لاعبون في المنتخب الفرنسي يتعرضون للعنصرية ومعارضو ماكرون يتهمونه باستغلال المناسبة
الخرطوم|العهد اونلاين
لاعبون في المنتخب الفرنسي يتعرضون للعنصرية ومعارضو ماكرون يتهمونه باستغلال المناسبة
باريس- لم تخف أصوات الاحتفالات الفرنسية بفوز المنتخب بوصافة كأس العالم لكرة القدم، أصوات الكراهية والعنصرية التي ضجت بها منصات التواصل الاجتماعي لبعض لاعبي المنتخب الذين اضطروا إلى الحد أو إلغاء التعليقات الموجودة في منشوراتهم على إنستغرام.
أما المعارضة الفرنسية فلم تترك حضور رئيس الجمهورية، إيمانويل ماكرون، المباراة يمر مرور الكرام، واستغلت الفرصة للاستهزاء به، خاصة بعد هرولته باتجاه الملعب لمواساة الفريق.
تعليقات عنصرية
وتعرض العديد من لاعبي المنتخب الفرنسي، بمن فيهم تشواميني، وكولو مواني، وكينغسلي كومان، للإهانات العنصرية على صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الهزيمة أمام الأرجنتين.
وقد ركزت الإهانات أساسا على نشر رموز تعبيرية على شكل غوريلا أو قرد وعبارات مثل “الأفارقة القذرين” و”الزنوج” و”العبيد”.
في المقابل، أعادت وزيرة الرياضة أميلي أوديا كاستيرا نشر تغريدة لفريق “بايرن ميونخ” الذي ندد بالتعليقات العنصرية ضد مهاجمه كومان.
وقالت كاستيرا في تغريدتها: “هذا أمر مخزٍ. دعم كامل لكومان وجميع اللاعبين الذين وقعوا ضحايا للتعليقات العنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي التي لا مكان لها في كرة القدم أو في أي مكان آخر”.
وتذكّر هذه التصرفات التي وُصفت بـ”غير الأخلاقية” بالعنصرية التي استهدفت كيليان مبابي بعد ركلة الجزاء الضائعة التي أدت إلى إقصاء فرنسا أمام سويسرا في دور الـ16 من يورو 2021.
كما كان حارس المرمى هوغو لوريس، البالغ من العمر 35 عاما، هدفا لرسائل الكراهية العلنية من خلال مقاطع فيديو كاريكاتيرية وتعليقات من قبيل “أبيض قذر” و”ابن العاهرة” و”أسوأ حارس مرمى في تاريخ تسديد ضربات الجزاء”.
وقد أعلن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم تقديم شكوى ضد كل من علّق بتصريحات عنصرية على منصات التواصل الاجتماعي ضد العديد من لاعبي المنتخب الفرنسي.
انحياز ماكرون الواضح لمبابي
من جانب آخر، وبعد دقائق من نهاية المباراة بركلات الترجيح، اتجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أرضية الملعب لدعم اللاعب كيليان مبابي، صاحب أهداف فرنسا الثلاثة في المباراة، لكن الصور التي تم التقاطها لكليهما سرعان ما استغلها معارضو رئيس الإليزيه.
“فريق الزرق جعلنا نحلم”، هكذا غرد ماكرون قبل أن يوضح للصحافة أنه شارك اللاعبين خيبة أملهم بالخسارة “خاصة لأننا اقتربنا من الهدف”، على حد تعبيره. مؤكدا أنه فخور بإنجازهم.
لكن رئيس الجمهورية أكد مرارا وتكرارا على الأداء الخاص والاستثنائي الذي قدمه مبابي “حقق لنا لاعب واحد 3 أهداف، وهو لاعب كبير”، مشيرا إلى تضييع ركلات الترجيح. وأضاف “إنه يبلغ من العمر 24 عاما فقط.. كنت حزينا على الأقل مثله”.
وعلق نائب التجمع الوطني، سيباستيان تشينو، على قناة “إل سي آي” (LCI): “لقد كان أمرا مروعا بعض الشيء أن أراه بالأمس يحاول التشبث بمبابي”، وتابع بالقول “عندما أرى رئيس الجمهورية يندفع إلى الميدان أو إلى غرفة خلع الملابس.. لم يكن ذلك مناسبا، بل كان سخيفا”.
فيما سخرت عضوة البرلمان الأوروبي، مانون أوبري، من رئيس فرنسا في تغريدة: “لا تقلق كيليان، يمكنك العمل حتى سن الـ65 عاما وتفوز بالكثير من كؤوس العالم!”، في إشارة إلى قانون المعاشات الذي يدعمه ماكرون.
“بطل العالم في الإحراج”
وعبّر معارضون فرنسيون أكثر من مرة عن رفضهم سفر رئيس الجمهورية لحضور مباريات منتخبهم خلال فعاليات كأس العالم 2022 في قطر لأسباب سياسية، وقد وقعت كل تحركاته وأفعاله وأقواله تحت مجهر اليمين والأحزاب المعارضة التي أمطرته بالانتقادات.
ولم يتأخر عضو الجمعية الوطنية، بنجامين لوكاس، في السخرية من ماكرون واصفا إياه بـ”بطل العالم في الإحراج”.
من جهته، انتقد زعيم حزب “فرنسا الأبية المستقبلي”، مانويل بومبارد، حديث ماكرون مع اللاعبين في غرفة تغيير الملابس في مقطع فيديو ظهر فيه وكأنه يلقي خطبة سياسية ختمها بكلمة “شكرا لكم”، مستذكرا نفس الجملة التي قالها الرئيس في بداية المونديال “لا يجب أن نسيّس الرياضة”.
كما نشر السكرتير الأول للحزب الاشتراكي أوليفييه فور، مثل نواب آخرين من اليسار، على تويتر مقالا من مجلة “سو فوت” (So Foot) بعنوان “ماكرون، خارج اللعب على طول الخط”.
وتنتقد افتتاحية المقال الموقف العلني لإيمانويل ماكرون خلال كأس العالم، ولا سيما صوره وهو يحاول مواساة كيليان مبابي الذي “يبدو أنه بالكاد يستمع إليه”.
ظهور ماكرون كأنه “إعلان تجاري”
من جانبه، اعتبر أستاذ الاتصال السياسي في معهد العلوم السياسية، فيليب مورو شيفروليه، أن هوس السياسيين باستثمار المجال الإعلامي حتى في الرياضة يمكن أن ينقلب عليهم ولا يكون في صالحهم أحيانا.
وأضاف في تصريحات إعلامية: “مثل إعلان تجاري، ظهر ماكرون بشكل إلزامي على شاشاتنا، على الرغم من أنه أعلن قبل أيام من انطلاق كأس العالم أن تسييس الرياضة فكرة سيئة”.
وقد رأى عدد من السياسيين المناسبات الرياضية -التي يشاهدها الملايين حول العالم- وسيلة للوصول إلى الطبقات العاملة وتجسيدًا لروح فرنسا الموحدة، ومن أهم الأمثلة على ذلك استغلال الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك فوز منتخب بلاده بكأس العالم في عام 1998 سياسيا.
ويعتبر المحاضر في القانون العام، بنجامين موريل، أن “ماكرون يحاول صقل صورته كمشجع لكرة القدم لمحو وصفه المتكرر بأنه رئيس الأغنياء والمتكبر”، واصفا حماسة الرئيس في المدرجات بـ”العرض شبه المسرحي الذي يحاول أن يجعله أكثر إنسانية”.