محجوب أبوالقاسم يكتب : أحلام مصادرة.. مناشدة لضمير السلطات في الولاية الشمالية

محجوب أبوالقاسم يكتب : أحلام مصادرة.. مناشدة لضمير السلطات في الولاية الشمالية
لم تعد الحرب في السودان مجرد معركة على الخرائط بل تحولت إلى وحش ينهش أرزاق البسطاء ويصادر أحلامهم الباقية، وبينما تمضي مليشيا الدعم السريع في ممارساتها التي تجاوزت حدود الهمجية والنهب والسلب والقتل يجد المواطن السوداني نفسه فريسة لقوى متعددة بعضها يرتدي زي السلطة دون أن يمارس مسؤولياتها الأخلاقية.
من بين هؤلاء الضحايا يبرز مشهد موجع لمجموعة من المنقبين عن الذهب في منطقة المثلث الحدودي الذين أجبرتهم المليشيا على الهروب من مناطقهم بعد أن بات وجودهم هناك تهديدا لحياتهم ومصدر رزقهم ولكن المفارقة المؤلمة أن المليشيا لم تكن وحدها من قست عليهم، فقد وجهت إليهم سلطات الولاية الشمالية صفعة أخرى بمصادرة حوالي 40 عربة كانت وسيلتهم الوحيدة للفرار من الجحيم والسبب في ذلك عدم سداد الرسوم الجمركية.
تبدو الحجة في ظاهرها قانونية، ولكن الحقيقة أكثر قسوة من أن يغطيها غلاف رسمي فهؤلاء المعدنون لم يتمكنوا من تسوية أوضاعهم الجمركية ليس تهربا وإنما بسبب إغلاق مكاتب الجمارك بالكامل منذ اندلاع الحرب وانقطاع الطرق وتوقف كل سبل التواصل مع الدولة على حسب حديثهم معي.
اليوم أصحاب هذه العربات عالقون في الولاية الشمالية لا يملكون مالا ولا معدات ولا وسيلة للعودة إلى مناطقهم أو حتى لإطعام أسرهم بعدما فقدوا كل شيء تحت وطأة الحرب ، هذه العربات ليست مجرد وسائط نقل بل هي ما تبقى من كرامتهم ومن قدرتهم على إعالة من تبقى من عائلاتهم التي مزقتها نيران المعارك.
أتوجه بهذا النداء الإنساني إلى سعادة والي الولاية الشمالية وكل الجهات المختصة هناك رفقا بمن تبقى لهم القليل أنصفوا هؤلاء المعدنين أعيدوا إليهم ما تبقى من أدوات عيشهم أنتم الرعاة فكونوا أمناء على رعيتكم.
السلطات اليوم أمام امتحان أخلاقي حقيقي المسألة لا تتعلق فقط بإجراءات رسمية بل بالرحمة وبالعدالة في زمن قل فيه العدل.
ولنا عودة
23يوليو 2025م