مقالات

محجوب أبوالقاسم يكتب : رسائل البرهان في قناتي العربية والحدث !!

محجوب أبوالقاسم يكتب : رسائل البرهان في قناتي العربية والحدث !!

 

في تصريحاته الأخيرة لقناتي الحدث والعربية التي كانت ترافقه في جولات تفقدية لبعض الاعيان المدنية قدم رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان جملة من المواقف الحاسمة حول طبيعة المعركة ومآلاتها محددا بدقة ما يعتبره خطوطا لا يجوز تجاوزها في مسار الحرب مع مليشيا الدعم السريع غير أن توقيت التصريحات ومنصتها وطبيعة الرسائل التي حملتها فتحت الباب واسعا أمام أسئلة مشروعة تتعلق بمسار الخطاب الرسمي في لحظة وطنية بالغة الحساسية والتعقيد.

عندما يؤكد الرئيس البرهان أن الشعب السوداني أسقط جماعة الاسلاميين بثورته ولن يسمح بعودتهم فهو يبعث برسالة مفادها أن الجيش يتموضع في صف الإرادة الشعبية. لكن المعضلة تكمن في خطاب يساوي عن قصد أو غير قصد بين من يقاتلون دفاعا عن الوطن ومن حملوا السلاح لذبحه فالمساواة بين المقاتل الوطني الذي يدافع عن عرضه وبلده وبين المليشيا التي قتلت واغتصبت ونهبت مقاربة ظالمة لا تخدم إلا التمرد، ولا تعبر بأي حال عن حقيقة المعادلة على
الارض.

قال الرئيس البرهان إن الحل عسكري أولا وإن الحرب فرضت على الجيش وهذا صحيح في جوهره لكن الأصح أن الشعب السوداني هو أول من يعرف من وقف معه ومن تآمر عليه الوعي الشعبي اليوم أعلى من أي وقت مضى والذاكرة الجمعية تحفظ بالأسماء والوقائع من دافع عن البيوت ومن اقتحمها ومن وقف على المتاريس ومن نهب الأسواق ومن رفع راية الوطن ومن داس عليها. لا يمكن لأي خطاب خارجي أو داخلي أن يطمس هذه الحقائق.

إن السودان يعيش اليوم لحظة فارقة تتطلب أعلى درجات التماسك السياسي والمجتمعي والإعلامي لا مجال لإرسال إشارات غامضة أو رسائل ملتبسة قد تضعف الصف الوطني. المطلوب الان هو وحدة الإرادة وتعظيم المشتركات وإغلاق منافذ التشويش التي قد تمنح العدو فسحة لإعادة التموضع أو التسويق السياسي كل كلمة تصدر من رأس الدولة يجب أن تكون جزءا من معركة الوعي لا عبئا عليها.

ثمة تقدير للدور السعودي الأميركي في مساعي السلام ذكره سعادته لكن مغازلة الخارج على حساب الداخل تظل سياسة غير حكيمة السودان لن يبنى من العواصم البعيدة بل من تماسك جبهته الداخلية، ومن دعم من وقفوا ويقفون في الخنادق والمعابر والبيوت المتصدعة، الخارج مهما كانت قوته لا يمنح الشرعية ولا يصنع النصر، وإنما يساندهما فقط إن وجد إرادة داخلية صلبة.

هنا يكمن السؤال الأكثر حساسية ما الداعي لتخصيص قنوات خارجية معروفة بدورها السالب في تأجيج المعركة بهذه التصريحات الحصرية؟!
لقد وقف الإعلام الوطني صحافة وقنوات وإذاعات ومنصات موقفا مشهودا في معركة الكرامة وسد ثغورا لم يسدها أحد من غير المنطقي لا سياسيا ولا إعلاميا أن يستبعد هذا الإعلام وأن تمنح المنابر الأجنبية أولوية ومكانة ليست لها.

تخصيص القنوات الخارجية بالتصريحات يمنحها دورا لا تستحقه ويضعف الجبهة الإعلامية الوطنية التي أثبتت أنها في مقدمة الصفوف أقل تقدير يمكن تقديمه للإعلام الوطني هو أن يكون المصدر الأول لأخبار الدولة لا تابعا ولا متلقيا لما تبثه الشاشات الأجنبية.

إن موقف البرهان العسكري والسياسي واضح لا تفاوض دون سلاح مسلم ولا دولة بمليشيا هذه رسالة مهمة وضرورية لكن المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو ضبط منصة الخطاب، وإعادة الاعتبار للإعلام الوطني والابتعاد عن أي خطاب يفهم منه مساواة بين الأعداء والحلفاء أو تقديم إشارات قد تباعد بين الدولة ونواتها الصلبة في الداخل.

المعركة ليست فقط في الميدان بل في الوعي وفي الوعي ينتصر من يعرف جمهوره ويثق بصفه الوطني ويمنح أبناء بلده حقهم الطبيعي في أن يكونوا الصوت الأول للحقيقة.

ولنا عودة

5 ديسمبر 2025م

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى