متلازمة “مانشاوزن”.. لماذا يدعي البعض الإصابة بالمرض؟
على عكس الشائع والمعروف، يسعى البعض إلى المرض ويدعون زيفا الإصابة به، بل ويتعمدون إصابة أنفسهم إلى حد الخضوع لعمليات جراحية غير مبررة.
يعاني هؤلاء الأشخاص من اضطراب يعرف بمتلازمة “مانشاوزن”، فمن هو مانشاوزن؟ وما أسباب تلك المتلازمة والعلامات الدالة عليها؟ وكيفية علاجها؟
البارون “مانشاوزن”
في عام 1951، شخص الطبيب البريطاني “روبرت آشر” 3 مرضى زاروا أكثر من طبيب وعانوا من أعراض مرضية خيالية، بأنهم مصابون بمتلازمة “مانشاوزن”.
أطلق “آشر” اسم “مانشاوزن” على المرضى الثلاثة، بعد أن سمع حكاياتهم ورأى على أجسامهم ندبات متعددة من عمليات جراحية غير مبررة أقنعوا الأطباء بإجرائها من دون سبب وجيه مدعين المرض.
علم الطبيب الإنجليزي أنهم يعانون من اضطراب عقلي، وربط بينهم وبين البارون الألماني “كارل فريدريش هيرونيمس”، بارون “مانشاوزن” الذي قاتل من أجل الإمبراطورية الروسية في الحرب الروسية التركية، بحسب “ناشيونال ليبراري أوف ميديسين” (National Library Of Medicine).
كان يطلق على بارون مانشاوزن “بارون الأكاذيب”، حيث اشتهر برواياته للمآثر الزائفة والمبالغ فيها بشكل يبعث على السخرية. انضم “مانشاوزن” الألماني، إلى الجيش الروسي في حربه ضد تركيا، وبعد عودته ألف حكايات خيالية عن نجاحاته غير العادية في ساحة الحرب وخارجها، حتى أن الأثرياء من أنحاء أوروبا كانوا يحضرون سهراته لسماع قصصه الجامحة.
افتعال المرض
شخص الطبيب “آشر” المرضى الثلاثة بمتلازمة مانشاوزن، وهي اضطراب عقلي ويطلق عليه أيضا “الاضطراب المفتعل”، حيث يتظاهر شخص ما بأنه مريض ويتسبب عمدا في ظهور أعراض المرض، وفقا لمؤسسة “كليفيلاند كلينيك”.
يحاول الشخص المصاب بمتلازمة مانشاوزن لفت الانتباه والتعاطف عن طريق تزوير المرض أو المبالغة فيه. ويكذب بشأن الأعراض، ويخرب الفحوصات الطبية مثل ضخ الدم في البول، أو يؤذي نفسه للإصابة بالأعراض. ويصعب تشخيص متلازمة “مانشاوزن” وعلاجها بسبب تضليل الشخص المصاب بها.
ويمكن للأشخاص المصابين بمتلازمة “مانشاوزن” التصرف بعدة طرق مختلفة بحسب موقع “إن إتش إس” الطبي (NHS)، بما في ذلك:
- التظاهر بوجود أعراض نفسية، وادعاء سماع أصوات أو ادعاء رؤية أشياء غير موجودة بالفعل.
- التظاهر بأعراض جسدية، وادعاء الشعور بآلام.
- تعمد إحداث إصابة أو جرح وتعمد تلويث الجرح.
- ينتقلون من طبيب لآخر ومن مستشفى إلى أخرى في حال عدم تصديقهم واكتشاف أمرهم.
في الحالات الأكثر خطورة، قد يخضع الشخص المصاب لعملية جراحية مؤلمة ومهددة للحياة أحيانا، رغم معرفته أنها غير ضرورية.
أسباب وعلامات الإصابة
لا يوجد سبب أكيد معروف للإصابة بمتلازمة “مانشاوزن”، لكن قد تكون هناك أسباب محتملة للمتلازمة التي تصيب الرجال أكثر من النساء، ومنها:
- التعرض لصدمة عاطفية أو سوء معاملة أو إهمال في مرحلة الطفولة.
- الإصابة بمرض أثناء الطفولة أدى إلى عناية طبية مكثفة.
- الإصابة بأمراض اضطراب الشخصية
وبسبب تلاعب المصابين وتعمد خداعهم للأطباء يصعب تشخيص الإصابة بالمتلازمة، بينما توجد بعض العلامات التحذيرية المحتملة لمتلازمة “مانشاوزن”، منها:
- وجود تاريخ طبي كبير ولكن غير متسق.
- أعراض غير واضحة لا يمكن السيطرة عليها وتزداد حدة أو تتغير بمجرد بدء العلاج.
- انتكاسات مرضية بعد تحسن الحالة.
- معرفة واسعة بالمستشفيات والمصطلحات الطبية.
- وجود ندبات جراحية متعددة.
- ظهور أعراض جديدة أو إضافية بعد نتائج الاختبار السلبية.
- الحرص على إجراء فحوصات طبية أو عمليات جراحية.
- تاريخ البحث عن العلاج في العديد من المستشفيات والعيادات، وحتى في مدن مختلفة.
- إحجام المريض عن السماح للأطباء بالتحدث مع العائلة أو الأصدقاء أو الأطباء السابقين.
متلازمة مانشاوزن بـ”الوكالة”
رغم خطورة تلك المتلازمة، لما تسببه من تعريض حياة الشخص للخطر والموت أحيانا بسبب الإجراءات الطبية غير المبررة، فهناك ما هو أخطر، وهي الإصابة بمتلازمة “مانشاوزن” بالوكالة.
تصف منظمة “فاميلي دكتور” (Familydoctor) متلازمة “مانشاوزن” بالوكالة، بأنها مرض عقلي وشكل من أشكال إساءة معاملة الأطفال. وتعرف أيضا باسم الاضطراب المفتعل بالوكالة.
يتصرف المصاب بتلك المتلازمة وكأن الطفل الذي يرعاه يعاني من المرض، ويقوم بتزوير المعلومات الطبية عن قصد وتعريضه لإجراءات طبية مؤلمة أو محفوفة بالمخاطر تصل إلى حد العمليات الجراحية، من أجل جذب الاهتمام والتعاطف.
ومن أجل إثبات ادعائه قد يتسبب الشخص المصاب بالمتلازمة، عمدا، في ظهور أعراض مرضية لدى الطفل، من خلال منع الطعام عنه لإثبات أن وزنه لا يزداد، أو تسميمه أو خنقه، أو إعطاء الطفل أدوية غير مناسبة، أو منع الأدوية الموصوفة عنه.
وهناك طريقة واحدة لاكتشاف إصابة الأب أو الأم بمتلازمة “مانشاوزن” بالوكالة، وهي فصلهم عن الطفل ومتابعة ما إذا كانت أعراض الطفل قد تحسنت أم ما زال عرضة لكثير من الأمراض.
العلاج
من الصعب علاج الأشخاص الذين يعانون من متلازمة “مانشاوزن”، لأنهم غالبا ما يكونون غير مستعدين للاعتراف بأنهم مصابون بها، لذا يقع على العائلة والأصدقاء دور كبير في اكتشاف الأمر وعرضه على الأطباء.
وبحسب “إميديسين هيلث” (Emedicinehealth)، الهدف الأول من العلاج هو تعديل سلوك الشخص وتقليل إساءة استخدامه للموارد الطبية أو الإفراط في استخدامها.
بمجرد تحقيق هذا الهدف، يبحث الأطباء عن أي مشكلات نفسية أساسية قد تؤثر في سلوك الشخص، ويعرض على متخصصين نفسيين مع أدوية محددة يصفها الأطباء مرتبطة بأمراض الاكتئاب أو الذهان.