محمد أحمد مبروك يكتب :هدنة ود حمير الغلطان !!
محمد أحمد مبروك يكتب :هدنة ود حمير الغلطان !!
سطور ملون
مجرد إقرار هدنة لمدة اربع وعشرين ساعة يعلن بوضوح لا شك فيه انسحاب المسهلين من وساطتهما وهناك حكاية الشعبية تقول :
إن رجلين يعملان في الزراعة أحدهما يلبس جلبابا وسروالا ومركوبا وطاقية والٱخر على مبعدة منه يلبس (شمارة) بضم الشين وتشديد الميم . جاء ثور هائج يجري فهجم على الأول لابس الجلباب فانطلق جاريا بسرعة
مفلتا من الثور . فالتفت الثور جاريا نحو الاخر الذي فوجيء فانطلق ليهرب فسقطت عنه الشمارة وجرى يعدو كالظليم عاريا كما ولدته أمه رحمها الله لكنه نجا بجلده حقا وتباعدت المسافة بينه وبين الثور فتوقف الثور يلهث .
ثالث كان يراقب فأنشد مخاطبا الثور بقوله :
انت يا (ود حمير) غلطان
مرق منك المكتسي ما بتلحق العريان !!
وينطبق هذا على هدنة الاربع والعشرين ساعة حيث لم تنفع هدنة العشرة أيام ولا هدنة الأسبوع ولا هدنة
الخمسة أيام فهل ستنفع هدنة اربع وعشرين ساعة !!
أرى ان المسهلين غلطوا (عند ذكر كلمة المسهلين لا أدري لماذا يتبادر إلى ذهني معنى من أصابه الإسهال) .
المتمردون ليس في وسعهم الالتزام بشروط الهدنة لأنه لا يمكنهم انهاء احتلال المستشفيات والمدارس ومحطات المياه وبيوت المواطنين التي يتحصنون بها لأنهم ان
فعلوا سيصبحون بعد انقضاء هذه السويعات في متناول ومرمى قصف الطيران وقذائف المدفعية والصواريخ كأهداف مشروعة سهلة الإصطياد وسيتم القضاء عليهم قضاء مبرما .
من وجه ٱخر فإن الجيش (سيتعامل) مع اي خروق للهدنة كما ذكر في بيانه الرسمي وسيجد انه بعد السادسة ودقيقة واحدة مواجها بخروقات المتمردين باحتلالهم المستشفيات والبيوت .
ومن جانب ٱخر كيف يتوقف المتمردون عن سلب عربات المواطنين ونهب ممتلكاتهم فبماذا يفرون وماذا يغنمون وهم عائدون لأهلهم بعد أن يئسوا من تحقيق أهداف الاستيلاء على السلطة واحتلال العاصمة وتنفيذ الإطاري مقطوع الطاري . فهذا هو أوان النهب لقوات يائسة هاربة لا عاصم لها من دين أو أخلاق أو سلوك متحضر ..
وأصبح واضحا أن (المسهلين) قررا الانسحاب بتذييلهما للاتفاق بقرار الانسحاب اذا لم يلتزم به الطرفان .
لكن لماذا تقرر الشرط على حالة عدم الالتزام ولم يلحق بتمديد للهدنة في حالة الالتزام او منح الملتزمين جائزة .
وهل الاربع والعشرين ساعة كافية لايصال المساعدات الانسانية وفتح الممرات الٱمنة وتيسير حياة الشعب السوداني وتشغيل المستشفيات . بل هل تكفي لغسل عدة احتفال زواج !!
من الأفضل للعاقلين أن يتدبروا أمرهم منذ اللحظة لما بعد هدنة انسحاب (المسهلين) . سواء أكان الجيش الوطني أم المتمردين أم المواطنين فالصورة أصبحت واضحة !!
فالمتمردون أمامهم أن ينهبوا ماخف وغلا ويتدبروا سيارات الهروب . والجيش أمامه ان يقاوم تداعيات الانسحاب والهروب الكبير المتوقع واصطياد بقية الفلول التي ربما تصمد متوهمة النصر المستحيل . والمواطنون أمامهم التحلي بأعلى درجات الحذر واليقظة والتماسك
ككتل في الأحياء والمناطق للذود عن الأموال والأعراض والالتزام بتوجيهات السلامة والإبتعاد عن مواقع العمليات .
يبقى سؤال جوهري أخير :
ماذا سنفعل بعد أن تضع الحرب أوزارها .
هل سيكون لدينا رؤية متكاملة لحل مشكلات السودان تمضي متزامنة لا تغفل جانبا من جوانب بناء الدولة ونهجها وقوانينها وبناء الإقتصاد والمجتمع والخدمات والثقافة وكل شيء .
ام أننا سنعود إلى نظرة قاصرة تهتم بجانب وتغفل ٱخر .
وهل سنعود الى التردد والتراجع وضعف وبطء القرار .
وهل سنوقف بحزم وحسم الهوان والتدخل الأجنبي في شؤوننا .
وهل سنخضع الجميع للمحاسبة والمساءلة القانونية ثم المحاكمات العادلة الناجزة فيما قبل سقوط البشير وبعده وفي هذه الحرب وجرائمها .
فرصة ذهبية لإصلاح شأننا وتحقيق (نهضة السودان) الحقيقية .
محمد أحمد مبروك