مقالات

محمد احمد مبروك يكتب : حسابك غلط يا أخونا !!

سطور ملونة

حسابك غلط يا أخونا !!

إننا الٱن مثل الكفار الأغبياء الذين حكى عنهم الله سبحانه وتعالى . وكنت أتعجب عندما كنت أقرأ الٱية الكريمة ﴿ وَإِذْ قَالُوا۟ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ ولم يقولوا إن كان هذا هو الحق فاهدنا إليه . وكذلك قوم فرعون قالوا ﴿ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُوا۟ هُمُ ٱلْغَٰلِبِينَ ﴾ ولم يقولوا نتبع موسى إن كان الحق معه ونتبع السحرة إن كانوا على الحق .
هذه هي النية الخبيثة المبيتة التي عزم صاحبها أن لا يغير رأيه وهو متيقن أنه على باطل حتي لو كانت النتيجة ان تمطر عليه حجارة من السماء أو يأتيه العذاب الأليم !!
وانظر في مكونات كل الفرقاء في بلادنا وقد أخطأوا الحساب وجانبوا الحق وهم يعلمون .
ولنبدأ بقيادة الجيش والفريق البرهان .. هم يعلمون علم اليقين أن الذين يحركون الشارع ويناوئونهم إنما يعبر اغلبهم عن إستخبارات دول أجنبية معادية ويعملون وفق أجندات لاترمي لتحقيق مصالح شعب السودان . وبعضهم ينطلق من مصالح حزبية ترمي إلى تولي السلطة عن غير طريق الإنتخابات التي لن يحصلوا فيها على شيء . وبعضهم ينطلق من مصالح ذاتية يرتفع بها من حطيط المجتمع ومسغبة الحرمان والفقر إلى حاكم تغمره النعماء والجاه .
وكلهم لا يقبلون الحق إن كان موسى غالبا ؛ ولا يقبلون إلا أن يتنحى الجيش عن الحياة ؛ وتسلب منه هو نفسه الحياة ويتم تفكيكه وتمزيقه وتشتيته تحت مسمى إعادة الهيكلة أو غيره من خبيث المسمى ومأفون الأفكار . ويقام جيش بعقيدة جديدة سمتها الخنوع وقبول الهيمنة الأجنبية : والخضوع لانحلال المجتمع وانهيار قيمه ؛ وسقوط الاسلام وليس الإسلاميين فقط .
ويعلمون أيضا ان مناوئيهم أعدوا حفرة لسحل قيادات الجيش لا سيما البرهان ؛ هي الإبادة والتصفية العرقية في دارفور ومجزرة فض القيادة والإنقلاب على الشرعية فى ٢٥ أكتوبر والٱن قتل المتظاهرين ؛ واستمرار قتلهم بأية طريقة لتكبر الجريمة ويحق لهم يومها – إذا سقط البرهان في شرك التنحي عن السلطة او الخروج الٱمن – يحق لهم شنقه بدل تشريفه بطلقة رصاص يستحقها العسكريون كنهاية مشرفة .
وتعلم قيادة الجيش ان هذه المكونات لن ترضى بغير ذلك ؛ وترفض التفاوض والحوار من حيث المبدأ حتى لو كان الحوار يفضي إلى ما يريدون .
والأحزاب المعادية للإسلام في ذاته كالشيوعيين والبعثيين والجمهوريين أخطأت الحساب بشكل فادح ؛ فقد تصورت أنها تستطيع تحويل نقمة الشارع على نظام البشير إلى نقمة على الكيزان كمرحلة أولى ؛ثم نقمة على الإسلاميين ثم نقمة على الإسلام نفسه . وقد استبينت المراحل الثلاث جلية دون مواربة .
والخطأ الجوهري في حسابهم هو أنهم استخفوا بالوعي الشعبي واستهانوا بالثوابت عند شعب السودان وظنوا أنه يمكنهم اقتلاع الإسلام ؛ فكانت النتيجة تنبيه الشعب السوداني لخطورة هذا الاتجاه على العقيدة والمجتمع ؛ وعكسوا النظرة العدائية للاسلاميين وحتى للكيزان وحتى لنظام البشير على فساده وعلات تكوينه إلى نظرة تقدير وتفضيل لهم .
وأيقظوا بذلك الكيانات القبلية التي هي في الحقيقة أقوى المكونات في تركيبة المجتمع السوداني فتهيأت للمواجهة ؛ وأعدت لنفسها العدة و( العدة ) بضم العين وكسرها .
وهم بذلك خسروا المعركة قبل أن تبدأ لأن الخيارين لم يعودا في صالحهما : فإن كانت إنتخابات خسروها لا محالة لصالح التيار الإسلامي وإن كانت مواجهة مسلحة خسروها لصالح نفس الإتجاه الذي يضم أضخم قاعدة منظمة عسكريا مدربة جربت الحرب ولهم عقيدة قتالية يحاربون من أجلها . وهم وإن لم يكونوا قد انتظموا في تنظيم إلا أنه معلوم لكل ذي بصر أنهم يمكن أن ينتظموا في سويعات .
وأخطأت الأحزاب التقليدية المتهالكة لأنها لم تقرأ خارطة قاعدتها الحقيقية فظلت متوهمة أنها تقود قاعدة جرارة من الأتباع العميان الذين يصوتون لمرشح ( سيدي ) ولو كان حمارا . وأن طوفانا مر من تحت الجسر وأن أبناء الاتباع الراحلين درسوا في الجامعات واستناروا واصبحوا يطالبون بفكر مستنير يعالج قضاياهم وقضايا العصر ولم يعودوا مؤمنين ( ببركة ) الأسياد وتهويمات غيبياتهم . وسيكتشفون عند أول محك سواء أكان إنتخابات أم مواجهة أنهم يجلسون على ( الحديدة ) ؛ وربما كانت حديدة ساخنة تحرق حيث يجلسون .
وأخطأوا عندما حسبوا أنهم يكسبون بركوب الموجة الصاعدة فركبوا مع نظام البشير وركبوا مع القيادة العسكرية بعده وركبوا مع قحت . لكنهم بذلك شاركوا في إثم كل هؤلاء ولم ينالوا من المكاسب شيئا .
وأخطأ الاسلاميون والكيزان عندما اكتفوا بمعارضة ناعمة للبشير عندما خرج على جماعتهم وجانب طريقهم وانحرف بمسيرة الدولة ونظام الحكم ومكن للفساد والمفسدين . وأخطأوا عندما أكتفى أغلبهم بإعتزال العمل السياسي والجلوس في مقاعد المتفرجين مما جعل أهل النظام يسمونهم جماعة الرصيف .
وأخطأوا عندما بلغ الأمر ذروته وكان لا بد من خلع البشير بأنهم لم يستولوا على السلطة ويخلعوا البشير هم ويقيموا ثورة تصحيحية حقيقية .
وأخطأ إخوان وأشقاء عرب بأن ركبوا سرج أعداء السودان والإسلام فوسعوا الشقة بين السودانيين وتركوهم نهبا لمؤامرات دول الاستبداد العالمي بل شاركوا فيها . وأخطأ بعضهم بانتهاز فرصة انهيار الدولة السودانية بأن هرعوا لنهب ثرواته وتخريب اقتصاده في بجاحة ؛ وهم لا يشعرون أن شعب السودان لن يغفر لهم ذلك وسيأتي يوم يرد لهم فيه الصاع عشرة .

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى