عماد الدين يعقوب يكتب: قطع البرهان قول كل خطيب.. لا عودة لما قبل 15 ابريل 2023
عماد الدين يعقوب يكتب: قطع البرهان قول كل خطيب.. لا عودة لما قبل 15 ابريل 2023
في خطابه الضافي الوافي والكافي إلى الأمة السودانية بمناسبة الذكرى التاسعة والستون للاستقلال، حيا الرئيس البرهان الأمة السودانية وهنأها بهذه المناسبة الوطنية العظيمة، مثمناََ صبر وبسالة وتضحية الشعب السوداني، متمنياََ وسائلاََ الله أن يعيد على السودان هذه الذكرى في
السنة القادمة وقد ودع الأحزان وتماسكت الصفوف لوضع أسس متينة لبناء وطن آمن شامخ ومستقر..
واصفاََ ميليشيا آل دقلو الإرهابية والمتعاونين معها بالخونة والمأجورين وأنهم أذاقوا الشعب السوداني صنوفاََ من العذاب من تقتيل وتشريد وتجويع وإفقار وانتهاك لحرماته..
وأرجع البرهان النصر الذي تحققه القوات المسلحة والمستنفرين والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة أرجعه إلى التلاحم الشعبي غير المسبوق والتدافع الوطني الوثاب من كل قطاعات الشعب من الكيانات المهنية والاعلامية والرياضية والثقافية والروابط
المجتمعية والمنظمات والطرق الدينية والجمعيات والادارات الأهلية مع هذه القوات مما مكنها من السير في طريق النصر الحاسم بخطى ثابتة وواثقة.
ثم عرج الرئيس البرهان إلى القضية التي شغلت الرأي العام السوداني مؤخراََ وهي مسألة المبادرات الداعية إلى
الحل السلمي التي برزت إلى السطح بقوة خلال الأسابيع الماضية وأبرزها المبادرة التركية، ثم ما كشف عنه بالأمس وزير المالية دكتور جبريل إبراهيم من وجود مبادرة مصرية سبقت المبادرة التركية من خلال وساطة تجمع بين السودان والإمارات..
وفي هذا الصدد أكد الرئيس البرهان أن الحكومة وهي تعد العدة وتتأهب لحسم المعركة لصالح الشعب السوداني، فإن ذلك لا يحول بينها وبين الانخراط في أي مبادرة (حقيقية) تنهي الحرب وتضمن (عودة) آمنة للمواطنين إلى مواطنهم وانتفاء ما يهدد حياتهم مرة
أخرى، وزاد الرئيس البرهان بقول قطعي الدلالة (*لا يمكن القبول بوجود هؤلاء القتلة والمجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى ولا يمكن أن تعود الأوضاع كما كانت عليه قبل 15 أبريل 2023*)..
وبهذه الكلمات الواضحة الصريحة والجريئة قطع البرهان قول كل خطيب ووضع حداََ للتكهنات وللجدل الذي ظل محتدماََ حول ماهية وكيفية الحل السلمي والتفاوض ووضع حداََ للمخاوف التي راودت الكثيرين من انخراط الحكومة في مبادرات بعد كل هذه التضحيات وبشائر
النصر تعيد ميليشيا آل دقلو الإرهابية وجناحها السياسي (تقدم) إلى المشهد السياسي والحياة العامة في السودان مرة أخرى لتأخذ ما فقدته هذه الميليشيا ومعاونيها في الميدان عبر طاولة المفاوضات (وكأنك يا زيد ما غزيت)..
لم يرفض الرئيس البرهان مبدأ التفاوض والانخراط في
محادثات تفضي إلى حل سلمي يوقف الحرب، ولكنه وضع سقفاََ وإطاراََ وسياجاََ وشرطاََ للانخراط في أي عملية سلمية، وهذا السياج أوضحه البرهان حصراََ في العودة الآمنة للمواطنين إلى مواطنهم وانتفاء ما يهدد أمنهم، وعدم مشاركة ميليشيا آل دقلو وداعميها المدنيين إلى المشهد السياسي في الحياة العامة، وعدم الرجوع إلى وضع ما قبل 15 أبريل 2023..
هذه هي شروط الإستجابة لأي مبادرات للحل السلمي، وهي شروط ضامنة لحقوق الشعب السوداني وملبية لمطالبه، وهو ما يعني أن أي مبادرة تخالف هذه الشروط وتخرج عن إطارها فهي مرفوضة جملة وتفصيلاََ، وبهذا يكون البرهان قد سطر إسمه بمداد من نور في سجل القادة الأفذاذ كرجل حرب وسلام، قاد الحرب بكل جسارة
وصلابة، ولا يمانع في الجنوح إلى السلام من موقف قوة وانتصار، سلام يترجم الموقف القوي على الأرض وفي الميدان، ويحقق مطالب الشعب، ويستكمل أهداف المعركة، معركة الكرامة دون التقهقر أو القبول بأنصاف الحلول والتسويات التي تعطي العدو ما لم يستطع أخذه بالقوة..
والمطلوب من الشعب السوداني بعد هذا الخطاب التاريخي أن يزداد تمسكاََ بقيادته ووقوفاََ خلفها مؤازراََ ومؤيداََ ومسانداََ صفاََ واحداََ كالبنيان المرصوص لا يتخلف منهم أحد حتى يُقْضَى على آخر ميليشي إرهابي مرتزق وحتى يجتث آخر عميل رخيص باع نفسه للأجنبي وعاونهم على تدمير وطنه وقتل شعبه.
فإذا كانت المبادرات تفضي إلى تحقيق تلك الشروط فعلى الرحب والسعة ستنتقل القيادة ومن خلفها شعبها إلى طاولة التفاوض عزيزة شامخة غير مذعنة ولا خانعة من معركة الكرامة إلى (سلام الكرامة)..
فإن أراد العدو سلاماََ فبها ونعمت، وإن أراد الخديعة والمراوغة فإن مغاوير وأسود الجيش والمستنفرين والمشتركة والقوات النظامية قادرون على الحسم وتحقيق النصر ولسان حالهم يردد أبيات ابو تمام :
*السيف أصدق أنباءاََ من الكتب*
*في حده الحد بين الجد واللعب*
*بِيضُ الصفائح لا سود الصحائف*
*في متونهن جلاء الشك والريب*