( فقدان قوة الجنيه ) .. زيادة معاناة المواطنين
( فقدان قوة الجنيه ) .. زيادة معاناة المواطنين
تقرير: العهد اونلاين
ظل الجنيه السوداني يشهد تدهورا ملحوظا وفقدان لقيمته التبادلية أمام العملات الأجنبية وضعف قوته الشرائية منذ انفصال جنوب السودان في يوليو 2011م نتيجة لزيادة عجز الموازنة العامة للدولة جراء فقدان عائدات النفط بعد الانفصال والتي كانت تشكل اكثر من 50% من إيرادات الموازنة وقتئذ ليقفز سعر صرف الجنيه السوداني بالسوق الموازي الي6 جنيهات بنهاية العام 2012م بينما كانت الحكومة تتوقع أن يصل إلى 3 جنيهات بنهاية ذلك العام ، فيما تواصل انخفاض قيمة الجنيه السوداني بعد تطبيق الحكومة الي سياسات الإصلاح الاقتصادي بتحريك سعر صرف الجنيه، ورفع الدعم عن المحروقات والخبز الأمر الذي ادي إلي خروج الناس الي الشارع في العام 2013م .
وتواصل مسلسل انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني ليبلغ الانخفاض زروته عند تطبيق حكومة الفترة الانتقالية برئاسة دكتور عبدالله حمدوك الي برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والقاضي بتعويم الجنيه السوداني ورفع الدعم عن المحروقات والخبز ، بجانب إستمرار الحكومة الآن في تطبيق وصفة صندوق النقد الدولي حتي بعد تعليق المانحين الدوليين والبنك الدولي لمساعداتهم للسودان منذ قرارات الخامس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، لتقر الموازنة الجديدة للعام 2022م مزيداً من الخفض للدعم عن الكهرباء ويتم إيقاف دقيق الخبز المدعم وتواصل انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني بالسوق الموازي ليقترب من حاجز ال 500 جنيه.
فقدان القدرة الشرائية
وحذر خبراء اقتصاديون من الاثار المترتبة على لانخفاض فقدان الجنيه السوداني لقوته الشرائية مما يؤثر سلباً على معاش الناس وزيادة اسعار السلع والخدمات بنسبة كبيرة تفوق دخول المواطنين والعاملين بالدولة وتمتص الزيادة التي أقرت الموازنة الجديدة في الأجور.
وأكد خبراء اقتصاديون صحة فقدان الجنيه السوداني لنحو (87% ) من قوته الشرائية وفقا لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، الذي اكد ان خسائر الجنيه السوداني بلغت نحو (87 %) من قوته الشرائية، فيما فقدت الليرة اللبنانية (82 %) في الفترة بين 2019 و2021.
وكان تقرير (إسكوا) الذي جاء بعنوان (إطلاق نتائج جديدة لمماثلات القوة الشرائية في المنطقة العربية .. الحجم الحقيقي للاقتصادات العربية)، قد ذكر ان السودان شهد أكبر تغيير بالنسبة المئوية في قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي منخفضاً بحوالي ( 20%).
نقص العملات الأجنبية
ويري دكتور هيثم محمد فتحي الباحث الاقتصادي، أن اعتماد السودان على الاستيراد لتلبية نسبة كبيرة من حاجاتها الأساسية، بدءا بالقمح مرورا بمستلزمات الإنتاج، وانتهاء بالأدوية ، ادي نقص العملات الأجنبية إلى تداعيات متتالية، إذ تباطأ استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج مما انعكس سلبا على قطاعات الصناعة والتجارة والتصدير، كما أنه بسبب النقص الحاد في العملات الأجنبية الناجم عن الاضطرابات الأمنية والسياسية منذ الإطاحة بنظام عمر البشير ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء إلى 490 جنيها ، في حين كان سعره الرسمي 60 جنيها، فضلا عن ان ارتفاع التضخم في الدول التي تعاني من نزاعات سياسية أمر طبيعي، في ظل تراجع قيمة العملة المحلية.
تحرير سعر الصرف
واضاف دكتور هيثم : ان سياسة تحرير سعر صرف الجنيه السوداني التي نفذتها الحكومة وفقا لوصفة صندوق النقد الدولي، دفعت بقيمة الجنيه لمزيد من التراجع مع ارتفاع معدل التضخم، وأثرت سلباً على معاش الناس، كما زاد عدد الأشخاص المحتاجين للمساعدات الإنسانية من ( 5.8 ) مليون شخص في عام 2015 إلى( 13.4 ) مليون شخص في عام 2021 وفقًا لوثيقة اللمحة العامة للاحتياجات الإنسانية، فضلا عن ارتفاع الأسعار وإلغاء الدعم الحكومي على المواد الأساسية مما فاقم حدة الأزمة الاقتصادية العميقة التي نعيشها الان ، إلي جانب اثار زيادة الرواتب (6) أضعاف، ورفع الدعم عن مدى كد المحروقات .
وأشار دكتور هيثم الي ان حكومة الفترة الانتقالية برئاسة دكتور عبدالله حمدوك، سعت للحصول على تمويلات دولارية من مؤسسات دولية، إلا أن تلك الجهود لم تسفر عن مبالغ يمكن الاعتماد عليها.
اسباب انخفاض الجنيه
وفي السياق نفسه يري دكتور محمد خير محمد حسن عميد كلية الاقتصاد الأسبق بجامعة أمدرمان الإسلامية، أن هناك أسباب وراء الانخفاض المستمر في قيمة الجنيه السوداني وضعف وقوته الشرائية، في مقدمتها البلاد ما يعادل 75٪ من ايراداتها نتيجة لانفصال الجنوب، ولجؤ السلطات الاقتصادية لسد العجز برفع الدعم عن المحروقات والذي له أثر ( متعدي ) علي ( كل شئ ) ومن بينها المستوى العام للاسعار، وزيادة الدولار الجمركي من 6.9 إلى 18 ومن ثم إلى 28 جنيه ثم تعويم العملة الوطنية ، ثم إهمال حكومات الانتقالية
لتحريك جمود القطاعات الإنتاجية وحفز قطاع الصادر وبناء احتياطات البلاد من العملات الحرة إنما تنغمس في تصفية حساباتها مع الخصوم السياسيين مما ادي لانزلاق البلاد إلى مستنقع التدهور الاقتصادي والسياسي والأمني ، وزيادة الأجور بنسبة 586% بدون مبرر اقتصادي، مما زاد التضخم ، وابتلع السوق زيادة المرتبات، الي جانب عدم التناغم بين المؤسسات الحكومية في اتخاذ القرارات الاقتصادية المؤثرة ،فضلا عن تراجع الأمل بعد قرارات 25 أكتوبر في إعفاء الديون وعودة دعم المانحين.