محمد أحمد مبروك يكتب هل خرط حميدتي يده من البرهان ؟؟!!
محمد أحمد مبروك يكتب هل خرط حميدتي يده من البرهان ؟؟!!
سطور ملونة
هل خرط حميدتي يده من البرهان ؟؟!!
رجل غاضب جدا تخرج الكلمات منه مدوية ملتهبة وهو يتحدث معي عن زيارة حميدتي لروسيا .. يتحدث وهو يمد إلى وجهي أصبع التهديد ، وهو يعلم انني لا علاقة لي بحميدتي أو البرهان أو وزارة الخارجية أو روسيا .. لكنه يبحث عن جهة يوجه إليها رسالته الغاضبة ..
مجمل ما أثار غضبة الرجل العارمة هو أنه يرى أن زيارة حميدتي لروسيا خطأ كبير ، وجهل بالسياسة الخارجية ، وأن حميدتي (علاقتو شنو) بشغل وزارة الخارجية ، وأن هذه الزيارة ستكون كارثة حقيقية في علاقتنا بأمريكا والغرب عموما . وبشرنا بالعقوبات من جديد ، والحصار الإقتصادي ، وسجل الدول الراعية للإرهاب . وأن هذه الزيارة هدمت كل جهود حمدوك في إعفاء الديون الخارجية ، ومساعدات امريكا ودول الغرب عموما .
حديثه الغاضب لا يثير غضبا مماثلا بقدر ما يثير الشفقة على سوء الفهم وضحالة التقدير .
جاء حديثه متزامنا مع إتهام مخيف نشرته بعض الوسائط ، مفاده أن البرهان أبدى تخوفه لدى المصريين من أن حميدتي يخطط لأن ينقلب عليه بمساعدة دول أخرى ، في إشارة إلى وجوده في روسيا .
ولنبدأ بموضوع إنقلاب حميدتي على البرهان :
أنظر هل يستقيم عقلا أن يستنجد البرهان بالمصريين في موضوع كهذا ، وتتسرب المعلومات حتى تنشر في العلن .؟؟ فإذا كان هناك أمر كهذا فإن القائد العام للجيش السوداني لا يجري إلى مصر .. لكنه يحرك منطقة الشجرة العسكرية ويغطي ساحات الخرطوم بالدبابات والمدرعات ويحرك القوات البرية لتضع يدها على كل المناطق الحيوية وهي قوات قادرة على حماية كل شبر بما في ذلك أكشاك تحويل الرصيد .. الله لا جاب يوما يتحرك فيه رجال جيش السودان القادر على إحتلال دول الجوار شرقنا وغربنا (بلا استثناء) . ولا أظنه يحتاج الى تحريك سلاح المظلات الرهيب ولا الطيران ولا المدفعية والصواريخ والراجمات والقوات والأسلحة الأخرى داهل الخرطوم أو يستدعي فرق الجيش الجبارة من أسود يرابطون خارج الخرطوم .
وهذا الحديث يصدق في مواجهة أي تهديد من من يحاول مواجهة قواتنا المسلحة .
لكن طبعا هذا حديث القصد منه واضح وهو محاولة زرع الفتنة بين قيادات البلاد وإشاعة حساسية بين رجال القوات المسلحة والدعم السريع . وهو سعي يجانبه الذكاء لأن المنظومة العسكرية بأكملها واعية بما يحاك ضدها وضد أمن الوطن عموما .
وعلى ذات النسق تم تصوير زيارة روسيا على أنه عمل يخص حميدتي !!! أليس هذا مضحكا .. وأليس هو أمر مؤسف أن تتبناه بعض الكيانات السياسية .. لكن دعنا (نفلفل) الموضوع بعقلانية وموضوعية ولتكن الصدور رحبة :
★ أولا هذه الزيارة زيارة لوفد يمثل دولة السودان يضم الوزراء الخمسة المختصين ويرأسه نائب رئيس مجلس السيادة . وتقوم سفارة السودان في روسيا بتنظيم الزيارة ومقابلاتها ومباحثاتها .
★ ثانيا : هذه الزيارة قامت بأجندة معلومة وبتوجيه وإشراف رئيس مجلس السيادة ووزارة الخارجية التي يضم الوفد وزيرها ، إضافة لوزراء المالية والصناعة والزراعة والنفط ورئيس الغرفة التجارية . ولم يقم بها حميدتي بإرادته هو خارج سلطان الدولة ، فهو لم يذهب إلى روسيا خارطا يده ، او ممثلا لقوات الدعم السريع . ولو كانت الزيارة من الدعم السريع لما قبلتها روسيا بدبلوماسييها العتاة لأن الدعم السريع جزء من القوات النظامية السودانية .
★ ثالثا : رغم ظروف روسيا المعلومة إلا أن الروس تعاملوا مع الوفد السوداني بإهتمام وجدية ، وعلى أرفع المستويات وتم التباحث في كل الشؤون التي تختص بتطوير العلاقات بين البلدين ، بما يحقق مصالحهما المشتركة .. وقد كنا نحن الكاسبين من هذه الزيارة ، فروسيا ليست بحاجة إلى دعم معنوي أو دبلوماسي من السودان . فموضوع أوكرانيا أكبر من كل دول العالم الثاني والثالث .
★ رابعا : كانت زيارة ناجحة بمعني الكلمة فإلى جانب الحكومة الروسية تم التباحث مع رجال الأعمال والشركات الروسية الذين سيستثمرون في السودان في مجال الأنتاج الزراعي والإنشاءات واللحوم والمشروعات الكهربائية . وتم التوافق على تطوير صناعات البترول وتكريره وتصديره وتصنيع منتجاته ، بما فى ذلك الموانيء . ومجالات أخرى في غاية الأهمية مثل تطوير أنظمة الري ، وصناعة الأسمدة ، وتطوير الخدمات الزراعية .
وعرض وفد السودان مجالات استثمارات للروس في تكنولوجيا النفط والغاز واقامة موانئ لتصدير وتكرير البترول و انشاء مصانع بتروكيماويات .. وفي الجانب الزراعي توفير نظم ري حديثة وتطوير التعدين والنقل والطرق وغيرها .
تم التوافق على كل ذلك وأعلن وزير خارجية روسيا عن أستعدادهم للشروع الفوري في وضع كل ذلك موضع التنفيذ . ولعل البعض يذكرون أنه كانت هناك لجنة وزارية دائمة تعني بتطوير علاقات البلدين لتكون فاعلة ونافذة . حيث تم الأن الإتفاق على قيام اللجنة الوزارية المشتركة .
قف هنيهة وأنظر إلى الخبث الأمريكي والغربي الذي ظل منذ سقوط نظام البشير يمد الجزرة على العصا ، وهو يمتطي حصان السودان . يمنينا بإعفاء الديون والدعم بشاحنات من الدولارات ، ليتمخض الأمر عن أن يدفع لهم حمدوك ٣٦٠ مليون دولار كفارة عن جريمة لم نرتكبها !!
طلبوا منا الركوع بل الانبطاح ، ودخول بيت الطاعة وفعل حمدوك كل ذلك ليتمخض الأمر عن (وعد) بأن تسجل بلادنا ضمن الدول الفقيرة العاجزة لينظروا هل يعفوننا من الديون بديون جديدة مركبة الفائدة أم لا !!
وانظر مليا إن الذي يجري في روسيا وفي أوكرانيا شؤون تخصها ، ولا نتدخل فيها ، وليس وزننا هو ما يرجح في صراع الدول العظمى .. ولم يتدخل السودان في شؤونهم الداخلية كما إحترمت روسيا مبدأ عدم التدخل في شؤوننا الداخلية . فمنذ نظام البشير وسقوطه لم يشاهد السفير الروسي في ساحات المظاهرات ، ولم تتحرك سفارته للتأثير في التيارات السياسية ، أو قيادة عمل تخريبى كما فعلت سفارات أمريكا وبريطانيا وفرنسا والسويد .
الزيارة بكل مقياس ناجحة والتوقيت في منتهى الذكاء !!!
محمد أحمد مبروك