الأخبارالعالمية

كيف يسهم اللعب في علاج التأخر اللغوي لدى الطفل؟

كيف يسهم اللعب في علاج التأخر اللغوي لدى الطفل؟

عمّان- يشعر الوالدان بالقلق عند ملاحظة تأخر الطفل في الكلام، خصوصا حين مقارنته بمن حوله من أطفال أو أشقاء، وحينها يبدآن بالبحث عن أساليب عملية وفعالة لمعالجة المشكلة.

ويعد اللعب أحد الأساليب المهمة في تنمية لغة الطفل المتأخر لغويا، وهذا ما يؤكده اختصاصيون حاورتهم الجزيرة نت، إلى جانب حالات نجح فيها اللعب في تحسين النطق واللغة لدى الأطفال.

تأخر النطق لدى الطفل

تقول اختصاصية النطق واللغة هبة إبراهيم الوهبة، مديرة عامة بمركز لتقويم النطق واللغة، إن الـ3 سنوات الأولى من عمر الطفل تعد مرحلة اكتساب وتطور مهارات أساسية تسهم في بناء مهارات متقدمة، وأهم الجوانب التي يجب الانتباه إليها خلال هذه التطورات هي التواصل واللعب (الإدراك) والتعبير والإنتاج.

وتضيف أن أي تأخر في اكتساب أي من هذه الجوانب وتطورها يسهم في إحداث تأخر أو اضطراب في تطور الطفل، مما ينعكس على المراحل التطورية المتقدمة.

وتتابع أن في هذه الحالة تبدأ الأم بالبحث عن مصادر تُمكّنها من فهم ما يحدث خلال تطور طفلها، وتبدأ التساؤلات هل ما يحدث طبيعي؟ هل هناك حاجة لاستشارة متخصصين؟ هل انتظر أكثر حتى يتغلب طفلي على هذه التحديات وحده أم هو بحاجة إلى المساعدة؟

هبة الوهبة: اللجوء إلى المتخصصين في النطق واللغة أمر ضروري جدا (الجزيرة)

علامات وأسباب تأخر اللغة

تبين الاختصاصية هبة الوهبة أن هناك علامات تدل على أن الطفل قد يعاني من تأخر أو اضطراب في تطور لغته وكلامه، ومن أهم هذه العلامات بلوغه عامه الأول بينما يبدو عليه عدم القدرة على الاستجابة للبيئة والأشخاص من حوله، وعدم تطور اللعب، فيبدو الطفل وكأنه غير مهتم باللعب بشكل صحيح وهادف، إلى جانب عدم مشاركة الآخرين اهتماماته، وعدم قدرته على التعبير عن نفسه بالإيماءات والإشارات، فضلا عن أن تكون فترات الانتباه لديه قصيرة جدا، وغيرها من المهارات التي تعد لبنة أساسية في بناء اللغة.

وتذكر أن أسباب التأخر والاضطرابات متعددة، وهي إما عضوية أو بيئية. فمن الأسباب العضوية أن يكون الطفل قد تعرض لمخاطر -خلال مراحل الحمل والولادة وفي سنواته الأولى- قد يكون لها أثر على تطور لغته، مثل نقص الأكسجين وخلل الجينات أو الأسباب الوراثية وضعف السمع، التي تتسبب في حدوث فجوة في تطور الطفل.

أما عن الأسباب البيئية -تقول الوهبة- فهي مثل البيئة الفقيرة لغويا، والحرمان البيئي في التواصل والتفاعل والساعات الطويلة التي يمضيها الطفل على الشاشات. وتؤكد أن كل هذه الأسباب تسهم في تأخر اللغة أو اضطرابها لدى الطفل.

ما الرابط بين تطور اللعب واللغة؟

تشرح الوهبة، اختصاصية النطق واللغة، أن مراحل اللعب:

  • تبدأ باللعب الاستكشافي، الذي يكون عبر استكشاف الطفل للألعاب إما برميها أو مسكها أو وضعها في الفم أو تشغيلها بالضغط على أزرارها ومشاهدة حركاتها،
  • ثم ينتقل الطفل إلى اللعب الوظيفي الهادف، الذي يقوم خلاله باستخدام الألعاب بشكل صحيح وهادف، حيث يمسك السيارة ويجعلها تسير على الأرض ويرمي الكرة وغيرها من الألعاب التي يوظفها بشكل صحيح.
  • ثم يبدأ بالانتقال إلى اللعب التخيلي، حيث يشرع الطفل بتخيل الألعاب وكأنها تقوم بوظيفة حقيقية.
  • وأخيرا، يصل الطفل إلى اللعب التشاركي عن طريق مشاركة ألعابه مع الأطفال الآخرين، والاندماج معهم باللعب، ومراقبة ما يقومون به وتقليدهم ومشاركتهم.

كيف تتم مساعدة الطفل المتأخر لغويا؟

تقول هبة الوهبة إن اللجوء إلى المتخصصين في النطق واللغة أمر ضروري جدا، حتى يتم إجراء جلسة تقييم تحدد من خلالها المهارات الضعيفة التي بحاجة إلى تدخل وتحسين مستوى النطق واللغة لدى الطفل.

وتوضح أنه خلال جلسة التقييم تتم دراسة حالة الطفل من جميع الجوانب، الفحص السريري لأعضاء النطق عضويا ووظيفيا وكفاءتها في أداء الحركات بما يتناسب مع وظيفتها، كما يتم أيضا تدوين التاريخ الطبي والتاريخ التطوري والأكاديمي، إن وجد.

وتضيف أنه بالملاحظة المباشرة واستخدام اللعب والتفاعل مع الطفل، يتم قياس مختلف مهارات ما قبل الكلام وتسجيل النتائج، وأخيرا التوصيات التي تتضمن التوصية بالجلسات العلاجية اللازمة، ومدى الحاجة لتطبيق برامج خاصة بتدريب الأهل على تحسين التواصل مع طفلهم أو الحاجة لتخصصات تأهيلية أخرى، مثل العلاج الطبيعي أو العلاج الوظيفي أو حتى التحويل لقسم التعديل السلوكي عند الحاجة لذلك.

جانب من ‎⁨توظيف اللعب في جلسة علاجية مع طفلة⁩ (الجزيرة)

اللعب الصوتي والتمثيلي

تقول عبير عوض شحادة -اختصاصية النطق واللغة في إحدى المدارس الخاصة- “يسهم اللعب بصورة فاعلة في تنمية مهارات الطفل اللغوية والاجتماعية والعقلية، فضلا عن تطوير مهارة التواصل اللفظي وغير اللفظي لديه”.

و تحدد اختصاصية النطق واللغة أشكال اللعب في ما يلي:

  • الشكل الأول- اللعب الصوتي: يبدأ الطفل في تطوير هذا النوع من اللعب في الأشهر الأولى من عمره، وذلك باستخدامه المناغاة. أما إذا لم يستطع الطفل القيام بذلك، فهذا مؤشر على وجود ضعف في السمع لديه، وقتها ينصح بإجراء فحص سمع له.
  • الشكل الثاني- اللعب التمثيلي: يتطور هذا النوع من اللعب في السنة الأولى من عمر الطفل حين يقوم بابتكار وتمثيل دور اجتماعي غير دوره المألوف.
  • الشكل الثالث- اللعب الرمزي: يتطور هذا النوع من اللعب في عمر (سنتين ونصف السنة إلى 3 سنوات) وهو يعبر عن قدرة الطفل على استخدام الأدوات المختلفة وتقديمها على شكل لعبة.
  • الشكل الرابع- اللعب الجماعي: عندما يبلغ الطفل سنتين من عمره، تستطيع الأم أن تدمجه في بيئة اجتماعية يمارس خلالها اللعب مع أطفال آخرين.

استخدام الدمية وأدوات الطبخ

وحول كيفية تطبيق المختص لهذه الألعاب مع الطفل، تقول الاختصاصية عبير شحادة “يقوم اختصاصي النطق بتوظيف أشكال اللعب في جلساته مع الأطفال المتأخرين لغويا، حيث يتم استخدام كل لعبة لتحقيق هدف لغوي محدد أو تحقيق مجموعة من الأهداف التي تزيد من الحصيلة اللغوية لدى الطفل”.

فعلى سبيل المثال، تُستخدم لعبة أدوات المطبخ مع الطفل لتحقيق مجموعة من الأهداف، مثل تدريب الطفل على استخدام الأفعال المرتبطة بالمطبخ والطعام (نحو: أقطّع، أطبخ، أصبّ، أخلط)، وتسمية أدوات المطبخ والطعام (مثل سكينة، كوب، صحن، تفاحة، بطاطا)، كما يمكن استخدام لعبة “السلم والحية” لتوظيف اللعب الجماعي لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تدعم اللغة، مثل الالتزام بالدور، ومهارة المنافسة، ومهارة حل المشكلات.

وتضيف عبير شحادة يمكن استخدام دمية في توظيف اللعب التمثيلي لتطوير لغة الطفل، كأن يقوم الاختصاصي بتقمص دور الطبيب والمريض مع الدمية، ويطلب من الطفل تقليده، هنا نقوم باستخدام كلمات تساعد الطفل على تكوين جمل مناسبة للعبة (مثل أفحص الدمية، البيبي مريض، بدي أعطي البيبي دواء).

فوائد اللعب في جلسات النطق

لماذا يستخدم اختصاصيو اضطراب النطق واللغة كثيرا من الألعاب في ممارساتهم؟ هل هو عنصر أساسي في أي جلسة ناجحة لعلاج النطق واللغة؟

تساؤلات وإجابات نشرت في موقع “نورثامبتون سبيتش ثيرابي” (NorthamptonSpeechTherapy).

من أجل إحراز تقدم، أولا وقبل كل شيء، يجب أن يشعر الأطفال بالحماس والمشاركة في المكان الذي يتم فيه اللعب، باعتباره الهدف المثالي في أهداف الاتصال، بدءا من التقليد الصوتي إلى مهارات المحادثة.

عبير شحادة: يتم استخدام اللعب لزيادة الحصيلة اللغوية لدى الطفل (الجزيرة)

وضمن العلاج القائم على اللعب، يكون اللعب هو المسرح، والألعاب هي الدعائم الخاصة بنا، ونحن اللاعبون أحرار في إنشاء أي عدد من السيناريوهات لممارسة مهارات الاتصال.

في بعض الأحيان، يعد اللعب مع حيوانات المزرعة في حظيرة من الألعاب التي تساعد على تقليد أصوات الكلام وتعزيز مهارات المحادثة. وقد يكون نفخ الفقاعات، لنمذجة كلمات مفردة مثل، “فرقعة!” و”فقاعة”، والاحتمالات لا حصر لها تقريبا.

6 فوائد لعلاج النطق واللغة القائم على اللعب

  • اللعب يخلق الدافع: قبل إحراز أي تقدم، يجب أن يكون هناك دافع. يجب أن تكون لدى الطفل الرغبة في الاستكشاف والمشاركة والتفاعل والاكتشاف جنبا إلى جنب شخص بالغ داعم وديناميكي. يتعلم الأطفال بشكل أفضل عندما يستمتعون بالأنشطة المصممة خصيصا لتناسب اهتماماتهم واحتياجاتهم ويستمتعون ببساطة.
  • اللعب يبني روابط إيجابية: من المهم للغاية رعاية ما يشعر به الأطفال حول التواصل. وخصوصا أولئك الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم إضافي في تطوير مهارات الكلام واللغة، فيمكن أن يكون الإحباط حول التواصل أحيانا جزءا من تلك الرحلة؛ لذا يجب أن تتضمن الأنشطة القائمة على اللعب التواصل بطريقة إيجابية. فكلما شعر الطفل بالإيجابية والنجاح في جلسة التحدث واللغة، زاد احتمال رغبته في تجربة استخدام مهاراته الناشئة في سياقات أخرى، مثل المدرسة والمكتبة والأنشطة اللامنهجية.
  • اللعب يوفر سياقا طبيعيا للتواصل: إذ يعد اللعب جزءا طبيعيا من الطفولة، وهو جزء يلهم الاكتشاف والإبداع والخيال. وهو أيضا شكل يمكن للأطفال من خلاله محاكاة تجاربهم في “الحياة الواقعية” وكطريقة لممارسة وفهم كيفية التواصل في العالم من حولهم. ومن خلال تشجيع هذا النوع من الممارسة في أثناء جلسات الكلام واللغة واستهداف أهداف محددة في سيناريوهات اللعب، يصبح الأطفال مستعدين جيدا لتعميم مهاراتهم الجديدة في روتينهم اليومي.
  • اللعب يعزز بناء العلاقات: اللعب هو سياق للترابط مع الكبار والأقران، وقبل أن يبدأ العمل الحقيقي، يجب أن يؤسس المعالج علاقة. واللعب هو الأداة التي تجعل الطفل يشعر بالراحة، وتؤسس الثقة، وتولد الإثارة حول أنشطة الجلسة، اللعب هو أيضا السياق الذي يبدأ فيه الأطفال في استيعاب أقرانهم.
  • اللعب يوفر الدعم للتطور الاجتماعي العاطفي: يتمتع الأطفال الذين يتمتعون بمهارات لعب متطورة بأداة رائعة تتطور وتتغير بنفس قدر تطورها من عام إلى آخر. وفي كثير من الحالات، يستخدم الأطفال اللعب وسيلة لفهم تجاربهم الشخصية. مثلما لدينا نحن البالغين منافذ لتخفيف الضغط وتنظيف أذهاننا، مثل اللجوء للاستحمام بالماء الساخن أو ممارسة الجري، يمكن للأطفال بالمثل استخدام اللعب للعمل من خلال الأفكار والمشاعر.
  • اللعب يدعم جميع مجالات التنمية: ترتبط جميع مجالات التنمية ببعضها بعضا، ويمكن أن تؤثر على التواصل بطرق مختلفة، ولا يقتصر اللعب على مهارات الكلام واللغة فحسب، بل يوفر كذلك فرصا لبناء المهارات الاجتماعية، والمهارات الحركية الدقيقة والجسيمة، ومهارات حل المشكلات، ومهارات الانتباه والذاكرة، على سبيل المثال لا الحصر.
المصدر : الجزيرة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى