محمد احمد عبدالقادر يكتب : ..رجال من الساحل ( ٤ )..عمر إسماعيل:الصحفى الذى اعطى ولم يستبقى شيئا
محمد احمد عبدالقادر يكتب : ..رجال من الساحل ( ٤ )..عمر إسماعيل:الصحفى الذى اعطى ولم يستبقى شيئا
لو سُألت لن أتردد لحظة في الاجابة بأن عمر إسماعيل عبدالصادق هو كبير أساتذى فى مجال الصحافة… الإهتمام الذى وجدته منه هو أقصى ما يمكن أن يجده تلميذ من معلمه … و الرعاية التي احاطنى بها هى أقصى ما يرجوه حوار من شيخه .
* السؤال … لماذا وجدت من عمر إسماعيل كل ذلك الإهتمام و احاطنى بكل تلك الرعاية ؟ … عمر له إهتمام صحفى بشرق السودان بصورة عامة و منطقة البحر الأحمر بصفة خاصة . و كانت لى بعض المساهمات فى تناول قضايا البحر الأحمر عبر الصحف . قد يكون راى
فيها بعض البشريات فتعهدها بالرعاية و الإهتمام… و قد يطرأ سؤال … و لماذا يهتم عمر بالشرق و البحر الأحمر؟ هو إهتمام ينبع من أهمية المنطقة بالنسبة للسودان كله .
* قد يسأل سائل… إذن ماهى مظاهر إهتمام عمر إسماعيل بالشرق عامة و البحر الأحمر خاصة؟ هذا
السؤال قد تكون الاحابة علية صعبة بالشكل المباشر . سأختصر الأمر و اجيب عليه بسؤال عكسى … ما هو حجم تقدير أهل الشرق و مدى اعترافهم بالدور الذى قام به عمر اسماعيل ؟ و هذا ما سأفصله من خلال ما قام به الدكتور محمد بدرى ابوهدية اتحاه الصحفى عمر إسماعيل.
* قد لا يعرف البعض من هو محمد بدرى ابو هدية … هو بابكر بدرى شرق السودان … تشابه حتى فى الأسماء… تقارب فى الإسم الاول و تطابق فى الإسم الثانى… محمد بدرى يجد من أحفاد بابكر بدرى تقدير و إهتمام لا يجده اى شخص آخر من شرق السودان … تحمل إسمه إحدى
قاعات المحاضرات بجامعة الأحفاد… مذكرة صغيرة من ابوهدية كافية جدا للدراسة مجانا باى كلية من كليات جامعة الأحفاد ، التى منحت ابوهدية درجة الدكتوراة الفخرية قبل ان تمنحها له جامعة البحر الأحمر… و عند وفاته أقامت له الأحفاد صيوان عزاء و حفل تأبين … ذلك
هو الدكتور محمد بدرى ابوهدية عامل البرادة البسيط بورشة الحوض التابعة لهيئة الموانئ البحرية. الذى قدم للتعليم بشرق السودان ما لم يقدمة اى شخص آخر.
* رغم الشهرة الواسعة التى وجدها بابكر بدرى من خلال اهتمامه بالتعليم . إلا ان محمد بدرى يمتاز عليه فى بعض
الجوانب … بابكر بدرى كان اهتمامه منصبا على تعليم البنات و محمد بدرى كان اهتمامه بالتعليم للجميع… لم يعرف لبابكر بدرى إهتمام بالتعليم خارج البلاد . كما فعل محمد بدرى الذى يعود إليه الفضل من بعد الله فى ابتعاث أعداد مقدرة من أبناء الشرق للدراسة بالخارج . بعضهم شغل مناصب عليا بالدولة .
* محمد بدرى ابوهدية رجل بسيط لم تكن لديه أى إمكانيات مادية . و لكن كان له من القبول و الحضور و الجاذبية ما يجعل كل طلباته مجابة و جميع رغباته ملبية و كافة الابواب مفتوحة أمامه فى سعيه للنهوض بالتعليم فى شرق السودان … و لتحقيق غاياته كان يستعين بكل الوسائل و من بينها الصحافة … كانت له علاقات قوية و
صلات متينه مع الصحف و الصحفيين و فى مقدمتهم عمر إسماعيل… اذكر جاء محمد بدرى ( ابوهدية من الله ) كما يحلو لى ان اقول . فى زيارة لجريدة الوان… تحلقنا حوله مجموعة من الزملاء … مر بنا الصحفى كمال على
فقلت له ( يا كمال تعال سلم على ابوهدية ) . جاء كمال و سلم عليه قائلا ( ازيك يا عمى على ) . ظننا منه أنه والدة الصحفية هدية على .
* بفندق السفير بالخرطوم منتصف النهار قابلت الدكتور محمد بدرى ابوهدية مع مجموعة من قيادات البحر
الأحمر… لمعرفتى بمدى العلاقة بينه وبين الصحفى عمر إسماعيل قلت له ( الليله عرس عمر اسماعيل ) … ظهرت على وجهه علامات الاهتمام و هو يأخذ بيدى بعيدا و يقول ( الليله … الليله دى ) . ثم اخبرنى بانه قام بتجهيز
( لبسة سواكنية ) ليرتديها عمر فى ليلة ( الحنه ) و هذه اللبسة موجودة مع شخص بالخرطوم منذ عدة أشهر. وطلب منى مرافقته ليقضى بعض ( المشاوير ) بعدها نذهب إلى حيث توجد ( اللبسه ) و نأخذها و نذهب معا الى منزل عمر إسماعيل.
* اى شخص حدثه اى شخص بالطريقة التى حدثنى بها ابوهدية . مهما كانت ارتباطاته سيلغيها و يذهب معه … ذهبنا لعدة مواقع فى محيط منطقة السجانة هى داخليات لطلاب من شرق السودان … قبيل المغرب كنا
حيث كانت توجد اللبسة . ثم انطلقنا بها الى الحارة ( ١٣ ) الثورة . لنجد العريس عمر قد تهيأ للجلوس على سرير ( الحنه) … لا أظن أن عمر إسماعيل قد فرح بحضور أحد من الذين حضروا فرحه كفرحته بحضور ابو هدية … ما هى إلا دقائق قليلة و ظهر العريس مرتديا الزى السواكنى ( هدية ابو هدية ) .
* ظننت ان الأمر إلى هنا قد انتهى و علينا ان نغادر . ليفاجئنى ابو هدية برغبته فى البقاء حتى نهاية الحفل …رضخت للامر رغم الارهاق الشديد. و لم يكن من اللائق ترك رجل كبير فى السن قادم من الاقاليم يعود لوحده فى وقت متأخر من الليل من ذلك المكان البعيد . كما
استفذتنى حيوية ونشاط ابو هدية رغم الفارق الكبير في السن بيننا . الاستاذ محى الدين تيتاوى انقذنى من تلك الورطة بالتزامه باعادة ابوهدية إلى حيث يقيم بعربته ( المرسيدس ) .
* هذا الموقف الفردى النبيل من الدكتور محمد بدرى ابوهدية هو أبلغ دليل و تعبير عن تقدير أهل الشرق و اعترافهم بما قدمه لهم الصحفى عمر إسماعيل… ابوهدية لوحده يمثل اغلبية بالشرق و اغلبية ساحقة بالبحر
الاحمر … هذا إلى جانب رمزية الهدية و إختيار مناسبة تقديمها و تجهيزها قبل فترة طويلة و الحرص الشديد على تقديمها بنفسه . بالإضافة إلى الجهد البدنى الكبير الذى بذله ابوهدية فى يوم هذا التكريم الشرقى الهوى و الهوية .
* هيئة الموانئ البحرية هى اكبر مؤسسة بشرق السودان . كرمت الصحفى عمر إسماعيل بحديقة مكتبها بالخرطوم و سط حضور صحفى و بحضور إثنين هما اميز المدراء الذين مروا عليها ( على عبدالرحيم و حمزه الفاضلابى )
حيث قام الشيخ ابوعلى مجذوب رئيس مجلس إدارة الهيئة بتسليم الصحفى عمر إسماعيل درع فاخر عليه شعار الهيئة تكريما و تقديرا له … عمر اسماعيل هو الصحفى الوحيد الذى نال تكريما من هيئة الموانئ البحرية… كان تكريما كالسكر الا ان تكريم ابوهدية كان احلى و انضر .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وإلى حديث عن رجل اخر من الساحل بإذن الله.
حمزة الفاضلابى :
مهندس بصفات صحابى .