الأخبارالعالمية

ما قصة الرجل الياباني الذي يكسب رزقه لمجرد الظهور وعدم القيام بأي شيء؟

ما قصة الرجل الياباني الذي يكسب رزقه لمجرد الظهور وعدم القيام بأي شيء؟

قبل أن تغادر طوكيو إلى وظيفتها الجديدة، أرادت أكاري شيراي تناول الطعام في المطعم المفضل الذي اعتادت زيارته مع زوجها آنذاك. كانت هناك قضية واحدة؛ لم تكن تريد أن تغرق بالأفكار حول طلاقها من خلال الذهاب بمفردها. لكنها لم تشعر بالرغبة في دعوة صديق وشرح الموقف أيضا. لذلك استأجرت “الرجل الياباني الذي لا يفعل شيئا”.

استمر غداءهما شبه الصامت حوالي 45 دقيقة. طلبت شيراي طبقها المفضل وطرحت أسئلة بشكل متقطع. شاركته ذكريات زواجها وأظهرت له صورة من حفل الزفاف. فأومأ برأسه ورد بإجابات مقتضبة، وأحيانا بضحكة جافة، ولم يبادر بالمحادثة قط. وكان هذا بالضبط ما أرادته شيراي.

وقالت شيراي (27 عاما) “شعرت وكأنني مع شخص ما، لكنني شعرت في الوقت نفسه أنني لست كذلك، لأنه كان موجودا بطريقة لم يكن عليّ فيها الانتباه لاحتياجاته أو التفكير به”. وأضافت “لم أشعر بأي حرج أو ضغط في التحدث إليه. ربما كانت هذه هي المرة الأولى التي آكل فيها في صمت تام”.

شوجي موريموتو جذب الانتباه العالمي من خلال منشوراته المنتشرة على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي (مواقع التواصل)

الرجل الياباني الذي لا يفعل شيئا

لسنوات، كانت هناك أعمال منزلية في اليابان وكوريا الجنوبية لاستئجار الغرباء لانتحال شخصية الأصدقاء أو أفراد الأسرة أو المعارف الآخرين، كوسيلة لحفظ ماء الوجه في الوظائف الاجتماعية حيث يتوقع وجود أشخاص إضافيين.

وتناولت الكاتبتان ميشيل يي هي لي وجوليا ميو إينوما في تقرير في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” (washingtonpost) الأميركية قصة الرجل الياباني الذي يتم استئجاره للظهور في حدث ما، ولكنه لا يقوم بعمل شيء وإنما مجرد الظهور فقط.

فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، بنى “شوجي موريموتو” (SHOJI MORIMOTO) جماعة من المعجبين من خلال تقديم نفسه كملاذ يمكنه ببساطة أن يكون مستعدا للقيام بما يراد منه، وتحرير عملائه من التوقعات الاجتماعية للمعايير المعلنة وغير المعلنة للمجتمع الياباني.

وكان موريموتو (38 عاما) والملقب بـ”المستأجر” ملهما لمسلسل تلفزيوني و3 كتب وجذب الانتباه العالمي من خلال منشوراته المنتشرة على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

انتشار أعمال موريموتو

يتقاضى موريموتو 10 آلاف ين ياباني (حوالي 85 دولارا) لكل جلسة، وغالبا ما يتم توظيفه لمرافقة الأشخاص الذين هم على مفترق طرق في حياتهم، ويرغبون بإعادة كتابة ذكريات صادمة أو تجربة للحظة ضعف يشعرون إزاءها بعدم الارتياح يودون مشاركتها مع الأصدقاء أو العائلة.

موريموتو سيكون معك بالضبط، بلا أي تمييز، وبعيدا عن مساحتك الشخصية، وانتشرت أعماله على نطاق واسع، فقد انتظر عميلا عند خط نهاية الماراثون أراد أن يرى وجها مألوفا في نهاية السباق. وأشخاص استأجروه للجلوس أثناء الانتهاء من أطروحتهم، لأنهم قد يتراخون في العمل بمفردهم. واستمع للعاملين في الرعاية الصحية وهم يصفون حصيلة الصحة العقلية الناجمة عن الوباء.

واستأجرته امرأة لمرافقتها أثناء تقديمها أوراق طلاقها. وقد جلس ذات مرة مع عميل لإجراء استشارة جراحية للبواسير مع الكثير من الصور التوضيحية. واستأجره شخص ما لوداع درامي بينما كانا يستقلان قطارا سريعا للانتقال من طوكيو إلى أوساكا، وقد ظهر ولوح بإشارة الوداع.

وغالبا ما يجد موريموتو أن عملاءه لا يريدون أن يثقلوا كاهل الأشخاص المقربين باحتياجاتهم الخاصة. وقال “أعتقد عندما يشعر الناس بالضعف أو في لحظاتهم الحميمة، يصبحون أكثر حساسية تجاه الأشخاص المقربين منهم، من قبيل؛ كيف سيتم النظر إليهم، أو نوع الإجراءات التي سيتخذونها من أجلهم”، لذلك أعتقد أنهم يريدون فقط التواصل مع شخص غريب من دون أي قيود”.

وعلى العكس من الآخرين من العاملين في مجال الأعمال الصغيرة بالاستئجار، فإن التوقعات بالنسبة لموريموتو ضئيلة. فهو، حتى الآن، يقوم بتقديم الدعم العاطفي الذي يتوق إليه الكثير من الناس، لكنهم قد يواجهون صعوبة في العثور عليه، خاصة خلال الوباء الذي أدى إلى تفاقم مشاعر العزلة، كما قال ياسوشي فوجي، أستاذ علم النفس في جامعة ميسي في طوكيو.

وأضاف فوجي “في التفاعل مع الأصدقاء والأشخاص الآخرين، هناك دائما عوامل غير معروفة يمكن أن يكون لها تأثير. ولكن عند الاستعانة بـ”المستأجر”، فمن السهل جدا معرفة ما يمكن توقعه والسيطرة الكاملة على الوضع”.

وهناك عدد من الأشخاص الآخرين “المستأجرين” لديهم أساليب فكاهية مثل الرجل الذي يتم توظيفه ليتم علاجه على وجبات الطعام والرجل “القبيح” المهووس بنفسه والذي يدعي أنه يعزز احترام الذات لدى الآخرين.

وعثر موريموتو، الذي نشأ في كانساي، وهي منطقة جنوب اليابان، على هذه الوظيفة بعد أن قيل له في وظائف سابقة إنه لا يمتلك قدرات كافية وليس لديه ما يكفي من المبادرة لتحقيق النجاح. وأنجز الآن ما يقرب من 4 آلاف استعلام، ولديه عميل واحد إلى اثنين في اليوم، حيث كان قبل الوباء من 3 إلى 4. ويقول إنه يكسب ما يكفي للقيام بدوره في الحفاظ على أسرة ذات دخل مزدوج وتربية ابن.

وقال موريموتو “كثيرا ما قيل لي إنني لم أكن أقوم بأداء جيد، أو لم أكن أفعل أي شيء، لذلك أصبح هذا الأمر عقدة بالنسبة لي. فقررت الاستفادة من ذلك وتحويله إلى عمل تجاري”.

نمط الحياة يسير بشكل جيد مع موريموتو، فهو ليس ثرثارا، وهو يجيد التعبير بشكل جيد حتى عندما لا يعمل. يعتمر قبعته الزرقاء المميزة ومعطفه ونظرة جوفاء؛ حتى يتمكن العملاء من التعرف عليه بسهولة، لكنه يتأنق في ملبسه عندما يتطلب الموقف منه أن يكون أكثر رسمية.

ويتردد موريموتو في وضع الكثير من الافتراضات حول سبب اكتساب نموذج أعماله شهرة واسعة. ويقول إنه تعلم عدم الحكم على الآخرين، والتعاطف مع الأشخاص الذين قد يمرون بتحديات شخصية عميقة لكنهم لا يظهرونها.

وقال “حتى لو كان الناس يظهرون بمظهر طبيعي وأنهم على ما يرام، فغالبا ما يكون لديهم ماضٍ أو أسرار صادمة، أو مشاكل مستحيلة”. ويضيف “الأشخاص الذين يأتون إليّ بمشاكل جنونية، هم عادة ليسوا أشخاصا تبدو عليهم مظاهر المعاناة… الجميع، حتى أولئك الذين يبدون على ما يرام، لديهم جميعا مجموعات من المشاكل والأسرار”.

المصدر : واشنطن بوست

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى