مقالات

محمد احمد مبروك يكتب : اصحى يا ترس !!!

سطور ملونة

اصحى يا ترس !!!

لا يمكن ان يختلف عاقلان على أهداف الثورة في الحرية والسلام والعدالة …
لكن ما أبشع الحلة التي ألبسوها ثورة الشعب الهادفة لتحقيق هذه الشعارات العظيمة .
مشاهد صادمة تثير الحفيظة وتملأ النفس بالغضب ؛ تمارس بإسم الثورة ؛ وتصرفات أقل ما يمكن أن توصف به أنها خاطئة ؛ وممارسات همجية بعيدة تماما عن الخلق القويم والأدب في السلوك .
المدهش أن هذا السلوك الخاطيء الرديء لا يقود إلى تحقيق أهداف الثورة سواء أكانت أهدافها الأصيلة في الحرية والسلام والعدالة أم الأهدف التي تولدت مؤخرا ثم تقزمت ثم ازدادت تقزما لتنحصر في إسقاط عبد الفتاح البرهان دون أن تكون هناك نظرة لأهداف الثورة الأصلية .
انظر إلى نهج الحراك السائد الٱن كصور حقيقية عايشها كل قاطن أو زائر لعاصمة البلاد :
* صبية دون الخمسة عددا ودون الخامسة عشرة عمرا ينزعون بلاط الشوارع والانترلوك وحواجز الرصيف يقيمون ترسا يمنع مرور المواطنين . وإذا تجرأ أحد بطلب العبور بذلة وانكسار كان نصيبه الحجارة تهشم زجاج سيارته وحجارة لفظية من فاحش الشتم وبذي الخطاب .
* اطارات مشتعلة ليس في الشوارع المؤدية إلى مكتب البرهان إنما في شوارع الأحياء والشوارع المؤدية إلى المستشفيات وأماكن العمل والأسواق .تبعث الدخان المؤذي وكأنه البمبان لكنه يستهدف المواطنين داخل بيوتهم ولا يصل ألى الوزراء وأعضاء مجلس السيادة .
* مجموعة من الشباب الثوار يسقطون اعمدة إنارة الشوارع بهدف إقامة الترس وحتى إشارات المرور الضوئية .
* ثوار هائجون يتجمعون يهزون لافتة عملاقة طولها اربعين مترا وارتفاعها خمسة عشر مترا ثم يسقطونها لتغلق الشارع . هذه اللافتة ليست لافتة تخص قائد الجيش او مجلس السيادة إنما هي ملك لمواطن صاحب شركة وهو من كبار المنتجين .. أكرر المنتجين .. يعلن عن منتجاته . وقد كلفته ما لا يقل عن خمسة ملايين جنيه ( يعني خمسة مليار ) .
* ثوار يهشمون واجهات محلات تجارية وبعضهم يعتدي عليها بالنهب .
* كتابات بخطوط سيئة ومعان فجة ولغة ركيكة لا علاقة بينها وبين قواعد الإملاء العادية تشوه الجدران واسوار المنازل وحتى حوائط الصيدليات والمستشفيات والمدارس .
* أجهزة الدولة تغلق الكباري وبعض الشوارع ؛ لكن هذا الإغلاق لا يحول بين المتظاهرين والحركة . اللهم إلا من تقليل ( الوارد ) الى وسط الخرطوم . لكنه يمنع المواطنين من حقهم في الحركة وحقهم في الوصول إلى مقار أعمالهم .
يدور رأسك لتعرف من المخطيء ومن المسئول ؛ لكنك في النهاية لن تجد من وفق إلى الحق والصواب .
بالنسبة للثوار كيف يمكنني إعتبارك ثائرا محترما واتعاطف معك وانت تخرب الشوارع وتتعدي بالخراب على منشٱت عامة بنيت من عرق الشعب ودمه ؛ ودفعنا من مالنا وضرائبنا ثمنها . وأنت تغلق أمامي الشارع وانا مواطن عادي من مؤيدي الثورة ؛ وربما من صناعها والمشاركين فيها . وبذلك تعطل مصالحي وتوقف مصادر رزقي .
ان هذا الترس لا يحول بين سيارات القوات النظامية والوصول إلى ما تريد . ولاتعوق التاتشرات وحاملات الجنود . ولا تحول بين البرهان وأعضاء مجلس السيادة والوصول إلى مكاتبهم أو بيوتهم أو أي مكان يريدونه . ولا تمثل ضغطا على السلطة لأن نتائج هذه التروس أصبحت إيجابية لمصلحة السلطة الحاكمة حيث سحبت بساط تأييد الغالبية من تحت أقدام المتظاهرين ؛ والٱن وصلوا مرحلة السخط والكره لهذه الممارسات وممارسيها . والخطير أن الناس اصبحوا على شفير حافة المواجهة معهم والتحول إلى خطوة عملية لإزالة التروس بالقوة مما ينذر بخطر مواجهة لا تحمد عقباه ويجب تداركه .
وهنا يتوجه سؤال منطقي للسلطة السياسية والتنفيذية وجهاز الأمن والشرطة والنيابة العامة والقضاء والقوات المسلحة :
ما هو حكم القانون من الذي يغلق الشارع ويقطع الطريق أمام مستخدميه ؛ ويخرب المنشٱت العامة ؛ ويدمر مكونات رصف الشارع ؛ ويقف شامخ الرأس أمام تخريبه هذا المسمى ( ترس ) .
وهل هذا يعني أنه يحق لكل مواطن أن يحظر التجول لأي منطقة ويمنع المرور فيها .
يعني إذا خرجت انا وحفيدي عبد المجيد إلى شارع الجمهورية مثلا وخلعنا رصيف الشارع والانترلوك وكسرنا عمود الإنارة لنمنع مرور السيارات هل يمكن أن تسألنا أي جهة او تمنعنا من ممارسة حقنا في الترس وأن نمنع مرور السيارات وإلا أمطرناها بوابل من حجارة ؟
لا شك أن واحدا من أهم أهداف الثورة حرية التعبير والحق في التظاهر والمطالبة بإسقاط السلطة أو أي هدف سياسي مشروع . لكن يجب أن لا تتعدي حريتك إلى حرية الٱخرين ويجب الإلتزام بالقانون كله والسلمية التي ليس منها التعدي على المواطنين او إغلاق الشوارع او تخريب المنشٱت العامة والخاصة ؛ أو قتل المتظاهرين لتشويه سمعة أجهزة الدولة كما فعل منسوب الحزب الشيوعي في مدني او من الذين ضبطوا مسلحين خلف المتظاهرين .
ويجب أن يكون معلوما أن أجهزة الدولة من حقها إستخدام القوة المناسبة مع حجم الخطر بما في ذلك إطلاق الرصاص الحي . لكن هذا الحق ليس مطلقا إنما هو محكوم بقوانين صارمة وتقديرات إنسانية وحسن تصرف حتى مع مخالفى القانون والسعي لحماية أرواحهم حتى من أنفسهم .
ويجب أن تكون هناك خطوات قانونية حازمة وواضحة ومعلنة في كل حالة قتل أو إعتداء أو إصابة لمواطن او لفرد من الأجهزة الأمنية والوصول إلى الفاعل الحقيقي . وهذا من أوجب واجبات الدولة .

محمد أحمد مبروك

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى