محمد احمد عبدالقادر يكتب: فى الذكرى الخمسين لتأسيس هيئة الموانئ البحرية ١٩٧٤ _ ٢٠٢٤ الحلقة الثانية مدراء الموانئ …ما لهم و ما عليهم و حكاياتى معهم الحزء السادس

محمد احمد عبدالقادر يكتب: فى الذكرى الخمسين لتأسيس هيئة الموانئ البحرية
١٩٧٤ _ ٢٠٢٤ الحلقة الثانية مدراء الموانئ …ما لهم و ما عليهم و حكاياتى معهم الحزء السادس
ذات يوم فى منتصف ذلك العام قلت لمدير ھيئة الموانئ الدكتور جلال شلية ( انت عارف اول السنة البعد الجاية ديك ميناء سواكن دا بتم خمسة و عشرين سنة و دى فرصة ممتازة نعمل احتفال كبير باليوبيل الفضى . فى حاجات تحتاج تجھيز قبل سنة ونص و تانية قبل سنة و كدا عشان يكون احتفال عندھ مردود و حدث غير مسبوق ) … الرجل (اصغى و رنا ) ثم أثنى على ثناءا عظيما . و طلب إعداد مذكرة بھذا الخصوص . قمت بكتابة عدة مذكرات. لكل برنامج مذكرة خاصة بھ .
* المذكرة الاولى كانت عن السنيما… استنادا على ان اول فلم سينمائي سودانى كان عن سواكن… بعده ظھرت العديد من الأفلام السينمائية و التليفزيونية. تجمع و يضاف اليھا فلم تنتجه الھيئة عن التطور الذى حدث بالمدينة بعد إفتتاح الميناء . تعرض مع أفلام اخرى فى مهرجان سواكن السينمائى.
* المذكرة الثانية كانت عن المسرح … استنادا على ان الحركة المسرحية السودانية كانت انطلاقتها الاولى من سواكن … ينظم موسم مسرحى تشارك فيه فرق من كل أنحاء السودان. و لھذا الغرض يبنى مسرح ھو الأكبر و الأحدث بشرق السودان . تعرض فيھ تلك المسرحيات .و يكون الموقع الرئيسى للاحتفال باليوبيل الفضى للميناء . وبعدھ يكون بمثابة ھدية من الھيئة للمدينة .
* المذكرة الثالثة كانت عن الفن التشكيلي…استنادا على ان كلية الفنون الجميلة منذ بداية عھدھا الاول كانت تنظم رحلات سنوية منتظمة لمدينة سواكن … تقوم حملة لتجميع اكبر عدد من اللوحات التى رسمھا الطلاب طوال ھذھ السنوات لتعرض بقاعة الصداقة ثم تنقل الى بورسودان.
* المذكرة الرابعة كانت عن الغناء … استنادا على ان امير الفنانين السودانيين عبد الكريم الكابلى ھو ابن أصيل لسواكن … حزن السودانيون عندما ھاجر إلى أمريكا. و زاد حزنھم عندما منح الجنسية الأمريكية. و كانوا يتطلعون لعودته …الكابلى ھو ضيف شرف الاحتفال … الكابلى الذى لم يغنى لسواكن و لا لبورسودان . سيشارك فى ھذھ المناسبة بأغنية ( قلية بن ) التى يغنى فيھا لسواكن و بورسودان و عدد من مدن الشرق … مشاركة الكابلى بعد غياب طويل ھى اكبر حزمة ضوء تسلط على ھذھ المناسبة …ھذا بالاضافة الى انتاج العديد من الاغنيات الجديدة عن سواكن لفنانين كبار .
* المذكرة الخامسة كانت عن الأدب… تضمنت طباعة ديوان يحتوى على القصائد الكثيرة التى كتبت عن سواكن بالاضافة الى عدد من الكتب التى تناولت تاريخھا و جوانب الحياة الأخرى فيھا… حوالى عشرة عناوين جديدة … تعرض مع الكتب القديمة عن سواكن و كتب أخرى. فى معرض الكتاب السواكنى الذى يقام بالخرطوم و بورسودان .
* كل تلك المذكرات وقع عليھا مدير الھيئة الدكتور جلال شلية بالقلم الأحمر موافقا . و اعطانى الضوء الاخضر للانطلاق .
* الزميل و الصديق العزيز الصحفى عصمت معتصم ھو من تولى التواصل مع الفنان الكابلى. و أخذ منھ الموافقة بالحضور و المشاركة فى ھذا الاحتفال . عصمت كان يتابع البروفات التى تتم فى أمريكا لتلك الاغنية بصوت شاب من الشرق يقيم ھناك . وصف الكابلى صوتھ بانھ من أجمل الاصوات .
* حضرت الى الخرطوم و كان الإتصال الاول بكلية الدراما . حيث التقيت بالدكتور عادل حربى الدرامى و الاكاديمي البارز . الذى ابدى حماس منقطع النظير لھذا المشروع …حماسھ يجعلنى اذكرھ كثيرا بان ھذھ مجرد اتصالات اولية . و ان ھذا الامر قد لا يتم . حتى امتص حماسھ الزائد… الدكتور و الفنان حربى لم يكتفى بدوره فى الترتيب لجانب المسرحى. بل شرع فى وضع المواصفات الفنية للمسرح الذى سيبنى فى سواكن و فق احدث طراز . و تبنى الأعداد و الإشراف على لوحة
الافتتاح بصورة أفضل من تجربته فى لوحة افتتاح مھرحان الخرطوم عاصمة الثقافة العربية… عدة مرات حضر حربى الى مكتبى مرة ليطلعنى على تصميمات المسرح و مرة ليعرض على تصورھ لحفل الافتتاح و مرة دعانى لمنزلھ بالعرضة للتفاكر بعيدا عن جو المكتب … حماس غير عادى … الزميل و الفنان عادل مسلم شاھد عليه و حاضر لكل تفاصيله.
* مسؤول كبير بشركة الاتصالات الكبيرة و القريبة من مكتب الموانى بالخرطوم . أكد لى استعدادهم لرعاية ھذا الاحتفال بما يقارب نصف التكلفة التقديرية الاولية.
* بكلية الفنون الجميلة التقيت برئيس قسم التلوين . و بحكم قرب الكلية من مكتبنا ترددت عليه عدة مرات بعد ان رحب بالفكرة و ابدى استعداد الكلية فى تنفيذ الجانب الذى يليھا . و ھو من اقترح تنظيم مسابقة لتصميم شعار الإحتفال . و شرع فى حصر الفنانين الذين لديھم لوحات مميزة لسواكن .
* حئتھ ذات يوم. قابلنى بفتور واضح و قال بجفاء لم اعھدھ منھ ( جيب لينا خطاب رسمى أنك مكلف بمتابعة ھذھ المواضيع معنا ) …ادركت ان الأمر قد انتھى …و ان اكبر حدث ثقافى على ساحل البحر الأحمر قد اجھض …اجھضھ ذات الحاقد الذى اجھض قبلھ المجلة البحرية السودانية و بعدھ مجلة مسامريت .
* دخلت ذات يوم لمكتب مديرنا بالخرطوم لأجد مدير الھيئة الدكتور جلال شلية و حولھ مجموعة من كبار المسؤولين … ما ان رآني حتى بادر بالسؤال ( قريت الكلام الفى الجرايد الليلة ) اجبت بالنفى فقال ( بالله اقراھ و قول لى رأيك) ھنا قال احد الحاضرين ( اذا اتتنى مذمة من ناقص …لم يكمل ) عندما اطلعت على صحف ذلك اليوم وجدت مقالا ( غضبان اسفا ) كتبھ الكابتن محمود الحبر وجھ فيھ انتقادات شديدة لمدير الھيئة … لفت نظرى ان المقال نفسھ منشور فى
صحيفتين . و فى ذات اليوم . و ھذا أمر نادر الحدوث … آخر المقال عرف الكاتب نفسھ بانھ مسؤول ملف الموانئ بالأمم المتحدة.
* اول ما خطر ببالى قول ذلك المسؤول ( اذا اتتك مذمة من ناقص ) . ھل يعقل ان يكون شخص يقول و فى جريدة انھ مسؤول ملف الموانئ بالأمم المتحدة. و لھ القدرة على نشر مقالھ في صحيفتين و فى نفس اليوم .يوصف بأنه ناقص …استشعرت خطورة الامور و تعاملت معه بأقصى درجات الاهتمام… كان لابد من معرفة الخلفيات التى جعلت كاتب المقال يغضب كل ذلك الغضب … اخى و صديقى عبدالله الشيخ الامين العام لمجلس إدارة الخطوط البحرية ھو من وضعنى فى الصورة تماما .
* الكابتن محمود الحبر من أوائل الضباط البحريين السودانيين…لم يعمل بالسودان …لھ خبرة كبيرة في ھذا المجال . و تربطه صلة قرابة بشخصية نافذة بالمجلس الوطني. ھى من وجهت لھ الدعوة لتقديم محاضرة بالقاعة الخضراء بالمجلس الوطني عن مشاكل النقل البحرى بالسودان … و بما ان مدير ھيئة الموانئ يعتبر أكبر و اھم شخصية بحرية بالبلاد وجھت لھ الدعوة بالحضور من بورسودان و المشاركة فى ھذا المنشط … حضر جلال و اتيحت لھ اول فرصة للتعليق على المحاضرة …جلال اكتفى بتقديم الدعوة للمحاضر لزيارة بور سودان. و غادر القاعة …ھذا ھو السبب لكل ذلك الغضب .
* تيقنت ان تصرف مديرنا لم يكن موفقا . و ان كاتب المقالين يمكن ان يسبب لنا متاعب إعلامية نحن فى غنى عنھا … ( اعلام التنافسية ليس لھ رقبة لھكذا شعر ) … لا سبيل الا الاعتذار للكاتب و بأشد العبارات . لامتصاص غضبھ و تحييدھ …قمت بكتابة الرد الاعتذارى بالصورة و الأسلوب الذي يحقق الغرض الذى انشدھ . و كان بعنوان ( حبر الموانئ… لك العتبى حتى ترضى )… ساورنى الشك ان المدير لن يقبل ان يكون الرد بھذا الاسلوب . او على الأقل يجرى بعض التعديل .
* خاب ظنى عندما وأفق المدير على نشر الاعتذار دون تعديل كلمة واحدة … ھذا ھو مدير هيئة الموانئ الدكتور جلال شلية… متى ما عرف الحق يكون معھ .
و الى الجزء السابع و الأخير من ھذھ الحلقة.





