مقالات

مأمون مكي حامد المستشار العام (م) بوزارة العدل يكتب: النيابة العامة ما لها وما عليها(2 _ 2)

مأمون مكي حامد المستشار العام (م) بوزارة العدل يكتب: النيابة العامة ما لها وما عليها(2 _ 2)

 

 

أما النظام في السودان فهو هجين فالنيابة العامة سلطة مستقلة وفقاً لأحكام المادة ٨) ١ (من قانون النيابة العامة لسنة ٢٠١٧م ومسئولة مباشرة أمام رئيس الجمهورية عن أداء أعمالها وفق البند ٢ منها.
وتتمتع النيابة العامة بسلطات واسعة فهي تتولى وتشرف على كافة إجراءات الدعوى الجنائية قبل المحاكمة، بما فيها

التحري والتحقيق وتحويل الدعوى الجنائية للمحكمة ( النظام اللاتيني) وتمثيل الإدعاء ووقف الدعوى
الجنائية
(النظام الأنجلوسكسوني).
وهناك مقاربات أخرى يتسم به النظامين يضيق المجال لذكرها، ولا تخضع
قراراتها لأي رقابة في ذلك سوى الرقابة القضائية على الحبس لأكثر من ثلاثة أيام المادة ٤٣ وإستئناف
القرار القاضي بحجز الأموال.

وفي نهاية الأمر تمخض جبل كاتب المقال فولد فأراً فهو يدعو إلى إلغاء النيابة العامة والعودة لنظام قاضي التحقيق وقاضي الإحالة (الخصم والحكم) دون أن يتطرق إلى الأراء المتباينة وهو قول ليس بجديد، فقد تم طرحه في جلسات الإستماع بالمجلس الوطني وتداول فيه جمع من المختصين وخبراء القانون، ولكنه لم يحظ
بالقبول ولم يشكل قناعة وكان نتاج ذلك ترجيح الأخذ بنظام النيابة العامة كأحد آليات تحقيق العدالة الجنائية كفكرة إنسانية وجهد بشري قابل للإصلاح والتطوير فعقارب الساعة لا تعود للوراء.

وأخيراً طرح الكاتب سؤالاً ساذجاً ينم عن سطحية التناول وعدم الإلمام بالقانون حينما تساءل عن وضعية ومكانة أعضاء النيابة العامة في سلسلة عمليات إدارة العدالة الجنائية في السودان هل نطلق عليهم إصطلاح الضباط القانونيين، أم
نطلق عليهم مصطلح قضاة/ قاضي؟
وإجابتنا على السؤال لا هذا ولا ذاك، فقانون الإجراءات الجنائية لسنة

١٩٧١م قد عرف صفتهم في المادة ٢ منه ( تفسير) بمصطلح أعضاء النيابة العامة، وحدد مسمياتهم ودرجاتهم الوظيفية وفقاً لأحكام المادة ١٠ ومهام وإختصاصات النيابة العامة وسلطاتها وفقاً لأحكام المادة ١١ فهم
وكلاء نيابة فحسب، ويمثلون في مجموعهم أعضاء النيابة العامة وهو المصطلح الذي يجب أن يطلق عليهم.
ولنا أن نسأل كاتب المقال الشرطي السابق والمحامي حالياً أين مصطلحات وظائف الشرطة القديمة من

الأميرلاي، وقائم مقام، واليوزباشي، والصاغ، وغيرها من المسميات الأخرى فقد الغيت وفقاً لقوانين الشرطة اللاحقة، وأستعيض عنها بمصطلح وظيفي جديد يتمثل في الفريق، واللواء، والعميد، والعقيد …. إلخ.
وهكذا هو حال مصطلح ضابط قانوني من حيث المسمى والإختصاص.

أتمنى على كاتب المقال بدلاً من المناداة بإلغاء النيابة العامة أن يدعو ونحن معه إلى إصلاح نظام النيابة العامة في السودان، تعزيزاً لإستقلالها وضماناً لحيادها وتعزيزاً لكفاءتها المهنية وتحسين بيئة عملها وإصلاح
القوانين ذات الصلة بما يحقق الإصلاح المنشود، وأن لا نجعل قراراً كقرار فرض الرسوم على خدماتها يمكن تعديله أو إلغاؤه سبباً ومعولاً لهدمها.
فصرح النيابة العامة ولد ليبقى ونواصل..
والله من وراء القصد.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى