مقالات

محمد احمد عبدالقادر يكتب: فى الذكرى الخمسين لتأسيس هيئة الموانئ البحرية ١٩٧٤ _ ٢٠٢٤ الحلقة الثانية..مدراء الموانئ …ما لهم و ما عليهم و حكاياتى معهم الجزء الثالث

محمد احمد عبدالقادر يكتب: فى الذكرى الخمسين لتأسيس هيئة الموانئ البحرية
١٩٧٤ _ ٢٠٢٤ الحلقة الثانية..مدراء الموانئ …ما لهم و ما عليهم و حكاياتى معهم الجزء الثالث

 

 

 

ابدأ الحديث عن المهندس حمزه محمد عثمان الفاضلابى … المدير الخامس لهيئة الموانئ البحرية و ثانى مهندس يتولى هذا المنصب … بما قاله عنه عمنا الكبير خالد الصادق اونسة ( رئيس مجلس إلادارة المؤسس لهذه الهيئة ) عليه رحمة الله ( الفاضلابى دا حاجه تانية خالص ) . الراحل الكبير اعتدل فى جلسته و قال هذه الجملة البسيطة العميقة وهو يحرك يده… معبرا عن تقديره للفاضلابى بلغة الجسد و لغة الإشارة و لغة الكلام… بكلام اهلنا الطيبين ( الفاضلابى دا كوم براهو …رضا والدين ) … اما بكلام المثقفاتية ( الفاضلابى حالة

استثنائية متفردة حفتها عناية الاهية و توفيق ربانى ) …يعجبنى جدا ما قاله صديقى الشقيلى( الفاضلابى مدير بصفات صحابى ) .

* المهندس حمزة الفاضلابى عمل بهيئة الموانئ سنوات طويلة. تدرج فى الوظائف الى ان صار نائبا للمدير العام. ليتركها و يعمل وزيرا ولائيا بكسلا ثم القضارف… عاد الفاضلابى للهيئة مديرا عاما و وجد المهندس الذى كان قبله عمر محمد نور قد مهد الأرض و حرثها و غرسها بعد جدب و قحط أصابها…وجد الفاضلابى بعض الغرس اينع و حان قطافه . و البعض تفتحت ازهاره مختلفة الألوان تسر الناظرين

* أكثر من عقد امضاه الفاضلابى مديرا لهيئة الموانئ …عهده هو الأطول و الاحلى و الانضر… الرفاهية الوظيفية التى شهدتها الهيئة فى عهد الفاضلابى لم تشهدها من قبله و لا من بعده… الفاضلابى جعل أهل الموانئ يستمتعون بأفضل خدمة علاجية فى السودان… أكبر دعم قدمته الهيئة للمجتمع المحلى كان فى عهد الفاضلابى. الذى انتقل بهيئة الموانئ من ساحل البحر الأحمر . ليكون لها وجود على ضفاف النيل . فى الشمال و الوسط و الجنوب… ( الموانئ الخيرك عما و فاض كفى الأمة ) . هذا الشعار الشعرى الغنائي . لم يتحقق فى أرض الواقع إلا فى فترة الفاضلابى… فترة ثرة و ثرية خيرها غطى ثرى الموانئ و بلغ ثرياها.

* الفاضلابى هو المدير الوحيد للموانى الذى ترك الهيئة البحرية و الولاية الساحلية . و ظل اسمه محفورا فى أرصفة الميناء و منقوشا فى احياء المدينة بأحرف من نور و كلمات من ذهب… و سيظل باقيا فى ضمير و وجدان مجتمع البحر الأحمر معلما انسانيا و اداريا مخلصا و مباركا … تحمل إسمه عدة مرافق خدمية… الطريق الرئيسى المؤدى إلى الميناء يحمل اسم الفاضلابى… هذه التسمية جاءت بمبادرة من منظمة بورسودان مدينتى تقديرا و عرفانا له .

* الفترة الطويلة التي أمضاها الفاضلابى فى منصب مدير الموانئ . و الخدمات الكبيرة و الجليلة التى قدمها للناس… كل الناس بلا منٌا و لا أذى… جعلت منه قبلة للأنظار . و وجهة للآمال … و صار نجما مجتمعيا و رمزا تتزين به المناسبات…الفاضلابى الزاهد فى الظهور الكاره الاضواء اتته النجومية صاغرة تحمل اضواءها. وهو عنها مُعرض … الموقف الشخصى للرجل من الإعلام أضاع للهيئة فرص ممتازة لعمل اعلامى كبير و مؤثر .

* إبان فترة الفاضلابى مرت الذكرى المئوية لإنشاء ميناء بورسودان. وهى مناسبة بكل المقاييس جديرة بالاحتفال و الاحتفاء بها… الفاضلابى غير الميال للزخرف و البهرجة. عمل بنصيحة فى هذا الخصوص قالها له الشيخ عبد الحى يوسف. فاختزل الأمر و اختصره كله فى إصدار كتاب يحكى تاريخ ميناء بورسودان… الزميل أحمد عبد الرحمن عثمان عليه رحمة الله بذل جهدا مقدرا فى تجميع مادة الكتاب. إلا أنه فى النهاية لم يكن فى مستوى المناسبة.

* بعد أخذ و رد و بعض الإلحاح منى. وافق الفاضلابى ان ترى مذكراته النور… هذه الموافقة اعتبرها تكريم من الفاضلابى لشخصى و تشريف لى… كان بوسعه ان يرفض … يرفضه تكون قد ضاعت منى فرصة لتقديم واحدة من افضل اعمالى الصحفية… الفاضلابى لن يكتب مذكراته بنفسه… انا من سيتولى كتابة مذكرات و ذكريات الفاضلابى… الفاضلابى لن يحكى مذكراته و يروى ذكرياته… انما يحكيها و يرويها عنه أهل الفضل الذين عايشوا افضال الفاضلابى و عرفوا وفضائله .

* الفاضلابى من نفر عمروا المينا و اين ما عملوا… نفر عندما أتحدث او اكتب عنهم يعترينى ما يعترى الفنان عندما يغنى… شىء من نشوى و نذر من طرب… ( حمزة الفاضلابى…حزمة فضائل ) سيكون بإذن الله إضافة جديدة في أسلوب و طريقة سرد و عرض سير فضلاء السودان… و هو أيضا لمسة وفاء منى لرجل وفى… اختم حديثى عنه بملمح من وفائه .

* المهندس حسن احمد حسن واحد من الأربعة العظام الذين يرجع إليهم الفضل من بعد الله فى تطوير هيئة الموانئ البحرية ( خالد اونسة و على عبدالرحيم و فيصل لطفى و حسن احمد حسن ) …جاء من مصلحة الأشغال ليشغل منصب مدير المشروعات الجديدة بهيئة الموانئ… مكتب الموانى الكائن الان فى قلب الخرطوم كان المنزل الحكومى المخصص له… تنازل الرجل بمحض ارادته ليكون ذلك المنزل الكبير فى ذلك الموقع المميز مكتبا دائما للهيئة بالخرطوم…انظروا الى هذا الايثار و هذه الشهامة. موقف ما اظن سبقه إليه أحد… الرجل لم يحتمل الاستمرار في العمل بالهيئة بعد تلك الصراعات العبثية التى افتعلتها تلك المجموعة اليسارية الصغيرة . و أطاحت برفاقه…ترك الهيئة و ذهب مديرا لجهاز تطوير و تعمير منطقة وادى حلفا التابع لوزارة الرى… كنت ازوره

بمكتبه غير البعيد من مكتب الموانى بالخرطوم… سألته ذات مرة من يتواصل معك من زملاء الموانئ… ذكر حمزة الفاضلابى و كمال منصور و لم يذكر أحدا غيرهم… المهندس حسن اول من انتقل إلى جوار ربه من أولئك الأربعة عليهم رحمة الله جميعا…شيع المهندس حسن فى أول النهار بمقابر فاروق على مرمى حجر من مكتب الموانى بالخرطوم …. خالد الصادق و فيصل لطفى كانا حاضرين… على عبدالرحيم كان بالخارج عندما عاد نعاه في صفحة كاملة بالصحف…من بين جموع المشيعين رأيت الشيخ محمد الأمين إسماعيل و الشيخ محمد عبد الكريم… و لم أرى من مكتب الموانى بالخرطوم غير الزميل عصام محمد احمد.

* حمزه الفاضلابى الوزير بحكومة نهر النيل تحرك فجرا من الدامر و لم يتوقف إلا فى مقابر فاروق… مشاركا في تشييع المهندس حسن احمد حسن الذى يستحق أن تعلن هيئة الموانئ الحداد لوفاته… الوفاء اندر شىء فى هيئة الموانى البحرية .

و الى الجزء الرابع من هذه الحلقة بإذن الله

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى