت وانهار معها الوطن .
لا نقول أن هذه الأجهزة يعمرها ملائكة لا يخطئون لكن نقول لماذا لا نقدم للمحاكمة ( الشخص ) المفسد أو الذي تعدى على المواطنين ظلما او أقام بيت أشباح وتعذيب دون انسياق وراء ( دلوكة ) المغرضين والمهولين ، وناشري الأكاذيب والإتهامات الباطلة التي لا تسندها وقائع . ونترك القضاء يقتص من كل ظالم أو مجرم بالقصاص من جنس فعله ، أو بالعقاب الرادع الذي يستحقه جرمه ، أو بتبرئة ساحته إن كان بريئا ..
الٱن تسربت من الأضابير معلومات في غاية الخطورة عبر عملاء من الداخل وعبر سهولة إختراق أجهزة أصبحت الدولة وحاضنتها السياسية تهاجمها وتعاديها وتعتبرها خصما .
إن الذي جرى يجب أن لا يمر مرور الكرام حيث لا يعقل ان يفلت من العقاب من زعزع استقرار القضاء وفصل القضاة بكل مهابتهم وكأنهم عمال يومية في مزرعة جلابي ، وفصل رجال النيابة وهو لا يملك حقا في ذلك ولا يصل كعب أقدامهم ، وفصل رجال الشرطة . ولا يكفي إبطال هذه الأحكام أو إعادة المفصولين لأن هذه جريمة تتقاصر دونها كل الجرائم وينبغى أن يحاكم مجرموها.
محمد أحمد مبروك