مقالات

لواء ركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلامي كتب : السحر الأسود لليوم الأبيض

لواء ركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلامي كتب : السحر الأسود لليوم الأبيض

لم أكن أعبأ كثيراً بما يتناهى إلى سمعي وبصري عن عالم السحر والسحرة والدجل والشعوذة من شاكلة التأثير على الغير ضراً أو نفعاً حسداً أو حقداً توجيهاً أو امتلاكاً (كالخاتم) في الأصبع.. وقناعتي وايماني أنه حتى النفع والضر الذي ذُكر في القرآن عن هاروت وماروت قرنه الله

سبحانه وتعالى بمشيئته فلا ضرٌ ولا نفعٌ إلا بإذن الله فكنت مطمئناً رغم هذا السماع.. كما أنني لم أسع يوماً لامتلاك قلوب (العذارى) بعرق المحبة أو امتلاك رئيسي في العمل (بالعمل) أضعه في قهوة الصباح وشاي الظهيرة.. والسودانيون خاصة النساء ولعات جداً بهذه

الأمور حيث تلجأ بعضهن في العادة لتتبع أزواجهن عن طريق (GPS) السحر أو تحصينهم من (زوغان العين) أو تحييد (النسيبة والحموات) أو العكس وذلك بامتلاك زمام زوجة الإبن الوافد الجديد للأسرة.. ثم ظهرت مؤخراً مسألة ستات الشاي وهي المهنة التي انتشرت بشكل

غريب وعجيب بالخرطوم واللاتي يضع بعضهن (السحر) ليدمن الزبائن القهوة أو الشاي فتجد الرجل يخرج من بيته (أشعث أغبر) لا يلوي على شيء يقطع الفيافي والوهاد والوديان ليشرب قهوة (أم الحسن) ولا شيء غيرها وإن كانت هذه الغيرها ست بيتو وأم عيالو

في مجال العمل كانت القصص تنتشر وتتناثر هنا وهناك ويتم تداولها بكثافة لكنها انحصرت في ذات الاتجاه (كتبتني وكتبتها).. وقد يلجأ أحدهم لتشفير إحداهن وقد رفضت الاقتران به فلا يتقدّم لها عريس وهي تحسب سنوات العمر تمضي (قطاراً بلا عرسان) دون أن تدري

لتفك الشفرة.. أما ناس مايرنو والدمازين وقد عملت في الأخيرة فترةً من الزمن ليست بالقصيرة فكانوا يؤخرون كشف المعاشات والتنقلات والترقيّات خاصةً في الشرطة .. وهذه مثبتة عندهم بعد أن برعوا في مجال (كواديك) كرة القدم حتى على مستوى الفرق الكبيرة والحديث هنا يطول.. تطوّر الأمر في عهد الإنقاذ ليصبح سمة عامة لا

تكاد تخلو منها مؤسسة أو مصلحة حكومية خاصة خلال العشر سنوات الأخيرة من عمر الإنقاذ حيث كانت الكتابة هي المسيطرة في كل شئ.. فالكل يريد امتلاك المدراء والرؤساء والقصص كثيرة تشير إلى ذلك ولعل الجميع

سمع بأن أحد المسؤولين لو أراد الذهاب لأي مكان حتى ولو كان (الحمام) لابد وان يسأل أين فلان؟ وفلان هذا مدير مكتبه وكاتبه سحراً حراماً غير مباح

الذين عرفوا الرئيس البشير عن قرب منذ توليه أمر البلاد وإلى حين الحادي عشر من أبريل 2019م يبصمون بالعشرة ويقسمون أنهم رأوا نسخة مختلفة تماماً من الرئيس البشير الذي يعرفون (New Version).. وذلك

خلال الخمس سنوات التي سبقت ذهاب حكمه فليست الشخصية كما عرفوها تفاعلاً وحضوراً وحكمة وحميّة وفراسة وأنا وقد كنت شاهداً على العصر عما يدور في القصر أشهد بذلك وأبصم معهم بالعشرين بدلاً من العشرة.. كيف لا وقد استقدم مدير المكتب الذي (تعلمونه

جيداً) من يقوم له بكتابة الرئيس التي استمرت واستمرت ردحاً من الزمن لتغييب الرئيس عقلاً وفكراً وإرادة رغم وجوده جسداً وروحاً.. من شواهد ذلك أنه ورغم النصح الذي كان يبذل للرئيس البشير عن أمور واضحة بيّنة تحتاج لمراجعة بما فيها استمرار مدير مكتبه في موقعه

رغم الكثير المثير الخطر الذي يقوم به إلا أن (النسخة الثانية للبشير) كانت ترفض المراجعة أو اتخاذ القرارات الصحيحة والتي من أهمها التقليل من نفوذ طه الذي كان يدعي أنه الرئيس الفعلي للسودان فأورد الرئيس البشير المهالك وخصم من رصيده الشعبي كثيراً.. ثم تطوّر الأمر

(لشراكة ذكية) في مجال السحر والسحرة مع قائد المليشيا حيث تطوّرت علاقاتهما بعد أن وضعت الإمارات قائد المليشيا المتمردة الحليف رقم واحد بالنسبة لها وهي تعد لمواجهته للقوات المسلحة ذات يوم .. وهو الذي استقدم سحرة غرب افريقيا ليصل إلى ما يريد وليستمر

تغييب الرئيس بذات الشراكة عبر السحر المحلي مخلوطاً ومحسناً بالسحر الأفريقي.. والقصة الأشهر التي تؤكد هذا التغييب الذي ذكرت اللقاء الأخير بين الرئيس البشير

ونائبه الأول وتفاصيله وكيف انتهى هذا اللقاء (الحزين) بصدور قرار كان صادماً لكل من يراقب الأوضاع في البلاد وهو قرار إقالة النائب الأول بكري حسن صالح

بعد مجئ الفريق أول البرهان استمر مشروع سحر آل دقلو حيث كان هؤلاء السحرة الذين يسمون زوراً وبهتاناً (بالشيوخ) يقيمون بحي الشهيد طه الماحي وعددهم لا يقل عن خمسة.. ويغدق عليهم قائد المليشيا المال الكثير ليكتبوا ويكتبوا ويكتبوا كل شخص لديهم عنده مصلحة

ما بدءاً من رئيس المجلس السيادي الانتقالي والعسكريين أعضاءه وهما كباشي وياسر العطا.. وقد رشح في الأنباء غير مرة توعّك صحة ثلاثي المجلس السيادي لأسباب تتعلق بالسحر.. ولكن لتأكيد ما ذهبت إليه فإن الكثير من

القرارات الكارثية التي وقّع عليها البرهان لصالح الرجل والتي خصمت من رصيده تتعجب كيف لها أن تصدر وبتوقيعه هو؟ ينطبق ذات الأمر على رئيس أركان القوات المسلحة وسماحه بتمدد المليشيا واستحواذها على ما تريد من مستلزمات عسكرية وسلاح وذخائر وإمدادات لوجستية

أهم محطتان تؤكدان صدقية ذلك الأمر تصريحان لآل دقلو وقد أثارا الكثير من ردود الأفعال المتباينة ..
التصريح الأول لقائد المليشيا عن (قاش نميري) وكيف أن البلد ليس فيها شخص كارب قاشو وذلك في طعن واضح ومباشر لقيادة القوات المسلحة.. والتصريح كأنما قيل

اختباراً لسحر السحرة وهل أدى مفعوله فيصمت البرهان بعد أن يسمعه أم أنه سينتفض أسداً هزبراً وينقض على الرجل فيجعل رائحته (طير طير) .. ولكن مر التصريح مرور الكرام وقطعاً نال هؤلاء مكافاة نظير عملهم هذا ..
التصريح الثاني لشقيقه المعتوه عبد الرحيم عن ضرورة

(تسليم السلطة فوراً دون لف ودوران) ليمر التصريح عبر الجميع تماماً (كالكرة المعكوسة) ولم يجد من يركله في وجه صاحبه فيلقمه حجراً.. وليتاكد الرجلان ويقتنعا بأنهما يحكمان بالسلطة والمال والسحر كأخطر مثلث يستخدم في تاريخ الصراع السياسي في السودان

أخيراً: بعض المراقبين يرون في الحيثيات التي ذكرت لكم مرافعة حقيقية عن الرئيس البشير (الحاضر الغائب) بسبب السحر الأسود هذا .. وبذات القياس موقف الفريق

أول البرهان وأعضاء السيادي وقيادة القوات المسلحة في تمرير قرارات تمكين الدعم السريع وتمدده في كل مكان وموقع.. مع شغل الناس بتفكيك تمكين من نوع آخر ليس به قنّاص ولا رباعي ولا ثنائي ..
فيا للسخرية.

أخيراً جداً: هذا غيضٌ من فيض.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى