كيف يُستخدم هاتفك الذكي في استهدافك بالإعلانات؟
هل ظهور موجز إعلاني على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يروج لمنتج كنت قد تحدثت عنه في وقت سابق يعدّ مجرد صدفة؟ في الحقيقة، لا يعدّ الأمر كذلك.
ففي مقاله الذي نشرته صحيفة “لوباريزيان” (Le Parisien) الفرنسية، قال الكاتب، داميان ليكاتا كاروسو، إن ظهور إعلان مماثل يعطي انطباع لدى المرء بأن محادثة جانبية أجريت من الهاتف الخاص به.
في الحقيقة؛ إن الشعور بأن هناك آذان تتنصت تسجل فكرة سفرك أو العلامة التجارية للحذاء الذي تعتزم شراءه، بات أمرا شائعا، ولا يعكس معاناة المرء من مرض نفسي؛ فمنذ ظهور الهواتف الذكية وشبكات الإنترنت عبر الهاتف المحمول من الجيل الرابع قبل عقد من الزمان، بات يُشتبه في وجود عمليات تجسس من خلال هذه الأجهزة أو بالأحرى من التطبيقات المثبتة عليها، وعلى وجه الخصوص مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحصل بسهولة على إذن لاستخدام الميكروفون.
في هذا الصدد؛ تقول جولي كاريل وهي محامية تعمل في مكتب محاماة، متخصصة في مجال حماية البيانات، إنه من وجهة النظر القانونية، منذ عام 2018، يعد النظام الأوروبي العام لحماية البيانات الصوت من ضمن البيانات الشخصية الحقيقية التي ينبغي حمايتها.
وتضيف كاريل “من الضروري إبلاغ المستخدم بوجود هكذا أمر وتبرير المنظمة لذلك على أساس قانوني يتعدى حدود كونه مجرد موافقة بسيطة”.
ويرى الكاتب أنه من وجهة نظر تقنية يعتبر الأمر ممكنا رغم عدم إثبات أي دراسة علمية أن الهواتف الذكية تسجل عن طريق اللاقط الصوتي، وتتحكم بعد ذلك في نوايانا في الشراء أو مواضيع النقاش.
غياب التسجيل الصوتي
وأُجري البحث الأكاديمي القاطع عام 2018 في جامعة نورث إيسترن في بوسطن وقد أزال الشك باليقين بعد إنجاز تحقيق واسع.
وبخصوص هذا؛ يقول الدكتور ديفيد شوفنس، المتحصل على الدكتوراه في مجال علوم الحاسوب والذي كرس عاما لدراسة هذه المسألة بالتعاون مع العديد من الزملاء “لقد اختبرنا حوالي 17 ألف تطبيق شعبي موجود على متجر “غوغل بلاي” ومنصات التنزيل الأخرى، وركزنا تحديدا على التطبيقات التي تتطلب الوصول إلى الميكروفون والكاميرا؛ حيث أطلقنا التطبيقات وتحققنا بواسطة برنامج حاسوبي ما إذا كانت البيانات الصادرة منها تحتوي على صوت أو صور أو فيديو. لكننا لم نكتشف أي حالة تسجيل صوتي من هذا النوع”.
أما بينوا فيرولت فيقول بصفته خبيرا في أمن الفضاء الإلكتروني في “كواركسلاب” (Quarkslab) -وهي شركة متخصصة في مجال اختبار الاختراق والهندسة العكسية في باريس- “يمكن تشغيل الميكروفون عن بعد فقط في حال موافقة المستخدم نفسه دون ترك دليل على أنه يسجل أو أن جهاز تنصت في عتاد الجهاز الإلكتروني”.
وتعليقا على ذلك؛ يقول أنطوان مورينو المؤسس المشارك في شركة “إيود” الناشئة -التي تتخذ من تولوز مقرا لها وتعمل في مجال تصليح الهواتف الذكية المكفولة وإزالة أجهزة التنصت الدعائية منها- “التسجيل باستخدام الميكروفون طريقة غير فعالة وتتطلب معالجة ونقل البيانات الصوتية التي تؤثر على بطارية الهاتف”.
وإجابة عن السؤال بشأن دور مساعدي الصوت مثل “مساعد غوغل”(Google Assistant) ومساعد أمازون(Amazon) أليكسا”(Alexa) و”سيري”(Siri) من آبل(Apple)؛ يقول فيرولت “الميكروفون دائما قيد التشغيل حتى لا يفوته أي أمر صوتي عند تشغيل هذه البرامج ويبقى كل شيء على الجهاز ويتم تشفيره عليه”، مشيرا إلى أن التنصت على المحادثات ليست أفضل طريقة لإنتاج الإعلانات المحددة.
طرق أخرى أكثر فعالية
وبخصوص هذا يقول فيرولت “من المستبعد إرسال البيانات الصوتية لأنها تتضمن دراسات تحليلات إنسانية غير مربحة، في المقابل، يمكن تحليل بيانات تصفح الإنترنت أو تحديد الموقع الجغرافي تلقائيا بواسطة الخوارزميات”، وعليه يتجسد الخطر الحقيقي، في عدم حاجة الهواتف الذكية إلى التنصت من أجل التجسس علينا.
ويوضح أنطوان مورينو أن الدعايات الشخصية تعتمد على ملفات تعريف ارتباط لمتصفحي الإنترنت وخدمة تحديد الموقع الجغرافي الذي يوفرها نظام تحديد المواقع العالمي للهاتف والموافقة على الوصول إلى قائمة معارفنا أو الصور التي ننزلها على التطبيق.
ويشير مورينو إلى أن التطبيقات المفضلة لدى المستخدم تتحدث نفس اللغة وتتواصل مع بعضها البعض بفضل آليات البرامج الحاسوبية الشاملة من أجل تكوين صورة واضحة عن تفضيلاتنا وعاداتنا، وعادة ما توجد أجهزة التتبع هذه في عمالقة التكنولوجيا أو التطبيقات الجديدة على غرار التوك توك.
ويؤكد مورينو على حقيقة أن الشبكات الاجتماعية هي وكالات إعلانية تنفق المليارات لمعرفة جميع تفاصيل حياة المستخدم.
وفي نهاية التقرير؛ يقول ديفيد شوفنس “إنهم يراقبون حياتنا بأكملها على الإنترنت من خلال المواقع التي نزورها والمنشورات التي نفضلها وجميع ما نبحث عنه، مشيرا في ذات الوقت إلى عدم الحاجة إلى الاستماع إلينا بفضل إمكانية الوصول إلى التفاصيل الأكثر حميمية في حياة وبيع هذه المعلومات للجهة التي تدفع أكثر”.