لوموند: هذه المناطق الثلاث التي يحتمل أن تنطلق منها شرارة حرب في 2022
يحذر آلان فراشون -وهو كاتب العمود في صحيفة “لوموند” (Le Monde) الفرنسية- من أن القوى العظمى الثلاث (الولايات المتحدة والصين وروسيا) لا تزال تحافظ على فرضية الحرب في ميزان القوى بين الدول، ولذلك يبقى احتمال نشوب الحرب واردا هذا العام، وإذا تنقلنا تبعا لاحتمال نشوب الصراع بين مناطق الخطر الأوفر حظا، فسنبدأ من أوكرانيا، منتقلين إلى إيران، ثم ننتهي قبالة تايوان.
أوكرانيا
وأوضح الكاتب في مقال له أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول فرض إيقاعه في أوروبا، ورسالته بسيطة، فهو يقول -بعد ضم منطقة القرم وتنظيم انفصال منطقة دونباس الأوكرانية- إنه مستعد للذهاب إلى كييف وإخضاع أوكرانيا بأكملها، وذلك بعد إظهار القوة العسكرية الجديدة لبلاده في إطلاق الصواريخ من أحدث طراز، والتدمير في الفضاء، والمناورات الضخمة على حدود أوكرانيا.
وقد عرض الروس طموحهم علانية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2021، عندما قال بوتين إنه يريد “بنية أمنية جديدة في أوروبا”، بما يعني العودة قدر الإمكان إلى منطقة النفوذ الروسي التي كانت موجودة خلال أيام الاتحاد السوفياتي، بحيث يجب إغلاق أبواب حلف الناتو في وجه أي مشارك جديد، وذلك لتهيئة مفاوضات ثنائية بين أميركا وروسيا تفتتح في التاسع والعاشر من يناير/كانون الثاني الجاري في جنيف، بين القوى العسكرية الكبرى بعد أن استبعدت موسكو صراحة الأوروبيين منها.
وعلق الكاتب بأن كلمة “التفاوض” كبيرة في هذا السياق، لأن الكرملين رسم مسبقا وعلنا “خطوطه الحمراء”، ليجعل تقديم التنازل صعبا من جانبه، إلا أن البيت الأبيض رد بأن العديد من المطامح الروسية غير مقبولة.
وليس من المهم -وفق الكاتب- أن يكون الروس على صواب أو خطأ بشأن جدية المظالم التي يعادون من أجلها الغرب، كما أنه ليس من المهم أن يكونوا مقتنعين بها أم لا، لأن روسيا وضعت نفسها واقعيا في موقف يجبرها على التصرف إذا لم تكن راضية عن حال “خطوطها الحمراء”، وهذا هو الأمر المهم الذي يقربنا من الحرب.
إيران
لئن استؤنفت المحادثات بين إيران والولايات المتحدة والوسطاء الأوربيين حول البرنامج النووي الإيراني، من أجل ضمان عدم حصول طهران على أسلحة نووية، فإن التقدم الذي تم إحرازه ضئيل لا يتعدى عودة مفتشي الأمم المتحدة إلى موقع تخصيب اليورانيوم الرئيسي، ولذلك تبدو مساحة التسوية محدودة للغاية، كما يرى الكاتب.
ولأن الإيرانيين لم ينسوا انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018 من جانب واحد من الاتفاقية الدولية التي أبرمتها الولايات المتحدة عام 2015، تحت قيادة سلفه باراك أوباما، وإخضاعه بلدهم لعقوبات اقتصادية قاسية، فهم يضعون الآن شرطين مسبقين، ويريدون أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم التراجع عما سيتم التفاوض عليه، ويطالبون برفع عدد من العقوبات قبل اختتام المحادثات.
ومن الإشكالات القائمة أن الإيرانيين حطموا الحدود الموضوعة لهم في اتفاقية تخصيب اليورانيوم لعام 2015، إذ رفعوا التخصيب إلى معدل 60% بدل 3.7%، ولا يحتاج الانتقال من نسبة 60% إلى 90% الضرورية للاستغلال العسكري سوى شهر واحد، وهذا الشهر القصير -وفق الكاتب- هو الذي يغذي الإغراء الإسرائيلي أو الإسرائيلي-الأميركي بتوجيه ضربة دقيقة إلى قلب المشروع النووي الإيراني.
وتعتقد إيران أن لديها ترسانة رادعة، وبالتالي فإن مثل هذه الضربة لن تمر دون رد، وربما يطلق حزب الله اللبناني بأوامر من طهران وابلا من الصواريخ من لبنان أو سوريا على البلدات الإسرائيلية، ليعود الشرق الأوسط إلى الحرب مرة أخرى.
تايوان
في ديسمبر/كانون الأول 2021، قدم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تشخيصه للمناورات العسكرية الصينية المتكررة ضد تايوان، وقال إنها تبدو كـ”بروفة” قبل الغزو، علما أن الولايات المتحدة التي تعترف بوحدة الصين، تعهدت في عام 1979 بتزويد الجزيرة التي تحكم نفسها منذ عام 1949 بشكل مستقل، بوسائل الدفاع عن نفسها.
ومع أن هذا لا يجبر الولايات المتحدة على التدخل عسكريا -كما يقول الكاتب- فإن الرئيس الأميركي جو بايدن ما زال يفضل الغموض، حتى تبقى بكين تتساءل عن طبيعة رد واشنطن على هجوم قد تقوم به على تايوان.
ورأى الكاتب أن فرضية الغزو لا تبدو فورية، خاصة أن الرئيس الصيني شي جين بينغ لديه موعد سياسي مهم في خريف عام 2022 في المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الذي يجب أن يجدد ولايته كرئيس للصين، ربما للأبد وفق تعليق الكاتب.
واستخلص الكاتب أن الولايات المتحدة والصين وروسيا قوى تحافظ على فرضية الحرب في ميزان القوى بين الدول، في حين أن القوة الوحيدة التي تستبعد هذا الخيار، ربما بسبب الناحية الهيكلية أو بسبب العجز إن لم يكن بسبب الفلسفة، هي الاتحاد الأوروبي.