محمد أحمد مبروك يكتب : لن ننسى .. والحساب ولد !!
سطور ملونة
لن ننسى .. والحساب ولد !!
لسنا شعبا حقودا لكننا شعب قوي الذاكرة .. ولن ننسى مواقف الدول والشعوب تجاهنا إبان محنتنا القاسية التي مررنا ونمر بها .. وسيكون بيننا حساب لا محالة ، مع من ظلمنا وتعدى علينا ، واستغل ضعفنا ، وتحالف مع أعدائنا الهادفين تمزيق السودان وذهاب ريحه .. وموقف ٱخر مع من ساندنا ووقف معنا ، وسعى إلى تجنيب بلادنا الفتنة الماحقة .
مخطيء من يظن أن السودان أصبح لقمة سائغة ، ومخطيء من يظن أن السودان الٱن ضعيف .. هؤلاء لا يعرفون السودان إلا من خلال نظرة سطحية .. فهو مارد جبار لا يمكن حساب خطواته المرتقبة ، ودائما في لحظة حاسمة يفاجيء الدنيا بما لم يكن في الحسبان ..
قريبا جدا ستخرس الألسنة العميلة ، وتنزوي الثعالب إلى جحورها ، ويفر عملاء الدول إلى أحضان أمهاتهم بعد أن تلهب ظهورهم السياط ، بل إن بعضهم ستلحقهم السياط في ديارهم !!
الحساب الصحيح يؤكد أننا على أعتاب الصحوة التي يحدثها شعبنا دائما قبيل الإنهيار ، بأية أداة من أدواته المجربة ..
يخطيء من يظن أننا نخشى التصحيح خوفا من رقابة دولية أو حقنا للدماء أو تجنبا للحرب .. لا لا لا هذه الرقابة الدولية لم تقدم لبلادنا إلا الكيد السييء والشرور .. ولا نضن بالدماء أبدا حماية لوطننا وصونا لكيان شعبنا وحفظا لمقدراتنا ومقدساتنا . ولا يهم أن نقتل بضم التاء أو نقتل بضم النون ، ما دام ذلك ضرورة تحتمها سلامة الوطن وأمنه القومي .. وخير لنا ألف مرة أن نحارب بدل أن نقتل بدم بارد ..
عجبا والله فالمؤامرات والمكر السييء تكون خفية مدسوسة ، لكن ما يراد بالسودان ليس خفيا ولا مدسوسا .. فضحه البرهان رأس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة ، وأعلنه نائبه حميدتي قائد قوات الدعم السريع ، وجهر به اسياس أفورقي رئيس دولة أريتريا دون مواربة !! وانفجرت فضائحه من قادة الكيانات السياسية التي حكمت البلاد طيلة الفترة الإنتقالية . وذلك حين تمت بينها المواجهة في تقييم الفترة الإنتقالية خالد سلك وأردول ومحمد الفكي ومريم الصادق وغيرهم ممن كانوا في سوأة حكومة حمدوك قبح الله ذكرها .. وقد قالوا عنها وعن بعضهم إتهامات وخيانات للوطن تقود إلى المشانق دون حاجة لمرافعات .. وإعترافات بالعمالة للدول المعادية وأجهزة الإستخبارات ، وفساد يندي له الجبين . فلا يظن كل هؤلاء أنهم بمنجاة من المساءلة ومن حساب عسير .. فالحقوق لا تضيع وما يسطره التاريخ لا ينمحي . والشعوب لا تنسى . وفوق هذا كله الديان لا يموت .
لا يظن أحد سوداني أو غير سوداني أو مزدوج الجنسية أنه سيفلت بمجرد أن يغادر بلادنا !! لا والله الحساب يقول أن يد السودان هذه المرة ستكون طويلة جدا !!!
انظر هذه حسابات تمليها الوقائع الحقيقية الماثلة للعيان الٱن وتجارب شعبنا صاحب المفاجٱت .. توحد كله فجأة من الجنوب ودارفور وكردفان والشرق والوسط خلف رجل دنقلاوي وهزم القوة الأعظم في العالم ٱنذاك وقتل امبراطور أثيوبيا وهدد بفتح مصر .. ثم توحد في عشر دقائق بين دعاة الوحدة مع مصر ودعاة الإستقلال فأعلن الاستقلال من داخل البرلمان . ثم أسقط أقوى ثلاث حكومات سودانية وربما أفريقية عبود ونميري والبشير .. واسقط حكومة مدعومة بمعسكر الشرق كله في إثنتين وسبعين ساعة ذهب بعدها هاشم العطا ورفاقه الى الدروة والمشانق .
لذلك لن يكون بدعا أن تصحو – بأية كيفية – القوة الأعظم في السودان ، من بسطائه والمتمسكين بقيمه ، العارفين لقيمته ، الصادقين في الإنتماء الوطني ، وتتوحد كلمتهم ، فيقلبوا الامور رأسا على عقب ، ويعصفوا بالمتٱمرين وأعداء الوطن ، ويخرسوا ألسنة العملاء ، ويبتروا أيدي التدخل الأجنبي ..
نقول كل هذا لأن الحساب يقدم خيارين لا ثالث لهما . الخيار الأول ان ينجح المتٱمرون بإحداث الفتنة والدمار والخراب بما يفضي إلى تمزيق السودان فينال كل طامع ما يريد .. وهذا مستحيل لأن شعب السودان شعب كبير وهو قادر على إعادة الضالين إلى صوابهم طوعا أو كرها .
والخيار الثاني أن يتغلب صوت العقل ويمسك العقلاء المخلصون بزمام الامور ويعيدوها إلى نصابها . وهذا ما يشبه شعب السودان ، ويرجح حدوثه بعد أن أصبح لا مناص من توحد القوى التي يهمها سلامة الوطن ، حتى يكون هناك سودان نختلف ونتفق في داخله ، ونحقق فيه أحلامنا وطموحاتنا . ونفجر طاقاته وإمكاناته لتحقيق نهضته المفضية إلى رخاء يعم شعبه وإلى أمان يظله ويحقق له المنتة والسؤدد ويضعه في صدر محافل الأمم حيث يستحق أن يكون .
حاشية : تذكرت (الفقوس) وهو نبات بري يشبه العجور في نبتته وفي طعم ثمرته إلا أنها مستديرة وبها زوائد صغيرة . كان ينمو بريا في الجزيرة حيث كان الخريف سخيا عندما كنا صغارا . كنا نبحث عنه وسط الحشائش الغزيرة الطويلة التي يرويها مطر الخريف ونستمتع بأكله .
الخريف كان يشبع الحيوان من بقر وضأن كانت تغطي كل سهل الجزيرة . وبعض الأفراد كان يملك الف رأس من الضأن .
الٱن يشتري ساكنو المنطقة اللبن .. وخلت السهول من سجادة الضأن التي تغطيها وأصبحت أرض الفقوس جرداء بعد أن شح الخريف . قلت التغيير المناخي هائل جدا ومخيف .
محمد أحمد مبروك