في قضية انقلاب الإنقاذ:الكشف عن امتلاك علي عثمان محمد طه (9) أفدنة من الأراضي بالكدرو
الدفاع يعترض على كشف حساب وممتلكات المعزول وآخرين على الملأ
المتحري يطوي تقديم ملف قضية انقلاب 89 للمحكمة بعد عامين
المتحري: النيابة وجهت تهماً للمتهمين بمخالفة قانوني العقوبات والقوات المسلحة
هيئة الاتهام تستنكر رفض عرض المستندات وتعتبره أمراً غير مبررٍ
المحكمة ترفع جلستها لما بعد عطلة العيد لمناقشة المتحري ضابط الشرطة
وأخيراً.. طوى المتحري في قضية انقلاب 30 يونيو 1989م المتهم فيها الرئيس عمر البشير و(27) آخرون من رموز النظام البائد، جميع التحريات في القضية أمام المحكمة، وذلك بعد أن ظل يقدم ملف الدعوى طوال عامين متتاليين أمام المحكمة في فترة زمنية لم يشهد لها مثيل في تاريخ القضاء السوداني.
صحيفتان وحوار البشير
عند انطلاق جلسة المحكمة، تقدم المتحري عقيد شرطة جمال الدين محمد الخليفة للمحكمة الخاصة المنعقدة بقاعة تدريب ضباط الشرطة بالأدلة الجنائية الخرطوم ، التي يترأسها قاضي المحكمة العليا حسين الشيخ الجاك وعضوية قاضيي الاستئناف محمد المعتز والرشيد طيب الأسماء، تقدم بمستندات اتهام في القضية في جلسة الأمس عبارة عن أسطوانة (سي دي) مُدمج يحتوي على حوار بتلفزيون السودان لبرنامج في الواجهة أجراه المقدم الصحفي أحمد البلال الطيب مع المتهم الثالث الرئيس المعزول عمر البشير، حيث عرضت المحكمة المستند الـ(سي دي) على الحضور بقاعة المحكمة والذي استغرق مدة عرضه (15) دقيقة، وفي المقابل اعترض رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي عبد الباسط صالح سبدرات، على الحوار مستند اتهام ، والتمس استبعاده باعتباره منتجاً، ولا يعرف مصدره، اضافة الى ان الصوت به تشويش وغير واضح، كما شدد على أن أصل الحوار مدته (3) ساعات وبث بالتلفزيون القومي، اما هذا المستند به مونتاج بحد قوله.
في ذات السياق، تمسّك ممثل الاتهام بالمستند والتمس من المحكمة قبوله، باعتباره بيِّنة لهم التي لربما ستعضد لاحقاً بمستندات اتهام بحد تعبيره، مشدداً على أنّ المُستند أكد صحته ومُطابقة حركة (شفاه) المتحدثين فيه من خلال فحصه بواسطة الجهة الفنية بدائرة المختبرات بالأدلة الجنائية، من جهتها قررت المحكمة قبول المستند والتأشير عليه كمستند اتهام (10) وأرجأت تقييمه لمرحلة وزن البيِّنة لاحقاً.
وتسلسل المتحري في تقديم مستندات الاتهام للمحكمة ووضع أيضاً بمنضدتها مستندي اتهام آخرين على ذمة القضية عبارة عن حوارين صحفيين، الاول أُجري مع المتهم الحادي عشر اللواء معاش بالجيش فيصل مدني مختار بصحيفة “التيار”، والثاني حوار صحفي أُجري مع المتهم الرابع عشر بصحيفة “المجهر السياسي”، ونبّهت المحكمة الى أن مستندي الاتهام الصحيفتان الورقيتان تمّ إحضارهما من دار الوثائق القومية بخطاب من رئيس لجنة التحقيق والتحري في القضية رئيس النيابة العامة.
مستند دفاع (استقالة)
كما أزاح المتحري الستار للمحكمة في جلسة الأمس، وكشف لها عن إيداع المتهم الحادي عشر فيصل مدني مختار، بمحضر التحريات عند استجوابه مستنداً للدفاع عنه على ذمة الدعوى الجنائية عبارة عن (استقالة) له من قيادة مجلس ثورة الإنقاذ الوطني في ديسمبر للعام 1990م.
جدلية تفصيل المستندات
جلسة الأمس لم تخلُ من المناكفات هنا وهناك، حيث أعلن العديد من هيئات دفاع المتهمين على رأسهم المحامي عبد الباسط سبدرات، خلال الجلسة رفضهم تقديم المُتحري لتفاصيل ومُحتوى للعديد من مستندات اتهام للمحكمة وهي عبارة عن مخاطبات لجنة التحقيق في القضية لمُحافظ بنك السودان المركزي ومسجل عام الأراضي ومسجل عام الشركات والمسجل التجاري ومدير سوق الأوراق المالية (البورصة) وذلك بشأن حجز أي أرصدة مصرفية وبنكية وأسهم بشركات وأراض زراعية او سكنية تخص المتهمين الماثلين بالمحكمة والهاربين ايضاً على ذمة القضية – لا سيّما وأن المتحري قد افصح بدءاً عن اول تلك المستندات عبارة عن حجز سلطات أراضي بحري لـ(9) افدنة زراعية بالكدرو تخص النائب الأسبق للرئيس المعزول علي عثمان محمد طه، حينها تعالت أصوات ممثلي الدفاع بالرفض والاعتراض على تقديم تفصيل لحجز السلطات لممتلكات وأرصدة وحسابات وعقارات وأراض وشركات المتهمين على الملأ والبث التلفزيوني، وارجعوا ذلك الى ان هذه المرحلة من المحاكمة تسمى بـ(الإجرائية) وتقديم المستند ككتلة واحدة دون تفصيله والبوح عن اراض وارصدة وشركات المتهمين واسماء اعمالهم التجارية بحد تعبيرهم، مشددين على أنّ بث تلك المعلومات والتفاصيل بشأن المستندات تؤثر على مركز المتهمين بالقضية، في حال تمت إدانتهم وحجزت ممتلكاتهم وغيرها الواردة بالمستندات بحسب قولهم.
في ذات السياق، اعترض ممثل الاتهام عن الحق العام على رفض ممثلي دفاع المتهمين، عرض تفاصيل تلك المستندات الخاصة بالمتهمين وممتلكاتهم، واعتبره غير مبرر بحد تعبيره، مشيراً الى أنه لا بد من تقديم المتحري جميع المستندات وما تحتويها من تفاصيل تسجلها المحكمة بمحضرها.
في المقابل، وافقت هيئة المحكمة على طلب هيئات دفاع المتهمين وقررت عدم عرض المتحري محتوى وتفاصيل مستندات الاتهام بشأن أرصدة وممتلكات المتهمين وعقاراتهم وأراضيهم كلاً على حدة – وانما ان يقدم المستند إجمالاً، واشترطت على هيئات دفاع المتهمين عدم الخوض في المستند ومناقشته في هذه المرحلة – والا ستقوم بعرض مُحتوياته.
حجز عقارات وأسهم متهمين
في ذات المنحى، امتثل المتحري لاوامر هيئة المحكمة وكشف لها عن المحتوى العام لمستندات الاتهام دون الخوض في تفاصيله ، ودفع المتحري بمستند اتهام عبارة عن حجز مسجل عام الشركات على أسماء أعمال وشركات لـ(4) متهمين.
فيما قدم المتحري كذلك للمحكمة مستند اتهام آخر عبارة عن إفادة من سوق الأوراق المالية البورصة للحجز على ملكية أسهم وصكوك (8) متهمين بسوق البُورصة، مُوضِّحاً بأن (3) من المتهمين وجدت أسهمهم محجوزة مسبقاً على ذمة إجراءات أخرى.
كما قدم المتحري للمحكمة أيضاً مستند اتهام عبارة عن حجز مسجل عام الأراضي الزراعية لـ(21) قطعة ارض زراعية تخص (21) متهماً بالقضية، بجانب تقديم المتحري مستند اتهام عبارة عن إفادة من الأدلة الجنائية تؤكد مُطابقة مستندات الاتهام الفلاشات والسي ديهات والفلاشات على شفاه المتهمين الماثلين بالمحكمة والهاربين الذين أُجريت معهم حوارات تلفزيونية.
تهم قانون العقوبات
وأماط المتحري اللثام للمحكمة، وأفادها بأنه وعقب فراغ لجنة التحقيق مع المتهمين برئاسة رئيس النيابة العامة، قرّرت توجيه تهمة للمتهمين المدنيين منهم بمخالفة نص المواد (96/ أ / ج / مقروءة مع المادة 170) من قانون العقوبات السوداني لسنة 1986م، إضافةً الى توجيه اللجنة تهمة للمتهمين الذين كانوا ضباطاً بقوات الشعب المسلحة بمخالفة نص المادة (54/ أ / ) من قانون القوات المسلحة لسنة 1986م، فيما اوضح المتحري للمحكمة بأن لجنة التحقيق أيضاً قررت توجيه تهمة للمتهمين الـ(5) الهاربين الذين تعذّر القبض عليهم تهمة بمخالفة نصوص المواد (96/ أ / ج/ مقروءة مع المادة 78) من قانون العقوبات السوداني، اضافة الى توجيه تهمة لهم بمخالفة نص المادة (54/ أ) من قانون القوات المسلحة السوداني، مبيناً بأنه تم تقديم جميع المتهمين الى المحاكمة على ذمة هذه الدعوى الجنائية استناداً لنص المادة (134/ أ) من قانون الإجراءات الجنائية السوداني لسنة 1991م.
طلب الاتهام وموافقة
في خواتيم جلسة الأمس، التمس عضو هيئة الاتهام عن الحق العام المحامي عبد القادر البدوي من المحكمة عقب الفراغ من تقديم المتحري لملف التحري في الدعوى بإمهاله فرصة اخرى لمناقشة المتحري لاحقاً. من جهتها وافقت المحكمة على طلب الاتهام وحدّدت جلسة العاشر من مارس القادم للسير في إجراءات القضية ومناقشة المتحري بواسطة الاتهام.