يسين ابراهيم الترابي يكتب: لجنة صرف مرتبات معلمي ولاية الخرطوم تجتاز عقبات كؤود وتطوع صعوبات جمة
يسين ابراهيم الترابي يكتب:لجنة صرف مرتبات معلمي ولاية الخرطوم تجتاز عقبات كؤود وتطوع صعوبات جمة
بقلم: يس إبراهيم الترابي
ربما لم يشعر المعلمون والمعلمات بعوامل الإرهاق الذهني والبدني الذي ينتاب أعضاء اللجنة المشرفة على صرف مرتبات معلمي ومعلمات وعمال وعاملات ولاية الخرطوم، وقد يسنح ذلك للمتابعين أو الأقربين أو اللصيقين بالأحداث، وكل الرسائل في كافة الوسائط من المعلمين
والمعلمات تدعو لصرف المرتبات وتناشد المسؤولين بذلك، ولكن لا يعنيهم البتة ما يحاط بالكيفية التي تصل بها هذه المرتبات.
وكنت قد سطرت مقالا عقب أول مرتب يصرفه معلمو ومعلمات ولاية الخرطوم وهو مرتب شهر إبريل من العام الماضي الذي جاء بعد شهرين من نشوب الحرب التي
اندلعت في منتصف هذا الشهر، وقد أشفقت حينها على أحد الصرافين الذي سلك طريقا صعبا إن لم أقل وعرا وهو يمر عبر ارتكازات الدعم السريع حتى دخل ولاية الجزيرة من الجهة الغربية قبل سقوطها ، وقد تعطلت المركبة التي كانت تقله ، وبقية أعضاء اللجنة في انتظاره وهم قد وصلوا لمدينة ود مدني بعد معاناة شديدة ،
فأشدت حينها بجهودهم هذه إخلاصهم وتحملهم هذا العنت والمشقة.
ولأن صرف المرتبات لم يكن بالصورة الشهرية الراتبة ، فإن أعضاء هذه اللجنة ما إن يفرغوا من مهمتهم حتى يعودوا أدراجهم من حيث أتوا بنفس صعوبات الطريق لأنهم لا يمكن أن يمكثوا في مدينة صرف المرتبات لمدة
غير محدودة ولا يعلم مداها، فيمكثون ماشاء الله لهم أن يمكثوا ما شاء الله لهم أن يمكثوا حتى يرجعوا من جديد لنفس المهمة الشاقة من مناطق بعيدة حالما دعا داعي صرف مرتبات الشهر الجديد.
وبعد أن يجتمعون يبتدرون إجراءات الصرف وسط رداءة الشبكة فيضيفون ويحذفون ويعدلون حسب التوجيهات التي تردهم أو الاستقطاعات الخاصة بالبيع بالتقسيط وغيرها من بقية الإجراءات الجديدة التي تتطلب رهقا متعبا وجهدا مصببا ويتابعون كل صغيرة وكبيرة، وبعد تأكدهم من نزول أموال المرتبات في الحساب ينتظرون
تحويلها من بنك لآخر حتى تصل لحساب الوزارة وهذا الأمر يجعلهم في دوام متواصل منذ الصباح وحتى وقت متأخر من الليل ، لا يتبرمون ولا يتضايقون بل نجدهم في لهف وشوق لإدخال الفرح والسرور في قلوب المعلمين والمعلمات الذين ينتظرون هذه المرتبات بفارق
الصبر وعلى أحر من الجمر لظروف متباينة معلومة للجميع أهمها عدم الاستقرار المكاني والنفسي والمعيشي والمهني بتوقف الدراسة.
أردت أن أعكس لزملائي المعلمين والمعلمات حجم المجهود الجبار الذي تبذله هذه اللجنة والعمل الضخم الذي تقوم به مع إجراءات صرف كل شهر ، وهم يجتازون
على الدوام عقبات كؤود ويطوعون ظروف قاهرة ويعالجون أوضاع قاحلة ويواجهون صعوبات جمة ، فيكرسون جل وقتهم للمعالجات المستمرة ، فينعكس ذلك على صحتهم وهم يؤدون مهمتهم بهذا الإخلاص الفريد بسبب تداعيات الحرب التي لم تترك لهم راحة نفسية أو وظيفية تهيئ لهم سهولة مباشرة عملهم.
ومن دواعي الافتخار لكل المعلمين والمعلمات أن وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم قد حُبيت بمدير عام للتعليم غاية في التنظيم وقمة في الترتيب والدقة في الأداء لا يترك شاردة ولا واردة إلا وله فيها معرفة وخبرة ، وحظيت بأخلاقه أيضا وصبره وحسن تصرفه وتعامله العادل ، فهو يجيد تكوين اللجان المختلفة ويمتاز بوضع
مهامها واختصاصاتها ويحدد ميزانيتها وأيام إنجازها ، وقد تعلمنا منه الكثير في هذا المضمار كجانب تدريبي عملي، ولذلك ظلّ مستشارا دائما للجنة صرف المرتبات التي تلجأ إليه على الدوام كلما إدلهم بهم أمر أو حزمهم جانب، وكانوا يجدون عنده الرؤية الثاقبة والنظرة السليمة والحلول الناجعة والبلسم الشافي.
وأود أن أشير هنا إلى أن السيد والي ولاية الخرطوم قد أولى جانب المرتبات عنايته الخاصة وأوفد نفرا لبورتسودان للتباحث مع المسؤولين بمجلس السيادة ووزارة المالية أمر هذه المرتبات بعد أن تعالت الصرخات وكادت أن تحدث الصدمات لولا عناية الله التي لحظت
هؤلاء المعلمين والمعلمات الأجلاء وربطت على قلوبهم وهم يعيشون في ييئات متباينة بعضها نزوحا وبعضها تشردا وبعضها تشددا في إجراءات اللجوء وأخطرها تسلك طريق الهروب مما أوقع بعضهم في حوادث الطريق وغير ذلك، فلم تكن لهم منافذ صرف أخرى خلاف المرتبات بعد أن فقدوا ممتلكاتهم المنزلية وحساباتهم
البنكية وذهبهم وفارقوا ديارهم ، وهذا ما راعاه السيد الوالي وأرهق عاتقه كثيرا وأعرق جبينه وهو يتابع كل الأمور ميدانيا في مناطق عمليات ملتهبة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعظم أجر صبر أعضاء هذه اللجنة الموقرين المتعاونين المتواددين ، فلم نشعر بينهم
اختلافا طيلة الشهور الماضية ، بل كان كل واحد منهم يؤدي دوره المناط به وسط ارتباطات هذه الأدوار ببعضها البعض في حلقة منسجمة، هل يمكن للمعلمين والمعلمات أن يعطوهم اعتبارا ويعلوهم شأنا واعترافا بفضلهم وهم يرهقون ويعرقون حتى تصل هذه الرواتب لأصحابها، لله دركم وكان الله في عونكم.