محمد أحمد مبروك يكتب : شخص غير مهذب
سطور ملونة
شخص غير مهذب
لم يكن سوء الأدب وبذاءة اللفظ محمودا ولا حتى مقبولا يوما ولا عند أية أمة من الأمم . لكننا نرى ونسمع اليوم أجهزة إعلام سودانية وأشخاص كبار علما ومكانة على المنابر يتحدثون بطرق ينبو عنها الخلق الكريم والذوق القويم .. يرسلون تصريحا
وتلميحا اساءة وتجريحا ؛ ويحطون من قدر غيرهم ؛ وبسيئون اليهم ويستخفون بهم ..
اما الكثير من الاقلام فقد وجدت في الشتم والسب مادة خصبة تروج لفكرهم الضحل وفهمهم السقيم ؛ بعد ان عجزوا عن سديد القول ؛ وراشد الفهم ؛ وقويم الفكر ؛ وبناء النقد .
واصبح الشتم على المنابر ووسائط الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعى سمة غالبة تتبع سفساف الامور وصغائرها المرتبطة بموضوعات وأشخاص لا قيمة لهم ولاوزن . وامتد ليشمل الشتم مسئولي الدولة وينال من حرمة القوات المسلحة ويدنس قداسة القضاء ثم ينحط ليصل الى الدين وكتاب الله العظيم .
ومثله ما اصبح سائدا بين الناس في الشارع حيث يبدأ علاج أي خلاف بسب الٱباء والأمهات وشتم المتخاصمين ونعتهم بعضهم بعضا بنعوت يعف عن ذكرها لسان من كان فيه ذرة من احترام . ومهما كان الموضوع صغيرا كالخلاف حول أولوية المرور في الشارع أو حوادث الحركة أو الاختلاف حول الأسعار فإن ذلك يصب على الٱباء والأمهات شتائم بذيئة بدل النقاش الهاديء أو الاحتكام إلى القانون واستدعاء الشرطة ومن عجب ان ذلك يحدث واطرافه اشخاص رفيعو التعليم ومن أسر محترمة .
والٱن وقد أصبحت المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات جزءا من أنماط ممارسة الحقوق السياسية فقد ظهرت فيها وبقوة ممارسات وتعابير ولغة لا تليق بشبابنا . ورغم أن ذلك ليس عاما إلا أن وجوده في هذه المناشط يجعله كبيرا وشهيرا فهناك من يحملون أو يحملن لافتات في منتهى البذاءة والإنحطاط تشوه لوحة تعبير الشباب عن مطالبهم الموضوعية . ومنهم من يخترق هذه التجمعات ليردد هتافات وشعارات لا أظن أن المتظاهرين أنفسهم يقبلونها .
وظهرت موجة المجاهرة بالانحراف والتباهي بانحطاط الخلق مثل ما يدعو إليه المثليون من الجنسين .
وكل هذا لم يكن من الممكن المجاهرة به في مجتمعنا . حيث أن كل قبائل السودان كان خطابها مضبوطا بقيم وأعراف تراعي وجود الأطفال فللرجال حديث ؛ وللنساء حديث لا يختلطان ولا يصل إلى الأطفال والناشئة .
إنك الٱن لا تستطيع حماية بناتك أو أولادك أو أخواتك من أن يصلهم فاحش القول وبذيء المعنى وساقط الحديث فهو موجود في كل مكان .
كل هذا يجعلنا ندعو الدولة ووزارات الثقافة والاعلام والاذاعات والقنوات الفضائية في مركز السودان وولاياته إلى الالتزام وإلزام متحدثيهم بأدب الخطاب . وبقيادة حملات توعية بضرورة الالتزام بقواعد التهذيب في الحديث بدل الاهتمام بموضوعات وأشخاص ( وشخصات ) أقل مايوصفون به الوضاعة وعدم الأهمية .
وأهم من ذلك أن تقوم أجهزة الدولة بدورها ليس فقط في الإرشاد والتوعية إنما في الردع وتوقيع العقاب الأشد وفق القانون الذي يحمي الاخلاق ويدفع عن المجتمع الأذى وكل ما يجرح الذوق العام حتى لا نتعود البذاءة ولا نتحول من شعب محترم إلى شعب ( قليل أدب ) .
محمد أحمد مبروك