مقالات

محمداحمد مبروك يكتب نعم الجيش لازم يحكم لوحده الٱن !!

سطور ملونة

نعم الجيش لازم يحكم لوحده الٱن !!

العسكر لا يصلحون للحكم ، ويجب أن يقبعوا في الثكنات ، فإذا جاءت الحرب يحملوا بنادقهم ويتوجهوا إليها ، ويجب أن يبتعدوا عن السياسة وإدارة الدولة فهذا أمر لا يعرفونه ، ويجب أن يتركوه للمدنيين ( الحرفاء ) !!
انظر إلى سطحية وسذاجة هذه النظرة ومجافاتها للمنطق السليم .وكأن رجال الجيش كائنات من كوكب ٱخر ، أو أنهم ليسوا سودانيين إنما هم مستأجرون للحرب والحرب فقط ، ولا تستوعب عقولهم سوى البندقية !!
يا أخوانا هذا الجيش السوداني مكون من أناس سودانيين ، يمثلون صورة دقيقة لشعبنا .. يجمع كل القبائل والأعراق ، وكل المهن والتخصصات والمهارات ، وكل الدرجات العلمية في كل مجالات المعرفة .. فهم بالإضافة الى العسكرية مهنيون ، فيهم المهندسون من كل نوع والاطباء وخبراء الإستراتيجية والإقتصاد والمحاسبة والقانونيون ودارسو السياسة والاعلام ، وفيهم النجارون والحدادون والميكانيكية والطباخون وكل المهن .
وهم مثلهم مثل باقي مواطني السودان يعرفون السياسة والإدارة . ولهم من الحقوق في وطنهم ما لغيرهم . وقد أثبتت التجارب أنهم كانوا من أفضل من أدار الأقاليم والولايات ، ومن أنجح الوزراء في كل العهود ، ولم يكن أداؤهم أقل من المدنيين بل كان كثير منهم أفضل من كثير من المدنيين .
لكن دعني أسألك : لماذا تفرض كل الدول بلا استثناء على مواطنيها واجب تأدية الخدمة العسكرية فور بلوغهم سن التكليف القانوني ؟ وأن هذه الخدمة إلزامية يلقى القبض على من لم يتقدم إليها طواعية ليؤديها عنوة . ولا يسمح لمن لم يؤدوا الخدمة العسكرية بالإلتحاق بالوظائف ، أو نيل أي امتيازات ما لم يؤدوها . بل إن كثيرين خسروا فرصة الترشيح للإنتخابات لأنهم تهربوا من الخدمة العسكرية أو لم يكملوها .
لقد عرف العالم كله أن المواطن لا يكتمل حسه ووعيه الوطني مالم يتم تدريبه عسكريا . حيث يتعلم الإنضباط والإحساس بالمسئولية والثقة في النفس ، وتنمو لديه روح الإنتماء للوطن ، ويدرك قيمة العمل الجماعي ، ويتخلص من نعومة تفوق الحد الطبيعي ويقوى بدنه . وهو بذلك يكون مهيأ للعمل بكفاءة في اية مهنة يلتحق بها .
إذن وبإجماع العالم كله فإن العسكرية شرط لازم ليصبح الشخص مؤهلا لأداء أية وظيفة ، فهي إضافة للقدرات وليست خصما عليها .
إذن من أين جاءت فكرة ( لا لحكم العسكر ) . طبعا لا أعني بالسؤال ما يجري في السودان الٱن لأنه وليد التٱمر على وطننا وهدفه ليس ظاهر هذا الشعار الخلب الكاذب . ولك أن تلاحظ أنه مصحوب بدعوة قوية لتفكيك الجيش وإضعاف قوته وتماسكه ، وزعزعة الثقة فيه ، وقص الأجنحة المعينة له .
عندما صرفت دول العالم جيوشها للتفرغ لمهام العمل العسكري لم تفعل ذلك بالفهم الخبيث الذي يصرخ به العملاء في بلادنا ، ولا بالتبعية السطحية للمستجيبين لهم دون عميق وعي وكامل إدراك . لقد فعلت هذه الدول ذلك لأسباب موضوعية أولها أن أنظمة الحكم فيها إستقرت ، ونضح الوعي السياسي ورسخت الممارسة الديمقراطية تماما . ومع ذلك لم تقص العسكريين عن العمل السياسي أو حتى قيادة رأس الدولة . وليس ببعيد أن أقوى رؤساء فرنسا وأطولهم فترة حكم ليس في فرنسا وحدها إنما في التاريخ الأوروبي الحديث كله هو شارل ديجول ، الذي لا يعرف إلا بلقبه العسكري ( الجنرال ديجول ) . فلم تمنع عسكريته أن يكون قائدا لتحرير فرنسا وبانيا لنهضتها الحديثة ، وحاديا لها لتكون واحدة من الدول العظمى الأربع . وكذلك في دول أوروبا وفي أمريكا نفسها هناك وزراء عسكريون جنرالات كبار .
الأمر الثاني أن هذه الدول تخطت مرحلة زعزعة الأمن الداخلي ، وقويت شوكتها في الأمن الخارجي ، واستقرت أجهزتها الأمنية وهيمنت على المجتمع ، وفرضت النظام وسيادة القانون ، فلم تعد بحاجة إلى حماية الجيش أو التدخل في إدارة البلاد . لكنها مع ذلك تستدعي جيوشها إذا حدث شغب غير طبيعي او فاجأت البلاد نازلات طبيعية أو حتى عواصف أو ثلوج . ولو دعا الأمر أكثر من ذلك للبت جيوشهم المطلوب .
أما دول العالم الثالث التي لم يتحقق فيها الإستقرار فقل ما خلت دولة من تولي الجيش السلطة . بل إن دولا كثيرة في العالم العربي وفي دول جنوب شرق ٱسيا قادتها أنظمة حكم عسكرية إلى ماهي فيه الٱن من نهضة وإستقرار . ولسنا بحاجة للتذكير بسوكارنو وسوهارتو في اندونيسيا وحكام دول الأوقيانوس .
وحتى الدول العربية التي أصبحت قوى مرموقة قادها عسكريون : القذافي في ليبيا ، وصدام في العراق ، والأسد في سوريا ، ومصر التي لم يحكمها سوى عسكريون محمد نجيب وعبد الناصر والسادات ومبارك والسيسي .
والسودان حكمه عبود ستة أعوام ، ونميري ستة عشر عاما ، كانت انجح من كل الفترات الديمقراطية . ولا أسمي فترة البشير فترة حكم عسكري ، ولم يدع أحد ذلك لأن دور الجيش فيها لم يتعد الإستيلاء على السلطة ، حيث كان الحكم بيد تنظيم الإخوان المسلمين في البداية ، ثم أصبح بيد البشير وزمرته .
تواجه البلاد الٱن مهددات أمنية خطيرة تحدق بالبلاد ، وهجمة عالمية استخبارية تستهدف تفكيك السودان وتمزيقه والهيمنة عليه .
الأحزاب والكيانات السياسية في منتهى الضعف ، حتى أنها لم تعد أحزابا بالمعنى الصحيح ، وليست مؤهلة لإدارة نفسها ناهيك عن إدارة البلاد .
توجهات الأحزاب للعمالة والتبعية للأجنبي بشكل معلن بدون تحفظ أو مواربة ، مما يستدعي تقديمها للمحاكمة وليس ايكال السلطة إليها لأنها خطر مؤكد على السيادة الوطنية .
أما الحديث عن حكومة كفاءات فالجيش زاخر بالكفاءات المهنية في كل مجال . ومصقول بالفهم الإستراتيجي ، والقدرة العالية على الإدارة بكفاءة وحزم وحيادية تنأى بهم عن الإستقطاب الحزبي ، وتشبع بالقيم الوطنية العليا تنأى بهم عن الإستقطاب القبلي والجهوي .
والجيش يربي منسوبيه على خلق كريم وطهارة في اليد واللسان . صحيح أن هناك فئة ضئيلة يمكن أن تخرج على هذه القيم لكنهم يواجهون بحسم شديد بالفصل والبتر والمحاكمات الرادعة .
إن قيام حكم عسكري صرف للمرحلة الراهنة ضرورة تمليها طبيعة المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا . والقيادة الراهنة مؤهلة لذلك ، ولديها في قيادات الجيش كفاءات عالية لإدارة الولايات وشغل مناصب الوزارة . وتعرف بمن تستعين من المدنيين من خبراء وتنفيذيين .
الجيش ليس في حاجة (لحاضنة) سياسية فلديه (حاضن) هو شعب السودان .
لا تتردد يابرهان .

محمد أحمد مبروك

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى