كيف تؤثر حرب أوكرانيا على مكافحة الإرهاب بأوروبا؟
دفعت الأزمة الأوكرانية دول الاتحاد الأوروبي لتعزيز سياستها الدفاعية والعسكرية، والتركيز حول استراتيجيات أكثر حسما في التعامل مع الملفات التي تمثل تحديا أمنيا للقارة، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب أمنيا وعسكريا.
وترى الباحثة المختصة في الإرهاب الدولي، إكرام زيادة، أن الأزمة الأوكرانية تمثل نقطة تحول في التعاطي الأوروبي مع ملف مكافحة الإرهاب وكافة المعطيات المتعلقة به، خاصة السياسات الدفاعية وأطر المواجهة الفكرية والأمنية والتشريعية، وكذلك ملف اللاجئين.
ووفق زيادة، تغير الأمن الأوروبي بعد الحرب في أوكرانيا بصورة فاقت التغيرات التي حدثت في السنوات الـ33 السابقة، فقد جاءت التغييرات السياسية والدفاعية للدول والمؤسسات الأوروبية مفاجئة ودرامتيكية.
وأوضحت: “لقد كان تحولا غير مسبوق، لكنه أيضا وقت غير مسبوق: حرب وأزمة لاجئين في أوروبا تعمل على تفكيك نظام ما بعد الحرب الباردة”.
وبحسب دراستها المنشورة بالمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، تحت عنوان: “أزمة أوكرانيا، نقطة تحول لقواعد الغرب في مكافحة الإرهاب”، ترى زيادة أن الأزمة الأوكرانية أحدثت تحولات مهمة على مستوى القارة الأوروبية، وأبرزها إحياء مفهوم الأمن الأوروبي، والاتجاه إلى إمكانية اختفاء بعض الظواهر الأوروبية مثل الحياد الفنلندي والسويدي.
وترى الباحثة أن التحول الأهم في هذا السياق يتمثل في خروج ألمانيا عن أحد ثوابت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو تحجيم الإنفاق العسكري وعدم التورط في أي أعباء عسكرية خارجية، كما خلقت الأزمة سياقا جديدا لإعادة النقاش حول فكرة الجيش الأوروبي الموحد، وتعميق الشراكة عبر الأطلسي.
وتضيف زيادة أن هناك العديد من النقاشات الأوروبية حول كيفية إدارة التحديات الأمنية التي تفرضها الصراعات على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، ومدى تأثيرها على أمن الاتحاد، فعلى سبيل المثال تشير التقديرات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي في 27 فبراير الماضي إلى أن 7 ملايين أوكراني سينزحون من بلادهم على خلفية الحرب.
الحل في الوحدة
ويري بريندان سيمز، مدير مركز الجغرافيا السياسية في جامعة كامبريدج البريطانية، أن الاتحاد الأوروبي يحتاج لأن يكون دولة واحدة برئيس واحد وبرلمان واحد حتى يصبح لاعبا قويا على الصعيد الجيوسياسي.
وأضاف أنه عن طريق الوحدة تمكنت الولايات المتحدة، التي كانت تتألف من خمسين ولاية، من تشكيل دولة واحدة وتجميع قوتها.
بيد أن سيمز أقر بأن تحقيق الوحدة بين بلدان الاتحاد الأوروبي يعد أمرا غير مرجح حدوثه حاليا، مضيفا “للأسف مع استمرار هذا الوضع، لن يكون الاتحاد الأوروبي قادرا على فعل ما يريد، إذ ستظل قوته مشتتة”.
وكانت أوروبا طورت منظومة مكافحة التطرف، وكشفت المفوضية الأوروبية، مطلع العام الجاري استراتيجية الاتحاد الأمنية الجديدة للفترة من 2020 إلى 2025.
وركزت الاستراتيجية على المجالات ذات الأولوية، حيث يمكن للاتحاد أن يحقق قيمة مضافة لدعم الدول الأعضاء على صعيد تعزيز الأمن، من مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، إلى منع واكتشاف التهديدات وزيادة مرونة البنية التحتية الحيوية، إلى تعزيز الأمن السيبراني، وغيرها من المجالات.
ويحرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز السياسة الأمنية على أسس وقيم مشتركة هي: احترام ودعم سيادة القانون والمساواة، والحقوق الأساسية، وضمان الشفافية والمساءلة والرقابة الديمقراطية.
ويواجه الأوروبيون مشهدا أمنيا يتأثر بالتهديدات المعقدة، بالإضافة إلى عوامل أخرى بما في ذلك تغير المناخي، والاتجاهات الديموغرافية، وعدم الاستقرار السياسي خارج حدود التكتل وسياسات العولمة والتحول الرقمي في تحقيق الأمن.