ما الذي يمنح القطط تفوقا على البشر في الرؤية ليلا؟
بالمقارنة مع البشر، تعد القطط أفضل بكثير في الرؤية عندما يتوفر القليل جدا من الضوء، وهذا يرجع إلى حد كبير لكيفية تطور عيونها.
عندما يحل الظلام يمكن للقطط أن ترى أفضل من البشر بـ 6 إلى 8 مرات، حتى أن البعض يظن أنها كائنات ليلية ترى في الظلام الحالك.
أما أثناء النهار فالأمر مختلف، حيث إن حدة بصرها تعادل 1 إلى 7 من قدرة البشر على الرؤية، لكن ما سر عيون القطط وما الذي يجعلها تتفوق على البشر في الرؤية الليلية؟
هل ترى القطط في الظلام حقا؟
لا تستطيع هذه السواكن الرؤية في الظلام الحالك، لكن يمكنها الرؤية جيدا في الإضاءة المنخفضة. ويظن الناس أن قططهم لديها قدرة على الرؤية الليلية إلا أن هذا غير صحيح لأنه نادرا ما يكون هناك ظلام دامس.
فدائما هناك القليل من الضوء الذي يساعد القطط بالفعل على الرؤية، وهي تحتاج إلى حوالي سدس كمية الضوء التي يحتاجها البشر للرؤية بشكل جيد في ظروف الإضاءة المنخفضة.
تقول كارين بلامر، أخصائية طب العيون البيطري السريري في كلية الطب البيطري بجامعة فلوريدا -لموقع لايف ساينس Live Science- إن مقدار الضوء المحيط المتوفر يؤثر على ما يمكن للفرد أن يراه، سواء كان إنسانا أو قطة.
وبالمقارنة مع البشر، فإن القطط أفضل بكثير في الرؤية عندما يتوفر القليل جدا من الضوء، وهذا يرجع إلى حد كبير لكيفية تطور عيونها.
ويمكن للقطط أن ترى في الظلام لأن بنية عيونها، وخاصة شبكية العين، تسمح لها برؤية أفضل من البشر عندما تكون مستويات الضوء منخفضة.
هل بصر القطط أكثر تقدما من البشر؟
وفقا لموقع “ريدرز دايجست” Reader’s Digest، فإن المستقبلات الضوئية في عيون القطط مختلفة تماما عن البشر. فالقطط لديها في شبكية العين المزيد من القضبان المسؤولة عن الرؤية الليلية والرؤية المحيطية واستشعار الحركة، بينما يمتلك البشر المزيد من المخاريط التي تجعلهم أفضل في رؤية الألوان وضوء النهار.
كما أن العدد الكبير للقضبان في عيون القطط يعني أنها تستطيع الرؤية بشكل أفضل في الضوء الخافت، لكنها لا ترى مثل البشر في الضوء الساطع.
وعلى الرغم من أن القطط قادرة على الرؤية مع ضوء أقل من البشر، فإن هذا لا يعني أن ما تراه في الظلام أكثر وضوحا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القطط تمتلك شريطا عبارة عن طبقة عاكسة من الأنسجة في عيونها تدعى اللوكتيوم، ودورها عكس الضوء الساطع عبر شبكية العين، مما يعمل على زيادة مقدار الضوء الذي تتلقاه العيون، فتكون الصور أكثر إشراقا، لكن أكثر ضبابية، وهي ميزة مفيدة في الليل من أجل الصيد.
العامل الفريد في عيون القطط هو القرنية المنحنية وحدقة العين الرأسية المعروفة بالبؤبؤ والعدسة الكبيرة. حيث يمكن أن يتوسع البؤبؤ الرأسي لما يصل إلى 135-300 مرة مقارنة بـ 15 مرة فقط عند البشر في الإضاءة المنخفضة أو عند تحفيزها أو عند شعورها بالمرح.
وتعاني القطط من قصر النظر مما يعني أنها لا تستطيع رؤية الأشياء البعيدة بوضوح شديد. بينما يمكن لأعين البشر أن ترى شيئا بنفس القدر من التفاصيل التي تراها القطة عن قرب من مسافة تصل إلى 5 مرات.
وعلى الرغم من أن القطط لديها قصر نظر، فإن رؤيتها المحيطية تقدر بـ 200 درجة مقارنة بالرؤية المحيطية للشخص العادي والتي تصل إلى 180 درجة، وهذا يعد مثاليا للقبض على فريسة تمر بعيدا حينما تلتقطها القطة بطرف عينيها.
ورغم تميز رؤيتها المحيطية فإن القطط لا تتمتع سوى برؤية محدودة للغاية للألوان.
لماذا البؤبؤ على شكل شق رأسي؟
يأخذ بؤبؤ العين لدى القطط في الغالب خطا رأسيا مستقيما أثناء النهار ثم يتمدد في الليل، أو عندما تشعر القطط بالمرح. والحدق الرأسية للقطط لها ميزة كبيرة عندما يتعلق الأمر بالرؤية في الظلام لأنها أكثر فاعلية في الاستجابة لكيفية دخول الضوء إلى أعينها. كما أنها تسمح لها بالتركيز، حيث يمكن أن تدخل كميات متفاوتة من الضوء إلى العين من خلال مناطق مختلفة.
وقد وجد باحثون في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، أن الحيوانات التي لديها شق رأسي في حدقة العين -بما في ذلك القطط والثعابين والتماسيح، من المرجح أن تكون مفترسي كمائن.
وخلصوا إلى أن الحدقة الرأسية تساعد الحيوانات في تقدير المسافة الأقصر التي تفصلها عن فرائسها، وهي ميزة لا تحتاجها الحيوانات التي تطارد فرائسها والتي تمتلك بؤبؤا دائريا مثل الفهود والذئاب والقطط الكبيرة، والنمور والأسود.
لكن كيف تساعد عيون القطط بالضبط على نصب كمين لفرائسها؟ للانقضاض على الفريسة يجب أن تكون القطة دقيقة بشكل كبير عند تقدير المسافة بينها وبين صيدها. وهذا ما يساعد فيه البؤبؤ الرأسي ذو الشكل الشقي حيث يأخذ الدماغ الصور المستلمة من العين اليمنى واليسرى، ويقارنها للمساعدة في تقدير المسافة بدقة كبيرة.
لماذا تحتاج القطط رؤية ليلية استثنائية؟
تعود أخصائية طب العيون البيطري بلامر لتقول إن التكيف من أجل الرؤية هو النتيجة المباشرة لحاجة الأنواع للتفاعل مع بيئتها. وتعتبر القطط حيوانات آكلة للحوم من أجل البقاء بصحة جيدة.
ولأنها غير قادرة على إنتاج بعض البروتينات المطلوبة، ويجب أن تبتلعها من مصدر خارجي، فإن القطط تنشط ليلا لأن العديد من فرائسها تنشط في الضوء الخافت.
ومع أنها أكثر نشاطا من الإنسان العادي أثناء الليل، فإن القطط ليست حيوانات ليلية تماما. بل كائنات “شفقية” تنشط للصيد عند الغسق وعند الفجر. وهو الوقت الذي تصبح فيه العديد من الحيوانات الأخرى مثل الفرائس أكثر نشاطا خلال اليوم.
وعلى الرغم من تميز الرؤية الليلية لدى القطط، فإن تفاعل الحيوانات بشكل عام مع البيئة يتطلب تعاون جميع الحواس، وبالتالي فإن قدرة القطط على التنقل بنجاح في بيئتها خلال فترات الظلام لا تعتمد على قدرات عيونها فقط، بل تعتمد أيضا على حواسها الأخرى. فهي لديها سمع حاد جدا وحاسة شم قوية، مما يساعدها على التنقل والتجول ليلا.