كيف يقدر الناس معدلات ذكائهم؟ ولماذا يعتبر التردد من سمات الأذكياء؟
إذا كنت ممن يواجهون صعوبة في اتخاذ قرار عندما تكون أمامك عدة خيارات متاحة، فربما لا يرجع ذلك إلى عدم ثقتك بنفسك بل لمعرفتك كيفية تحليل المشكلات وحلها بشكل أفضل.
يقول الكاتب إنريكي ثامورانو، في تقرير نشرته صحيفة “ال كونفيدينسيال” (El Confidencial) الإسبانية، إن التردد يشمل مختلف تفاصيل حياتنا من أبسط الأمور مثل معرفة ما سنأكله في الساعات القليلة المقبلة، إلى أهمها مثل تحديد المسيرة المهنية أو ما إذا كانت الوظيفة التي تزاولها تلبي تطلّعاتك.
لكن هل يصبح التردد مزمنًا؟ وهل يعتبر من السمات الشخصية المميّزة؟
سمات الشخص المتردد
هناك أشخاص أكثر ترددا من غيرهم، أو على الأقل يشعرون بالضغط عند الاضطرار إلى الاختيار أو اتخاذ قرار، وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن للتردد جانبا إيجابيا، فقد تبين أنه يحمينا من الوقوع في الانحياز التأكيدي المستمر، أي عند اتخاذ القرارات التي لا نسترشد فيها إلا بأولئك الذين يفكرون مثلنا أو يشاطروننا المعتقدات نفسها، وبذلك نستبعد الخيارات الأفضل بالنسبة لنا لأنها لا تتوافق مع مناهجنا الأولية.
وبدلًا من التفكير مرتين، نختار أفضل ما يناسبنا للوهلة الأولى بغض النظر عن عواقب ذلك.
“فضيلة” التردد
أورد الكاتب أن العلماء أطلقوا على هذا المقياس تحليل “ميزة التردد”، مما يعني أن أولئك الذين سجلوا أعلى الدرجات لم يكونوا مترددين وإنما استخدموا ببساطة حُكما أفضل للوصول إلى نتيجة. بعبارة أخرى، كانوا أكثر قدرة على رؤية جميع جوانب المشكلة التي كان عليهم حلّها.
وحسب أستاذة علم النفس الاجتماعي والمؤلفة الرئيسية للدراسة جنى ماريا هانسبان، فإن “الانحياز التأكيدي هو أحد أكثر الأخطاء المعرفية شيوعًا، وهو يمنعنا من تحليل الأدلة العقلانية”.
وكشفت الدراسة أنه من الأفضل أن تتعارض مع آراء الآخرين ومع أفكارك الخاصة بدلا من اتخاذ قرار دون إيلاء الكثير من الاهتمام للتفاصيل. فلا يكمن المفتاح في التصميم على القرار نفسه، وإنما في معرفة كيفية التفكير في أكبر عدد ممكن من الحجج واتخاذ قراراتنا بناء على ذلك.
ماذا يعني أن تكون ذكيا؟
في تقرير نشره موقع “ذا هيلثي” (The Healthy) الأميركي، قالت الكاتبة إيميلي دينوزو إن الشخص العبقري هو عادة من يتمتع بمهارة فكرية شديدة ودرجات عالية في اختبار نسبة الذكاء، ومع ذلك، تلفت أن هذه الاختبارات لا تقدم دائما الصورة الكاملة على الشخص الذكي لأنه يصعب قياس بعض المهارات المرتبطة بالعبقرية مثل حل المشكلات بإبداع.
قد لا يكون تعريف الذكاء والعبقرية واضحا، لكن بشكل عام، يتفق معظم الناس على أن الأشخاص الأذكياء يمتلكون مستوى تفكير عاليا. قد تكون أنت أحد الأشخاص العبقريين إذا انطبقت بعض الصفات عليك، ومنها:
- هل تفضل أن تبقى وحيدا؟
أشارت الكاتبة إلى أن باحثين من جامعة سنغافورة للعلوم الإدارية وكلية لندن للاقتصاد طلبوا من 15 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاما إجراء استطلاع رأي واختبار ذكاء. أظهرت النتائج أن الأشخاص الأكثر ذكاء كانوا أقل سعادة بحياتهم كلما كانوا محاطين بالناس.
- هل أنت فوضوي؟
وفقا للطبيب عارف دلفي من معهد بالم بيتش لعلم الأعصاب، يمثل الإبداع سمة لجميع العباقرة، وإذا كنت فوضويا، فقد تكون تلك علامة على أنك عبقري مبدع.
أجزاء من الجسم تكشف مدى ذكائك؟
لم يعد العقل العنصر الوحيد الذي يحدد مستوى ذكاء الأشخاص، وفي تقرير نشرته “ريدرز دايجست” (Readers Digest) في نسختها الأسترالية، أشارت آشلي لويس إلى بعض أجزاء الجسم التي يمكن أن تكشف أيضا عن مدى ذكائك، ومنها:
- هل تمتلك سيقان طويلة؟
أجرى باحثون من جامعة براون وجامعة برينستون دراسة أشاروا فيها إلى أن الأشخاص الأطول قد يكسبون أموالًا أكثر من الأشخاص قصار القامة لأنهم أذكى. استخدم الباحثون بيانات حكومية تشمل الطول والوزن والذكاء والخبرة التعليمية والرواتب للأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة ما بين 1958 و1970.
وأظهرت نتائج التحليل الشامل أن من كانوا طويلي القامة في طفولتهم كان أداؤهم أفضل بشكل ملحوظ في الاختبارات المعرفية. كما يميل الأشخاص الأطول قامة إلى العمل في وظائف ذات رواتب أعلى وتتطلب ذكاءً أكبر ومهارات لفظية ورقمية أكثر تقدمًا.
- هل تستخدم يدك اليسرى؟
حقيقة أنك أعسر لا تعني بالضرورة أنك شخص عبقري، لكن قد يكون لها مزاياها معرفية أكثر. في دراسة صغيرة من جامعة أثينا، خضع حوالي 100 طالب وخريجين جامعيين، نصفهم أعسر والنصف الآخر يستخدم اليد اليمنى، لاختبارين معرفييْن: تضمن الأول إنشاء مسار عبر مجموعة من الدوائر بأسرع ما يمكن، وتضمن الثاني تسلسلا من الأعداد والحروف.
كان أداء الأشخاص العسر أفضل من البقية في كلا الاختبارين، مما يشير إلى أن ذاكرتهم أقوى وأكثر مرونة عقليًا.
- كيف يقدر الناس معدلات ذكائهم؟
رغم ميل الناس للمبالغة في تقدير ذكائهم فإن هناك تفاوتًا واضحًا بين النساء والرجال، إذ تُقلل النساء عادة من مستوى ذكائهن بينما يفعل الرجال العكس.
بحسب تقرير نشرته مجلة “نيوروسيانس نيوز” (Neuroscience News) الأميركية، قال الكاتب ديفيد رايلي إنه عندما يُطلب من الناس تقدير مستوى ذكائهم عادة ما يجيبون بأن مستوى ذكائهم فوق المتوسط. وهذا التحيز المعرفي طبيعي وصحي ويعكس الرغبة الاجتماعية في الصدق، وهو معروف بـ “تأثير فوق المتوسط”.
يدرك الباحثون في علم النفس والذكاء أنه لا توجد اختلافات في معدل الذكاء الفعلي بين الرجل والمرأة أو بالأحرى لا وجود لما يسمى بـ “الجنس الأذكى”. وقد تم دحض الفكرة القائلة إن النساء أقل ذكاءً من الرجال بسبب صغر حجم أدمغتهن نسبيًا مقارنة بالرجال بفضل تطوير مقاييس موضوعية لتقييم الذكاء.