لا تكبحي فضوله كيف تتعاملين مع أسئلة طفلك غير المنقطعة؟
يبدأ الأطفال في عمر 3 سنوات، وربما قبل ذلك، في السؤال عن كل شيء يحيط بهم، سواء أكانت لذلك إجابة أم لا. أسئلتهم ليست لها حدود، وأحيانا لا تُشبع الإجابة فضولهم، كما يسألون عن أسباب الإجابة أيضا.
“لماذا يجب أن أتناول الفطور؟” “لماذا نسير في هذا الطريق؟” “لماذا غربت الشمس؟” “لماذا يبكي هذا الطفل؟” “لماذا ننام؟”، وغيرها من الأسئلة التي قد تبدو غير منطقية، لكنها في الحقيقة وسيلة طفلك للتعرف على العالم من حوله وتنمية مهاراته المعرفية.
تتسبب أسئلة الطفل المستمرة في انزعاج الوالدين أحيانا، وقد يشعرون بالإرهاق من تحدث الطفل بلا انقطاع، وربما لا يكون الوقت مناسبا للمناقشات، أو يشعرون بالإحباط لعدم القدرة على إجابة جميع الأسئلة.
ورغم ذلك تجب إجابة طفلك قدر المستطاع مع تجنب كبح فضوله، والنظر إلى أسئلته على أنها فرصة لتعليمه مناحي الحياة وهو مرحب ومنفتح على ذلك.
لماذا يسألون “لماذا”؟
يلعب الفضول الفطري لدى الأطفال دورا كبيرا في دفعهم للسؤال عن كل شيء، ويساعد فضولهم بشأن العالم على بناء المفاهيم واكتساب المهارات وتعلم المفردات وفهم المجهول، فكل شيء بالنسبة لهم جديد ومثير للاهتمام والإعجاب، ويريدون استكشافه أكثر عبر التحدث عنه معك.
وأظهرت دراسة قام بها باحثون من جامعة ميشيغان الأميركية أن الأطفال في عمر 3 سنوات تقريبا ينشط فضولهم لتعلم المزيد عن بيئتهم، وطريقتهم لذلك هي طرح الأسئلة. يبدؤون في ممارسة مهارات التفكير النقدي وقيادة رحلة تعلمهم.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه الأسئلة التي يلقيها الأطفال تنبع من احتياجهم لتفسير ما يثير فضولهم -يحاولون إيجاد إجابات حقيقية لأسئلتهم- لا لجذب الانتباه أو الحصول على الاهتمام أو إطالة المحادثة فقط، كما يظن البعض.
ولدى الأطفال في هذا العمر قدرة على فهم السببية، لذلك عندما يطرحون سؤالا، فإنهم قادرون على فهم وتعلم كيف تجري الأمور الأشياء ولماذا تحدث.
وخلصت دراسة أخرى من جامعة ميشيغان أيضا أجريت على 6200 طفل في سن الروضة إلى أن فضول الطفل مرتبط بقدراته التعليمية، فكلما زاد فضوله، زادت احتمالية أدائه في المدرسة بشكل أفضل.
وإلى جانب الفوائد التي تعود على عقل الطفل، تقوي هذه الأسئلة ارتباطك بطفلك وتخلق حوارا بينكما، للتعرف عليه بشكل أكبر ومعرفة ما يحب وما يثير اهتمامه.
لكن بالطبع، لا يملك أحد قدرات محرك البحث “غوغل” (Google) ولا نملك الإجابات والتفسيرات لهذه الأسئلة طوال الوقت، كما أن سماع “لماذا” مرارا وتكرارا قد يكون مرهقا حقا. فكيف يمكنك مساعدة طفلك على التعلم بطريقة إيجابية؟
إليك بعض نصائح الخبراء التي قد تساعدك.
أجيبي عن سؤاله
هذا هو الخيار الأول بالطبع، عليك أن تستغلي فرصة سؤال طفلك وانفتاحه لتعلم شيء جديد، كما عليك أن تقدمي له إجابة فورية ومباشرة، قد تكون قصيرة أو مفصلة، حسب معلوماتك وعلمك بما يمكنه استيعابه.
وأحيانا تكون الإجابة البسيطة هي كل ما يحتاجه طفلك، على سبيل المثال، إذا سألك ابنك “أمي، لماذا لدى هذا القط شعر كثيف؟”، يمكن أن تكون إجابتك واقعية ومختصرة بقول “هذا يسمى فرو، ويغطي جلد الكثير من الحيوانات لتدفئتهم”.
وإذا كان لديك المزيد من الوقت والمعلومات ولدى طفلك اهتمام أكبر وقدرة استيعابية، يمكنك تقديم المزيد من المعلومات المفصلة حول ما يريد فهمه، والتطرق إلى موضوعات ذات صلة.
ابحثي معه عن الإجابة
لا بأس عند عدم معرفة إجابات لأسئلة طفلك جميعها، هنا يمكنك ببساطة إخباره أنك لا تعرفين هذه المعلومة ويجب أن تبحثي، اطلبي منه تذكيرك إذا نسيت.
ويمكنكما البحث والاستكشاف معا من خلال قراءة الكتب أو تصفح الإنترنت أو سؤال صديق مطلع على الموضوع الذي تبحثان عنه.
يتعلم ابنك من ذلك طرق البحث المختلفة، وضرورة الرجوع إلى المصادر العلمية عندما لا يملك إجابة. هذا الأمر يساعدك على الارتباط بطفلك.
اسأليه “لماذا؟”
يمكنكِ مساعدة طفلك على التفكير من خلال إعادة السؤال إليه حتى يساعده ذلك على التفكير والتوصل إلى الإجابة والتفسير الصحيح لما يثير فضوله.
تحلي بالصبر بينما يفكر هو، أظهري اهتمامك بما يقوله، وتجنبي إظهار استيائك إذا لم يتوصل إلى الإجابة الصحيحة، فالهدف هو مساعدته على التفكير وليس التوصل إلى إجابة صحيحة.
اطلبي منه تأجيل الإجابة
في كثير من الأحيان، لا يكون الوقت مناسبا للرد على أسئلة طفلك، وقد يشعرك ذلك بالضيق والغضب لعدم توقفه بينما أنتِ مشغولة بشيء آخر.
يمكنك في هذه الحالة التوقف مؤقتا عما تفعلينه، وإبداء اهتمامك بقول “هذا سؤال رائع حقا”، واطلبي منه بلطف أن يؤجل سؤاله لوقت الغداء، أو قولي له إنك ستجيبينه عندما تنتهين مما يشغلك.
لا تظهري استياءك من أسئلته المحرجة
عندما يسألك طفلك سؤالا محرجا أو لا تودين الإجابة عنه، مثل سؤال “لماذا تبدين غاضبة عندما ترين جارتنا؟” أو “لماذا يبدو بيت خالتي غير مرتب طوال الوقت؟”، حاولي ألا تبدي استياءك من طفلك أو نهره عن سؤاله، وحاولي منحه إجابة بسيطة يمكنه فهمها، أو اطلبي منه تأجيل الإجابة حتى تفكري في إجابة مناسبة.
لا تتجاهليه
عندما تتجاهلين سؤال طفلك وتطلبين منه الصمت أو التوقف عن طرح أسئلة غير منطقية وسخيفة، ربما يتوقف عن سؤالك أنت، لكن سيستمر فضوله، ويبحث عن مصدر آخر لإجابته، وقد لا يرشده الآخر بالطريقة الصحيحة وقد يزوده بمعلومات خاطئة.
غيري الموضوع
حسب موقع “تودايز بارنت” (Today’s Parent) التربوي، فإنه لا بأس من تغيير الموضوع أحيانا وإلهاء طفلك، فقد يكون ذلك هو الملاذ الأخير لك بعد أن استنفد ابنك طاقتك ومعلوماتك ولم تتوقف أسئلته بعد، وما دمت تهتمين به، قد يتقبل الانتقال إلى موضوع آخر والتحدث عنه.