لماذا يجب التوقف عن استخدام الطعام لمكافأة طفلك أو تهدئته؟
“إذا جلستَ هادئا عند طبيب الأسنان، فسنشتري لك المثلجات”، “أنت محروم من الحلوى بسبب تصرفاتك غير اللائقة مع إخوتك”، عندما يتعلق الأمر بمكافأة الأطفال أو معاقبتهم أو محاولة تهدئتهم، غالبا ما يكون الطعام من الأدوات الأولى التي يستعين بها الوالدان.
إعطاء الطفل قطعة حلوى لمكافأته على حسن تصرفه، أو حرمانه مما يشتهي بسبب سوء تصرفه، قد يبدو أسلوبا فعالا وغير ضار، لكنه في الحقيقة له آثار سلبية كثيرة، ربما لم تفكري بها سابقا، ويمكن أن يدفع أطفالك إلى اكتساب عادات أكل غير صحية تؤثر على صحتهم مدى الحياة.
تكوين مبكر
أوضحت الباحثة المتخصصة في التغذية جيسيكا فريز، لموقع خدمة الصحة العامة في ولاية كوينزلاند الأسترالية، أن “جذور علاقتنا بالطعام وعاداتنا الغذائية الطويلة الأمد تنشأ في مرحلة الطفولة المبكرة، ولذلك من المهم للغاية الانتباه إلى ما نعلمه لأطفالنا عن الطعام منذ الصغر”.
وهذه بعض الآثار التي يمكن أن تنتج عن استخدام الطعام استجابة لسلوكيات أطفالك، وتؤثر على صحتهم وسعادتهم على المدى الطويل:
النفور من الطعام الصحي
إجبار الطفل على تناول طبقه كاملا عقابا على سلوكه السيئ، يمكن أن يطوّر لديه عادات غذائية سيئة، مثل الأكل حتى بعد الشعور بالشبع، أو يسبب له كرها أو نفورا من تلك الأطعمة المغذية التي أُجبر على تناولها.
بناء عادات الأكل العاطفي
استخدام الطعام مكافأة أو عقابا أو طريقة لتهدئة الطفل، يساهم في تكوين علاقة غير صحية مع الأكل، وبناء عادات أكل عاطفي، مما يعني استخدام الطعام مكافأة أو آلية للتأقلم أو من أجل الشعور بالراحة.
وأوضحت دراسة نشرت في “المكتبة الوطنية الأميركية للطب” (US National Library of Medicine) عام 2020، أن استخدام الوالدين الطعام مكافأة للطفل في عمر 4 سنوات، يُنبئ بإفراطه في الأكل العاطفي وانتقاء الأكل في سن 9 سنوات.
إعطاء قيمة أكبر للحلوى
غالبا ما تكون الأطعمة غير الصحية هي التي تُقدم جائزة للأطفال، وبذلك ترسلين رسالة مفادها أن الحلويات ذات قيمة أكبر من الأطعمة الأخرى. في المقابل، تقل رغبة الطفل في تناول الأطعمة الصحية التي أُجبر على تناولها للحصول على الأطعمة الأخرى المحببة له.
هدم ما تحاولين بناءه
عندما تعلمين طفلك أهمية الطعام الصحي وقيمته، وأضرار السكريات والأطعمة غير الصحية، ثم تجعلين هذا الطعام غير الصحي هو المكافأة، فإنك تهدمين ما تحاولين تعليمه لطفلك. وقد شبّهت مارلين بي شفارتز، مديرة مركز “رود” (Rudd) لسياسات الغذاء والسمنة، الأمر بأنه مثل “تعليم الأطفال درسا عن أضرار التدخين، ثم مكافأتهم بتوزيع سجائر وولاعات عليهم لأنهم أحسنوا الاستماع إليك”.
ما الحل؟
يمكنك إعادة تصحيح مفهوم أطفالك حول الطعام بخطوات بسيطة، وهذه بعض الأفكار التي قد تساعدك:
انتقي كلماتك
من أولى الخطوات التي أوصت بها المتخصصة في التغذية جيسيكا فريز الآباء هي الانتباه إلى الكلمات التي يستخدمونها عند التحدث عن الطعام. إذ حذرت من الإشارة إلى الطعام الصحي بأنه “جيد”، وغير الصحي أنه “سيئ”، لأن ذلك قد يكون محيرا للأطفال إذا قُدّم له طعام غير صحي (سيئ) مكافأة على تصرف جيد.
وبدلا من تصنيف الأطعمة على أنها “جيدة” أو “سيئة”، يمكنك مناقشة العناصر الغذائية الموجودة في الطعام الصحي والفوائد الإيجابية المرتبطة به، ولماذا نحتاج إلى تناوله يوميا.
وفي النهاية، يجب أن نأكل كل الطعام بوعي واعتدال.
لا تجبريه
حاولي ألا تجبري أطفالك على تناول الطعام عندما لا يكونون جائعين، وإذا لم يبدوا إعجابهم بطعام معين، يمكنك تقديم العنصر الغذائي ذاته في وجبات أخرى من دون إجبارهم على تناول ما لا يحبونه بدعوى أنه مفيد أو مغذ.
وهذه بعض النصائح التي يمكنك الاستعانة بها في ما يتعلق برفض الطفل الطعام:
أشركيهم في شراء الطعام
اجعلي شراء حاجات البيت من الطعام وإعداد الوجبات الصحية نشاطا جماعيا يشارك فيه أطفالك، وشجعيهم على تجربة أطعمة مختلفة لذيذة ومفيدة.
مشاركة عائلية
اجعلي السلوكيات الصحية نهجا لجميع أفراد الأسرة، وذلك حتى يتعلم الأطفال أنهم ليسوا وحدهم المفروض عليهم أن يكونوا أكثر حرصا على الطعام المفيد، بينما يتناول الكبار ما لذ وطاب من الأطعمة غير الصحية.
الطعام ليس متنفسا
ساعدي طفلك على تعلم أن الطعام ليس حلا للمشكلات. وعند مواجهة ما يصعب عليه حله، يمكنه مشاركة ذلك وتعلم التعامل الصحي مع مشاعره بدلا من التوجه إلى الطعام والحلويات.
وفّري خيارات بديلة
حاولي إخراج الطعام من خياراتك عندما يتعلق الأمر بمكافأة أطفالك أو معاقبتهم، فهناك الكثير من الطرق الأخرى التي تستجيب لسلوكياتهم. وتذكري أن المديح والكلمات التشجيعية والوقت الذي يمضيه أطفالك معك يمكن أن يكون كافيا، وليس هناك حاجة إلى الخروج والقيام بأشياء كبيرة.
ويمكنك تقديم مكافآت حقيقية بدلا من الطعام، مثل لعبة صغيرة أو الخروج في نزهة عائلية أو الاشتراك في أي نشاط آخر محبب للجميع.
ماذا عن الاحتفالات؟
ترتبط بعض الأطعمة بمناسبات معينة، مثل كعك عيد الميلاد، أو الحلويات الخاصة بالأعياد، فهل يجب أن نقطع كل العلاقات الاحتفالية بالطعام؟
أشارت فريز إلى أن الطعام يعد جزءا كبيرا من التقاليد الثقافية والعائلية، ولا داعي لقطع هذه الروابط، وكل ما نحتاجه هو تعليم أطفالنا أن الطعام ليس السبب الوحيد لتنظيم أي احتفال.
فلا بأس في استخدام الطعام أثناء الاحتفال، لكن تجنبي أن يكون هو الاحتفال بحد ذاته. على سبيل المثال، أثناء أعياد الميلاد الخاصة بأفراد العائلة، نحتفل بالمناسبة، وخلال الاحتفال نأكل الحلوى، ولكن الحلوى ليست الغاية الأساسية من الحدث.