علي سلطان يكتب : مع المغتربين بين حدقات العيون،والنجوم
وطن النجوم
علي سلطان
مع المغتربين بين حدقات العيون،والنجوم
(الوطن في حدقات العيون).. كلمات موحية جميلة ايجابية ومفرحة.. نبتت وازهرت قبل عقود ايام اذاعة المغتربين وجهاز المغتربين وكوكبة من المذيعين والمذيعات انفعلوا بها فصارت عنوانا لجمال الوطن ولكل مغترب ترك البلد هاجر مع الطيور المهاجرة الى شواطئ وربما منافي بعيدة.
الوطن في حدقات العيون رددتها اصوات عذبة رجالا ونساء من المذيعين والمذيعات على كر السنوات الماضية ومازلنا..!
في عام 1978-1979 لم تكن كلمات مثل الوطن في حدقات العيون تتردد على الشفاه.. كنت قد اعددت برنامجا لاذاعة ام درمان من الامارات العربية المتحدة اسميناه (مع المغتربين).. وكان مشرفا عليه في الاذاعة السودانية الصديق الحبيب المذيع
الهادي مبارك. وقد اختار الهادي لشعار(تتر) البرنامج مقطعا من اغنية الفنان الراحل المقيم عثمان حسين.. (كل طائر مرتحل عبر البحر قاصد الاهل حملتو اشواقي الدفيقة.. ) وكان اختيارا موفقا.
كنت احرص عبر هذا البرنامج على اجراء مقابلات مع السودانيين والسودانيات في الامارات.. وقد اجريت لقاءات عديدة مع كثير من الاسر السودانية في الامارات.. ونجح البرنامج.. ولقي اهتماما وتقديرا من المستمعين وخاصة اهل وذوي المغتربين في
السودان وخارج السودان.. وفتح لنا باب علاقات جميلة مع اسر سودانية كثيرة في الامارات لم يُسد حتى اليوم.. وعلى سبيل المثال لا الحصر اسرة الراحل المقيم عبدالقادر باجسير في الشارقة.. وكنت قد اجريت معهم لقاءا جميلا مميزا للبرنامج مع
الابن البكر عبدالرحمن ثم شقيقاته شادية وسارة ومها وشقيقه مجدي واذكر ان سارة باجسير كانت وقتها تلميذة في المرحلة الابتدائية وكانت تتحدث باللهجة اللبنانية، واضحكتنا سارة عندما عندما طلبنا منها التحدث باللهجة السودانية فلم
تتمكن.. واستضفنا في الحلقة ذاتها شادية باجسير التي كانت عروسا وقتها مع زوجها الباكستاني الجنسية زوار.. والان شادية حفظها الله لها ماشاء الله ابناء تخرجوا من الجامعات والتحقوا باعمال متنوعة كل حسب تخصصه.. اما سارة فقد نجحت
في حياتها العملية وتزوجت شابا لبنانيا رائعا.. وكونت أسرة جميلة.. ولكن سرعان ما اختطفتها يد المنون بعد معاناتها من عرض عضال وهي ميعة الشباب وجمال الحياة وعطائها.. فتركت فينا الما وحسرة.. ولا نملك الا ان ندعو لها بالمغفرة والرحمة
من الله الغفور الرحيم.. بعد لقائي بعبدالرحمن باجسير في الشارقة، تزاملنا بعد سنوات في مكتب جريدة الاتحاد واصبحنا اصدقاء لا نفترق ومحاطين برعاية امه الفاضلة الصابرة سنية.. اطال الله عمرها.. وهي ماتزال تبسط يدها الحانية على كل آل باجسير الابناء والبنات والانساب والاصهار والحفدة والحفيدات.
كنت بعد ان انتهي من تسجيل حلقة للبرنامج على شريط كاسيت على مسجلي الصغير اهرع الى المطار بحثا عن اخ سوداني كريم يوصل الشريط المحمل بالذكريات والأشواق إلى الاخ الهادي مبارك في دار الاذاعة.. وكنت وغيري من المتابعين
في الامارات نجد بعض المشقة في الاستماع الى الاذاعة السودانية عبر الراديو.. وكنا نحاول عبر الموجات القصيرة.. وكنا في معظم الاحيان نطلع الى سطح العمارة كي نحظى بفرصة افضل للاستماع ولكن ما يحفزنا على الاستمرار هو ما يرد الينا من خطابات مشجعة او من يطلب اجراء لقاء مع احد اصحابه او اقربائه في الامارات.
مازال الوطن في حدقات العيون.. وقد تبدلت الأحوال وتغيرت الدنيا واصبح ما قدمنا من برامج في ارشيف الاذاعة والذكريات.. فاصبح مع النجوم البعيدة..!! او هكذا يبدو لنا!!!