علي سلطان يكتب فقاعات الأماني المستحيلة
علي سلطان يكتب فقاعات الأماني المستحيلة
مازلت أرغب في أن أركض ركضا طويلا بلاتوقف.. ركضٌ اشبه بركض مارك بلوبيرغ في الدقائق الاخيرة من نهاية فيلم المقامر.. وكأنه يتخلص من حياته السابقة وديونه ومعاناته بالركض مسرعا حتى حين..! وكنا في فتوة الصبا نركض بلا توقف ونتسابق ونفوز في المسابقات..!
وأنا في هذه السن الحلوة لن استطيع أن اركض كما اشتهي.. لقد ركضت ما فيه الكفاية في صغري و سنوات من شبابي .. وكنت صبيا شقيا.. بين ركض وقفز وتسلق على الأشجار والأسوار والركض على سطوح القطارات المسرعة عدوا على سطحها مابين شندي وعطبرة و شندي والخرطوم..! ومازلت أرغب في السباحة.. وللأسف لم أتعلم السباحة قط.. وحتى عندما غرقت في البحر الاحمر في بورتسودان وكنت وقتها في رحلة عمل اذاعية مع الراحل المقيم فني الصوت هاشم الريح رحمه الله رحمة واسعة ،، وانقذني شاب أسمه عبدالرحمن على ما اذكر بحضور زميله خالد كبيدة الذي كان غطاسا مشهورا في أعماق البحر الاحمر .. وقال لي ضاحكا: لن تغرق ونحن معك.. ولم تجبرني تلك الحادثة على تعلم السباحة .. وقد كنا في صغرنا محرم علينا الذهاب الى نيل شندي والسباحة فيه,, فكم من فلذات اكباد انتزعهم النيل ودواماته من اسرهم واحبابهم..!
ومازلت أفكر جديا في العودة الى دراسة الرياضيات من حساب مثلثات وتفاضل وتكامل وجبر مهندسة وحل مسائل صعبة تحتاج الى ذكاء.. فقد تم بدون قصد اكراهنا منذ الصغر – ربما من معلم ما- على كُره الحساب والرياضيات واصبحت مادة غير مفضلة عندي وعند آخرين..! ولكن مازال لدي احساس جميل ما بأنني بارع في الرياضيات وقادر على تعلمها وقد افعل ذلك مجددا وقريبا والله اعلم..!!
وكانت الفرنسية لغة محببة إلينا ولكن معلم المادة المصري الجنسية سامحه الله لم يعلمنا منها حرفا.. ومازلت اذكر تكراره خلال الحصة كلمته الاثيرة لديه… مين الحمار اللي بيتكلم..! ولم احفظ من الفرنسية غير جملة إنني لا اتكلم الفرنسية!! ونسيت كلمات فرنسية دافئة كثيرة مثل احبك و وما اسمك ..ألخ . ومازلت احب نُطق الفرنسيين للغتهم..! وحاولت وانا في الاذاعة السودانية أن اتعلم اللغة الفرنسية في المركز الثقافي الفرنسي في موقعه السابق الانيق بشارع القصر ولكن لم استمر.. والتحقت بعدها بمعهد جوته لتعلم اللغة الالمانية ولكن سفري للامارات حرمني من ذلك.. ومازلت اتذكر كلمتين أو ثلاث من اللغة الالمانية ..!
لم يبق لنا في عمرنا هذا قوة وحيوية الشباب ولكن يبقى العقل والحمد لله شابا عصيا على الشيخوخة .. ونغالب الزهايمر بطرق شتى..! ومازلنا نخطو على درب الحياة وأثار أقدامنا على الأرض.. نحاول جاهدين ان نترك ذكرى طيبة واثرا بارزا في حياتنا وحياة الناس من حولنا قدر المستطاع.. احيانا يؤلمنا التجاهل والجحود والنكران.. وولكن نعفو ونصفح عن كثير.
الحياة رحلة لاتنتهي بالموت.. فالموت برزخ الى عالم آخر ابدي خالد.. نسال الله تعالى دائما حسن الخاتمة وأن نكون من أصحاب الجنة في معية نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم ومع اصحابه وتابعيه ومن حولنا اهلنا واحبابنا على سرر متقابلين وكل المسلمين.. لقد وصلنا الى مرحلة مهمة وهي اخلاص النية لله تعالى لا نبتغي علوا في الارض ولا مُلكا ولا جاها بل حياة طيبة هادئة هانئة مستقرة عامرة بذكر الله والصلاة على رسوله الكريم.ومازلنا نبتهل الى الله ان يحفظ السودان وطننا الحبيب وان نتجاوز كل تلك المآسي والاحزان وان يهلك الله الظالمين.. وان يحفظ الله البلاد والعباد وان يصلح حالنا بعد الحال ويجنبنا الشرور والاثام.. اللهم آمين واياكم.