مقالات

محمد احمد مبروك يكتب : ديل يا برهان لازم يتحاكموا !!

سطور ملونة

ديل يا برهان لازم يتحاكموا !!

لاشك أن هؤلاء الساسة الذين خربوا النظام العدلى مجرمون يستحقون أدق المحاسبة وأشد العقاب الذي يتيحه القانون .
انظر ليس أشد ما يرعب النهب والسلب في الشوارع وفي رائعة النهار ووسط الجموع .. أو القتل والذبح والطعن بسبب وبلا سبب ، او بغرض السرقة والاغتصاب الذي طال الاطفال منذ الأربع سنوات ، ولم تعد بمأمن منه إمرأة أو طفل .. نعم كل هذا مرعب تقشعر منه الأبدان ، لكن المرعب أكثر هو أن تنهار المنظومة العدلية وتضعف قبضتها ، وتتراخي أو تكف يدها الباطشة .
أكبر جريمة شهدها تاريخ بلادنا الحديث هو ما جرى من تخريب في المنظومة العدلية ، شملت جهاز الأمن والشرطة والنيابة والقضاء نفسه .
أمتنا بنت عبر الزمن منظومة عدلية لا نقول إنها الأفضل في العالم ، لكن من المؤكد أنها تصنف في موضع متقدم ..
لقد ورثنا هيكلا للشرطة محكم البناء ، رفيع الإداء ، عميق الخبرة ، ناجح في الممارسة ، وله أخلاقيات وتقاليد راسخة . واستطاع جهاز الشرطة تحقيق الأمان للناس ، ومنع بأفضل صورة وقوع الجريمة ، وكشف غموض جرائم بالغة التعقيد ، وحمى المجتمع من شرور فساد الأخلاق ومداخل الإنحلال ، بمكافحة ٱفات المخدرات والخمور وتجارة البشر والتهريب ..
ودفعت الشرطة مقابل ذلك ارتالا من شهداء الواجب ، وعرقا وسهرا وعناء . في ظل شروط خدمة مجحفة وأوضاع سيئة ، وإمكانات محدودة سدوا فجوة النقص فيها بجهدهم وإبداعهم .
وكانت مهابة الشرطة كفيلة بمنع ارتكاب الجريمة وتقليلها إلى أدنى حد ، مما جعل من مجتمعنا واحدا من أعلى المجتمعات أمانا في العالم .
أنظر إلى القضاء والنيابة في بلادنا ، فهم مدرسة نهل منها القضاء والنيابة في معظم الدول العربية وكثير من دول العالم الثالث لا سيما الافارقة .
فقد تميز جهازنا القضائي بالحزم والنزاهة العالية ، والحكمة وسعة الأفق وعمق الإدراك .وتوارثوا هذه الصفات كابرا عن كابر ، وجيل يعقب جيلا ، فيحفظ الأمانة ويؤدي الرسالة إلى من يليه .
وهو قضاء واسع الخبرة عميق التجربة ، مشبع بأمانة روح القانون حافظ لنصوصه . وورث من سوابق الأحكام الموثقة المحفوظة علما غزيرا ، وشواهد وفيرة تصلح مرجعا تعليميا لقضاء الدنيا كله . وخاض تجارب فريدة صقلته وعددت مواهبه ، بدءا من القانون الإنجليزي ، ثم القانون الوضعي المحكم الرصين عقب الإستقلال ، ثم تنقية القوانين مما يخالف الشريعة ، ثم إضافة قوانين الشريعة الإسلامية التي لم تكن متضمنة ، وتطبيق كل هذه القوانين بكفاءة وإحكام .
ولم يعرف عن قضائنا فساد الأخلاق أو ضعف الأحكام . فهو محكوم بهيكل محكم رصين يجعل الإختلال داخله غير وارد .
ولهذا حظي بمهابة عند أفراد الشعب جميعا ، ولدي الدولة وقياداتها على تقلب وتغير الحكام وأنظمة الحكم ، ونال مكانة رفيعة في أنظمة القضاء في العالم ، ولم يجروء أحد في العالم في الطعن في كفاءته ونزاهة أحكامه .
وعند الحديث عن جهاز الأمن السوداني فإننا نتحدث عن جهاز رفيع المستوى ، محكم التنظيم ، متطور الأداء . وسبق في نشأته كثيرا من دول العالم الثالث من حيث تاريخ النشأة ومن حيث كفاءة الأداء . وبصرف النظر عن مسماه البوليس السري أو جهاز الامن او الأمن القومي أو أمن الدولة فإنه منظومة واحدة تعمل في هدف واحد ، وهو حماية أمن الوطن الداخلى في كل مناحي الحياة ، والأمن الخارجي في مواجهة أجهزة إستخبارات العالم . وقد أدى مهامه عبر عقود من الزمن بكفاءة عالية ونجاح كبير ، وأنجز أعمالا ضخمة ، وكون ذخيرة معلومات عظيمة الخطر ، ولم تتمكن أعتى أجهزة الإستخبارات من إختراقه .
وعند كل تغيير سياسي يعمد القادمون الجديد بشكل همجي هجوما على هذه الأجهزة وينسبونها للنظام ( البائد ) عبود أو نميري او البشير دون تعقل في أن هذه الأجهزة منظومات وطنية لا يمكن أن يسلم الوطن او ينجو أفراد الشعب من الخطر بدونها . وتعيث الأيدي الجاهلة فسادا فيها . ولو لا قوة هذه المنظومات وإخلاص من فيها لإنهارت وانهار معها الوطن .
لا نقول أن هذه الأجهزة يعمرها ملائكة لا يخطئون لكن نقول لماذا لا نقدم للمحاكمة ( الشخص ) المفسد أو الذي تعدى على المواطنين ظلما او أقام بيت أشباح وتعذيب دون انسياق وراء ( دلوكة ) المغرضين والمهولين ، وناشري الأكاذيب والإتهامات الباطلة التي لا تسندها وقائع . ونترك القضاء يقتص من كل ظالم أو مجرم بالقصاص من جنس فعله ، أو بالعقاب الرادع الذي يستحقه جرمه ، أو بتبرئة ساحته إن كان بريئا ..
الٱن تسربت من الأضابير معلومات في غاية الخطورة عبر عملاء من الداخل وعبر سهولة إختراق أجهزة أصبحت الدولة وحاضنتها السياسية تهاجمها وتعاديها وتعتبرها خصما .
إن الذي جرى يجب أن لا يمر مرور الكرام حيث لا يعقل ان يفلت من العقاب من زعزع استقرار القضاء وفصل القضاة بكل مهابتهم وكأنهم عمال يومية في مزرعة جلابي ، وفصل رجال النيابة وهو لا يملك حقا في ذلك ولا يصل كعب أقدامهم ، وفصل رجال الشرطة . ولا يكفي إبطال هذه الأحكام أو إعادة المفصولين لأن هذه جريمة تتقاصر دونها كل الجرائم وينبغى أن يحاكم مجرموها.

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى