لماذا يرتدي الأطباء اللون الأبيض؟
كانت السترة السوداء رمزا للعلم والفكر والاختراع، وهو اللون المناسب لمن يتحلى بالجدية والاجتهاد، وهي قيم اعتبر الناس حينها أن اللون الأسود يمثلها بشكل أفضل.
كان اللون الأسود أكثر لون منطقي لسترات الأطباء مقارنة بالألوان الأخرى سواء لأسباب رمزية أو عملية، حتى أدركوا أن العلم لا يوافق على هذا الرأي.
وقالت صحيفة “الكونفدنسيال” (elconfidencial) الإسبانية إن اللون الأبيض لم يكن دائما هو القاعدة في مهنة الطب، وإنما اعتُمد هذا اللون رسميا لأسباب رمزية وعملية. وفي الواقع، اعتبر الناس قبل سنوات طويلة أن اللون الأسود هو الأفضل لسترات الأطباء، ولكنهم فهموا لاحقا أن هذا الأمر غير مناسب من الناحية العلمية.
واليوم، عندما نفكر في الأطباء فإن أول شيء يتبادر إلى أذهاننا هو شخص يرتدي سترة بيضاء، وهي تمثل الزي المميز للعاملين في مجال الرعاية الصحية بشكل عام، ولا يمكن تخيل شخص يمارس هذه المهنة دون ارتداء السترة البيضاء.
الأطباء كانوا يرتدون أزياء سوداء أنيقة
ولكن هذه السترات البيضاء لم تكن دائما هي اللون الرسمي في مجال الطب، وهو ما تظهره بعض الأفلام القديمة التي تدور أحداثها في بداية القرن الـ20، حيث كان الأطباء يرتدون أزياء سوداء أنيقة. وكان العلماء والباحثون بدورهم يرتدون اللون الأسود في ذلك الوقت، الذي كان لونا معتمدا في الأوساط العلمية ولدى المثقفين، كنوع من التقليد الجماعي أو طريقة لتمييز هذه الشريحة من الناس عن غيرهم من العامة.
كانت السترة السوداء رمزا للعلم والفكر والاختراع، وهو اللون المناسب لمن يتحلى بالجدية والاجتهاد، وهي قيم اعتبر الناس حينها أن اللون الأسود يمثلها بشكل أفضل.
وإلى جانب هذه الرمزية للون الأسود الذي يرتبط بالجدية والذكاء، فإنه اعتُبر وسيلة أفضل لإخفاء البقع والأوساخ. وكانت فكرة اعتماد الألوان الداكنة بدل الألوان الفاتحة من أجل إخفاء البقع شائعة على نطاق واسع قبل أن تتغير الأمور عندما فهم الناس أهمية الحفاظ على نظافة أماكن ممارسة الطب، وذلك من أجل تجنب انتشار البكتيريا وتفشي الأمراض المعدية.
اكتشاف البقع والأوساخ بأسرع وقت
وتماما مثلما كان الأسود يعتبر في أواخر القرن الـ19 وبداية القرن الـ20 لونا مناسبا لهذه المهنة، بات الأبيض هو المعتمد بشكل رسمي لأن الناس انتقلوا من مرحلة التفكير في إخفاء البقع إلى مرحلة السعي لاكتشاف هذه البقع والأوساخ بأسرع وقت ممكن من أجل التخلص منها حفاظا على النظافة والتعقيم. وعلى هذا النحو أصبح اللون الأبيض مرادفا للنظافة، وهو اليوم يستخدم في المستشفيات لونا موحدا للجدران والحشايا والأغطية والملابس.
الأبيض يرمز للصدق
في مقال نشر في عام 2007 في مجلة الأخلاقيات التابعة لجمعية الطب الأميركية، قال الدكتور مارك هوكبيرغ إن اللون الأبيض لا يرمز إلى النظافة والترتيب فقط، بل أيضا للصدق والشفافية. وشيئا فشيئا، باتت السترات البيضاء حتى في شاشات السينما وفي الحياة العامة ترمز للحقيقة والالتزام الأخلاقي.
متلازمة السترة البيضاء
ولكن هذا اللون الأبيض بات لدى بعض الناس مرتبطا بالفوبيا من الأمراض والعلاج والمستشفيات باعتبار أن هذه السترة البيضاء تعني الطبيب والممرضين والفحوص. واليوم أثبتت أبحاث علم النفس أن بعض الأشخاص يعانون من ارتفاع في ضغط الدم واضطرابات في الجسم عندما يدخلون إلى المستشفى ويجلسون أمام الطبيب، وهي ظاهرة تسمى متلازمة السترة البيضاء. وقد بات الأطباء على علم بهذا المشكل لذلك ينزعون أحيانا السترة البيضاء لتهدئة المريض.