محجوب ابراهيم الخليفة يكتب: السودان ووفاء العطاء ..كيف يرد أبناء السودان الجميل للمملكة ولقائد رؤيتها الأمير محمد بن سلمان؟

محجوب ابراهيم الخليفة يكتب: السودان ووفاء العطاء ..كيف يرد أبناء السودان الجميل للمملكة ولقائد رؤيتها الأمير محمد بن سلمان؟
يحتفظ الوجدان السوداني، عبر تاريخه الطويل، بقدرة أصيلة على ردّ الجميل والاعتراف بصنائع الخير. فمنذ أن اشتدّت على السودان المحن، وبدأت رياح الفوضى تهدد كيانه ووحدة ترابه، كانت المملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، هي السند الأكثر ثباتًا، والظهير الأكثر حضورًا، واليد الممتدة بصدق يليق بقداسة الروابط بين الشعبين.
لم تكن علاقتها بالسودان وليدة لحظة عابرة، بل امتدادًا لعقود من الأخوّة والمواقف التي لا تُمحى. غير أن السنوات الأخيرة وضعت هذه الأخوّة أمام اختبار تاريخي بالغ الحساسية، إذ وجد السودان نفسه أمام عاصفة انفلات غير مسبوقة، تهدد بتفكك الدولة وضياع حلم شعب بأكمله. وهنا ظهرت المملكة، بكل ثقلها السياسي والاقتصادي والإنساني، لتقول للسودانيين: لن تُتركوا وحدكم.
مملكة تحمل همّ السودان كأنه جزء من جسدها
▪️لم تتعامل المملكة مع السودان باعتباره ملفًا سياسيًا، بل كقضية أخلاقية ومسؤولية عربية وإنسانية. دفعت بكل أدواتها الدبلوماسية لإيقاف الانحدار نحو الهاوية، واستضافت المباحثات، ووفّرت مظلة تفاوض تضمن صون الدولة السودانية من الذوبان في صراعات العنف.
كانت الرياض تدرك أن سقوط السودان لا يهدد شعبه وحده، بل يهدد عمقًا عربيًا وإفريقيًا بأكمله. لهذا انطلقت جهودها بحكمة ودقة، تجمع وتقرّب وتُنقذ، وتفتح الأبواب لعودة الهدوء والاستقرار. وحين انهارت الخدمات الأساسية، التزمت المملكة بخط الدعم الإنساني والإغاثي بلا توقف، فكانت سفنها وطائراتها تحمل الدواء والغذاء والملاذ للنازحين. هذه المواقف ليست مجاملات سياسية، بل صناعة سلام حقيقي، قادها رجل أدرك مبكرًا مستقبل المنطقة وضرورة تثبيت الخرائط قبل أن تُكتب بدماء الأبرياء.
الأمير محمد بن سلمان… رؤية تتعامل مع الأزمات بعقل الدولة الكونية
————————-
▪️ما قدمه سمو ولي العهد للسودان لا ينفصل عن روحه القيادية التي تبني مشروع دولة كونية أولى، تمتلك القدرة على التأثير، وصناعة التحالفات، ورسم مسارات المستقبل. السودان بالنسبة إليه ليس جارًا بعيدًا، بل عمقًا استراتيجيًا يحتاج إلى من يقف مع شعبه حتى يتجاوز المحنة ويعود دولة منتجة مستقرة.
تتحرك رؤية الأمير محمد بن سلمان في اتجاهين متوازيين:-
الأول:- منع انهيار السودان من خلال دعم جهود وقف النار، وحماية المدنيين، وحفظ مؤسسات الدولة من التفكك.
الثاني:- دعم مستقبل السودان عبر برامج الإعمار، والاستثمارات، والشراكات الزراعية والصناعية التي قادرة — لو اكتملت — على تحويل السودان إلى قوة اقتصادية إقليمية.
هذه ليست مجرد مبادرات، بل جزء من رؤية استراتيجية تنظر للسودان كدولة واعدة، يمكن أن تصبح خزان الغذاء العربي وشريكًا اقتصاديًا ضخمًا إذا استعاد استقراره.
كيف يرد السودانيون الجميل؟
—————————-
▪️ردّ الجميل لا يكون بالكلمات وحدها، بل بالفعل، وبالوفاء، وبالعمل الجاد لبناء وطن يستحق الحياة. ويمكن للسودان أن يرد صنيع المملكة وقيادتها عبر مسارات واضحة:-
1- توحيد الصف الوطني
أعظم هدية تقدَّم للمملكة هي نجاح السودانيين في إنهاء الاحتراب، وتجنيب بلادهم السيناريوهات القاتلة، وصناعة مشروع وطني جامع ينهض بالدولة.
2- تقدير الدور السعودي والاعتراف به
الاعتراف الصادق بمواقف المملكة، وتوثيقها في الوعي الشعبي، هو أقل درجات الوفاء لبلد دافع عن السودان في لحظة كان الجميع فيها يتفرج.
3- إطلاق شراكات اقتصادية حقيقية
على السودان — بعد استعادة الدولة — أن يبني شراكات استراتيجية مع المملكة في الزراعة، التعدين، الطاقة، والصناعات التحويلية. فهذه الشراكات ليست استثمارات فحسب، بل جسر مستقبل بين البلدين.
4- حماية الأمن العربي والخليجي
السودان بلد مسؤول، وحين يستعيد عافيته سيصبح رافدًا للأمن العربي والخليجي. وهذا هو الرد الأعظم لبلد وقفت تحميه حين كاد يضيع.
5- بناء خطاب شعبي يعبّر عن الامتنان
شعوب لا تحفظ الجميل لا تبني مستقبلًا. والسودانيون بطبعهم أهل وفاء. ومن المهم أن يظل هذا الوفاء حاضرًا في الإعلام والأدب والتاريخ.
▪️ستظل المملكة العربية السعودية، بقيادة الأمير محمد بن سلمان، صفحة من أنقى صفحات الدعم العربي للسودان. صفحة خُطّت بعمل حقيقي، وحرص صادق، ونوايا لا يداخلها رياء ولا رغبة في مكاسب ضيقة. وقفوا مع الشعب السوداني عندما كان حافّة الهاوية، فسجّل التاريخ موقفًا سيظل يُروى للأجيال.
وما على السودان إلا أن ينهض من جراحه، وأن يرد جميل الإخوة بما يليق بكرامته وتاريخه، وأن يكون كما أرادت له المملكة.. دولة قوية، مستقرة، تنعم بشعب يعيش في سلام، وتفتح أبواب المستقبل لشراكة خالدة بين ضفتي البحر الأحمر.
▪️هذا هو الوفاء الحقيقي… وهذا هو الطريق الذي يجعل من السودان بلدًا لا يُنسى جميله، ولا يتردد في رد الجميل لمَن وقف إلى جانبه في ساعات العتمة.
mhgoub33@gmail.com
(صحفي سوداني)




