علي سلطان يكتب : شندي.. جيش واحد وشعب واحد
وطن النجوم
علي سلطان
شندي.. جيش واحد وشعب واحد
تمنيت ان اكون في مدينتي شندي بالامس محتفلا بعيد الجيش في مدينة الجيش وصانعة الابطال وقلعة الأحرار.
منذ صغرنا ونحن نرتبط ارتباطا وثيقا بمنطقة الجيش في شندي وهي مدينة متكاملة داخل شندي.. وكنا نذهب اكثر من مرة خلال الاسبوع الى خالاتنا اللواتي تزوجن جنودا في الجيش في رتب مختلفة..ولقد شهدنا مرات عديدة احتفالات عيد الجيش في شندي.
واذكر عندما كنا في المرحلة الوسطى كنا معجبين بالراحل المقيم عمر الحاج موسى رحمه الله وبخطاباته الرائعة المدهشة في تلك المناسبات وكان وقتها قائدا للجيش في شندي..ويُحكى انه عند مغادرته لشندي منقولا الى الخرطوم..شُحنت مكتبته الخاصة في عربة كاملة من عربات السكة الحديد..!!
وكان للجيش فرقة موسيقية متكاملة بسلاح الموسيقى لها معجبوها من المدنيين وكانت قاسما مشتركا في كل احتفالات شندي ومناسباتها..ومن بين افرادها كان خالي حسن بخيت مد الله في عمره موسيقا بارعا وماهرا في نفخ( القِربة) التي كانت تصدر عنها الحانا شجية وكان معه زميله وصديقه اب نائب.
وكان للجيش فريق كرة قدم ممتازا.. نافس فريقي الاهلي والنيل في شندي منافسة شرسة.
وكان كثير من اهلنا ومعارفنا منتسبين الى الجيش ولكن يسكنون في احياء مدينة شندي مع المدنيين.. كان قشلاق الجيش داخل المنطقة العسكرية يضم عددا كبير من العائلات من مختلف انحاء السودان ولكن تربطهم علاقات رائعة وتكافل اجتماعي مدهش.. وعُرف عن ابناء الجياشة في القشلاقات اوالاشلاقات ترابطهم القوى وصداقاتهم المتينة التي تظل باقية على الدوام.. ويفتخر كثير منهم بانهم ابناء اشلاقات سواء كانَوا من ابناء الجيش اوالشرطة..!!
ولقد لاحظت ذلك جليا في قشلاقات الجيش والشرطة معا في الخرطوم وعطبرة
وبورسودان حيث عشنا معهم ازمنة وأوقات متعددة.
كان ابي رحمه الله قد التحق بالجيش في مدينة شندي عام 1927وخاض غمار الحرب العالمية الثانية. متنقلا ما بين مصر وليبيا والحبشة(ارتيريا).. وله ذكريات رائعة تكتب بماء الذهب عن حياته العملية في العسكرية التي تطبع بها في حياته كلها.. فاصبح بعد ذلك عسكريا من حيث الضبط والربط في ثياب مدنية.. والدي رحمه الله كان له الفضل من بعد الله سبحانه وتعالى في فك أسر( الست مريم) التي اسرها الطليان في ارتيريا.. حكى عن ذلك قصة تستحق أن تكون فيلما سينمائيا من افلام الاكشن او بطولة انتوني كوين..!!
وجزء من تلك الحكايات سردها خالي اللواء الدكتور الطاهر محي الدين في كتابه النادر(اللحظات الحرجة لجندي سوداني في الحرب العالمية الثانية).. وهو كتاب قيم ورائع في السرد والمعلومات واقترح على اللجنة التي تتولَى الان مهمة التوثيق للقوات المسلحة اعتماد هذا الكتاب مرجعا مهما للتوثيق وكذلك الجزء الثاني من كتاب اللواء الطاهر مد الله في عمره وهو كتاب (حياة الضباط) وهو تكملة للجزء الأول من كتاب اللحظات الحرجة وكلا الكتابين ينفعان مرجعين للتوثيق لحقبة مهمة في تاريخ العسكرية السودانية.. كما ان خالي الثاني العميد محمد الحسن محي الدين رحمه الله كان قائدا لسلاح المدفعية وعمل في الامارات العربية المتحدة في كتيبة عمر بن الخطاب في مدينة العين.. لكن لم يوثق لحياته العسكرية الثرة
كما فعل اخوه اللواء الطاهر.. وكان اخي الكبير احمد ايضا عسكريا وكذلك اخي محمد الثاني في الترتيب.
كنا نقيم في مربع سبعة بمنطقة شندي فوق غرب خط السكة الحديد.
ونعيش وسط مجموعات متجانسة من عسكريين ومدنيين.. وكانت الحياة حلوة وهناك ترابط ومحبة بين اهل الحي.. من العسكريين والمدنيين.
اذكر من العسكريين في منطقتنا الراحل الزين بابكر الزين رحمه الله خال الرئيس عمر البشير.. واللواء عبدالرحيم العطا ابن عم الرائد هاشم العطا وعم الفريق ياسر العطا وتربطنا بهم صلة قربي وجيرة ونسب.. والفريق الفاتح عبد المطلب شيخ العرب رحمه الله واخاه اللواء عمر عبدالمطلب.. واللواء كمال الامين رحمه الله.. وغير بعيد عنا في المربع الثامن عمنا محمد حامد الجمري وابنه دفعتنا وصديقنا العميد معتصم الجمري واخاه الفريق عبدالحميد الجمري في السلك الشرطي.. و حموده بشير والعقيد مبارك محمد علي واسرة بشير بادي التي استشهد والدها في فلسطين عام 1948 وطارق ميرغني ابراهيم رحمه الله وهو قريب لال بادي.. وغيرهم كثير لا يسع المجال لذكرهم هنا. ولكن معلوم ان عددا كبيرا من ابناء شندي وخاصة خريجي شندي الثانوية التحقوا بالشرطة وهناك عدد كبير من كبار ضباط الشرطة من ابناء شندي ممن لهم سيرة باذخة في السلك الشرطي.
إن شندي تستحق ان تكون انموذجا مشرفا للعلاقة الطيبة بين ابناء الجيش والشعب.. وكما نقول دائما( الجيش من رحم هذا الشعب).