فرقتهم الأرض وجمعتهم السماء.. تعاون روسي أميركي في الفضاء
في خضم الخلافات الشديدة بين أميركا وروسيا حول الأزمة الأوكرانية، بقي تعاون البلدين في مجال الفضاء قائما، رغم تهديدات بإنهاء ما يبدو أنها شراكة تبدو عصية على تقلبات السياسة، بحسب الخبراء.
وهبط رائد فضاء أميركي ورائدا فضاء روسيان بسلام في وسط كازاخستان، الأربعاء، بعد انتهاء مهمتهم بمحطة الفضاء الدولية.
وغادر الرواد الثلاثة محطة الفضاء الدولية على متن كبسولة فضاء روسية، رغم حالة العداء المتزايد بين موسكو وواشنطن بسبب الحرب في أوكرانيا.
تعاون رغم العقوبات
ورحلة العودة التي أقلت رائد الفضاء الأميركي مارك فاندي، من وكالة “ناسا”، والرائدين الروسيين أنطون شكابليروف وبيوتر دوبروفبين، خضعت للمراقبة؛ لمعرفة ما إذا كان خلاف موسكو وواشنطن بشأن أوكرانيا امتد إلى التعاون في الفضاء من عدمه.
وكان يوم 19 مارس الماضي، الذكرى الـ57 لأول مهمة فضائية مشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.
وشهدت تلك المهمة في 19 مارس 1965، خروج رائد الفضاء الروسي أليكسي ليونوف خارج مركبته الفضائية؛ ليصبح أول إنسان “يسبح” في الفضاء الخارجي المكشوف.
والتعاون الفضائي بين روسيا والدول الغربية أحد المجالات القليلة التي لم تتضرر كثيرًا من العقوبات المفروضة على موسكو بعد ضمها شبه جزيرة القرم في 2014.
وقبل أيام، قالت وكالة “ناسا” إن أعضاء طاقم محطة الفضاء الدولية الأميركية والروسية كانوا على دراية جيدة بالأحداث على الأرض، لكنهم يعملون بشكل احترافي معا دون توتر.
لكن مع ذلك، برزت مؤخرا، بعض التوترات، بعد فرض الغرب عقوبات، طالت تصدير التكنولوجيا المتطورة لروسيا؛ بهدف “إضعاف” صناعة الطيران بما يشمل برنامجها الفضائي.
ومعلقا يؤكد سكوت بيس، مدير معهد سياسة الفضاء في جامعة جورج واشنطن: “لا يمكنهم العمل بدوننا، ولا يمكننا العمل بدونهم، لذا فهي حقًا شراكة دولية”، وفقا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
توتر من الأرض للسماء
وتعد محطة الفضاء الدولية مشروع تعاون تاريخيا بين الولايات المتحدة وروسيا، كشركاء مؤسسين، إلى جانب كندا ووكالة الفضاء الأوروبية واليابان.
كما أنها مقسمة إلى قسمين رئيسيين، الجزء المداري الروسي والأميركي، ويعتمد كل منهما على الآخر للبقاء التشغيلي.
كما مثلت رمزا لانفراج العلاقات الأميركية الروسية في أعقاب الحرب الباردة، وظلت مأهولة بشكل مستمر لأكثر من 21 عاما، متجاوزة العواصف الجيوسياسية بين الدولتين.
لكن بعض المراقبين يعتقدون أن الحرب في أوكرانيا، يمكن أن تسرع من نهاية التعاون الفضائي بين البلدين، بل ربما تحوله إلى نزاع.
وعلى إثر العقوبات الغربية، هاجم دميتري روجوزين، مدير وكالة الفضاء الروسية روسكوسموس، أميركا، قائلا إنها يمكن أن “تدمر العمل الجماعي لمحطة الفضاء الدولية وتؤدي إلى خروج المحطة الفضائية عن المدار”.
وفيما أعلن روجوزين أن روسيا ستتوقف عن تقديم أو صيانة محركات الصواريخ الروسية التي يستخدمها موردو الفضاء الأميركيون، أكد أن العقوبات الغربية قد تسبب سقوط المحطة الدولية.
ومعلقا يقول المختص في الشأن الروسي نبيل رشوان إن التوترات الأخيرة بين البلدين بشأن البرنامج الفضائي كان سببها العقوبات الغربية على روسيا والتي تهدف إلى عرقلة صناعة الطيران الروسي بما فيه برنامجها الفضائي.
ويضيف لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه “رغم التصريحات المتواترة من الجانبين حول التعاون في الفضاء لا يوجد حتى الآن أي تهديد مباشر لهذه الشراكة التي تمثل عناصر بالسياسة الخارجية بين البلدين”.
ويردف: “برنامج الفضاء بين البلدين نجا من التوترات التي خلفتها الحرب الروسية في جورجيا عام 2008، وأيضا بعد ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014، لذا فهو مستمر، ولن يتأثر بالحرب في أوكرانيا”.
لا تغيير في خطط ناسا
وإثر التهديدات الروسية بوقف تزويد “ناسا” بأجهزة الصواريخ التي تبقي المحطة الدولية على الارتفاع الصحيح، وتمنع اصطدامها بمخلّفات فضائية، قالت وكالة “ناسا” إنها شرعت في البحث عن بدائل لإبقاء محطة الفضاء الدولية تعمل بفعالية من دون مساعدة روسية، لكنها أكدت أن التعاون مستمر رغم التوتر الشديد المرتبط بأوكرانيا.
أما وكالة الفضاء الأوروبية، فأعلنت في 17 مارس، تعليق مهمة “إكسومارس” الروسية الأوروبية مع وكالة الفضاء الروسية “روسكوسموس”، وقالت في بيان سابق إنها ستبحث عن بدائل لإطلاق 4 مهمات أخرى.
ويقول مدير برنامج المحطة الفضائية لدى ناسا جويل مونتالبانو، خلال بيان سابق، إن “المحطة الفضائية صُممت على أساس مبدأ الاعتماد المتبادل، وهي ليست عملية يمكن فيها فصل مجموعة عن الأخرى”.
ويضيف مونتالبانو: “رغم التوترات، يتعين على واشنطن وموسكو الاستمرار في التعاون لضمان عمل محطة الفضاء الدولية”.
أما رئيسة برنامج رحلات الفضاء التجارية في “ناسا” كاثي لوديرز، فقتول: “نبحث دائما عن مزيد من المرونة التشغيلية، لكن من الصعب أن نعمل بمفردنا، والمحطة تمثل شراكة عالمية” وفقا لصحيفة “الغارديان”.