علي سلطان يكتب : الهادي مبارك من ريتشموند الى ود العيس..عينٌ على البلد..!
وطن النجوم
علي سلطان
الهادي مبارك من ريتشموند الى ود العيس..عينٌ على البلد..!
صديقي الصدوق الهادي مبارك المذيع المتميز وأحد طيور الاعلام المهاجرة في الولايات المتحدة، عاد قبل أيام إلى أرض الوطن قادما من واشنطون أو من مدينته الاثيرة والآسرة ريتشموند، الهادي استقر ليالي و أياما معدودات في الخرطوم، ثم سافر على جناح السرعة الى بلده الوادعة (ود العيس) في ولاية سنار.
أمس مساء تحدثت الى الهادي في مكالمة مطولة، وحدثني عن سعادته بالعودة الى بلده ودالعيس وعن السعادة والانشراح الذي يشعر به بين أهله وأحبابه متحدثا عن جمال الطقس وهطول أمطار متفرقة وحياة الناس الوادعة الهادئة .. والهادي عرفته محبا للجمال وجمال الطبيعة والورود و الأزهار والحدائق الغناءة،، وتلك فطرته التي فطره الله عليها فود العيس فيها جمال الطبيعة والجو الجميل والورود والأزهار،، وأذكر أن الهادي قبل ثلاثة عقود تقريبا أرسل لي صورا فوتوغرافية فيها بساط من الزهور الجميلة السندسية ، فحسبت أ ن الصور من الهند، ولكنني فوجئت حين عرفت منه انها من بلده ودالعيس..!!
والهادي في مدينته ريتشموند منفعل مع انحساب الشتاء وانسحاره، ويتابع باهتمام عودة الخضرة الى الأشجار فروعا وأغصانا ، وعودة الربيع خضرة وأزهارا وجمالا.. ثم يتابع أيضا دخول الشتاء حيث تكتسي تلك السهول والغابات والاشجار بالجليد الناصع البياض.
لقد اكتشف الهادي أن الحياة في بلده ودالعيس أجمل من الخرطوم التي وجدها كأنها كانت خارجة من حرب طاحنة، وقال لي متحسرا إن القمامة التي تركها في الشوارع قبل عامين وجدها ماتزال ، وقد تزايدت وانتشرت..! وأن الشوارع المرصوفة لم تعد موجودة فضلا عن غياب الأمن و اشتداد حدة الغلاء.
حديثي مع الأخ الهادي جعلني اسرح قليلا في تكالبنا على الخرطوم ، وتزاحمنا حولها، وفي بعض الولايات منجاة وحياة أسهل وأكثر أمنا، ومازال هناك من يحلم بالأقامة في الخرطوم العاصمة المثلثة هروبا من الأقاليم.. وبالطبع ولا جدال أن من حق أي سوداني أن يختار في وطنه البلد التي يرغب في الحياة فيها فذلك حقٌ لا ينازعه فيه أحد.. ولا شك أن الولايات إذا شهدت اهتماما وتنمية فسيعود كثير من أبنائها من حياة في العاصمة لا طعم لها ولا مذاق.. ولكنها المعايش والارزاق وسبل كسب العيش..!
صحيح أن هناك معاناة تتفاقم في الولايات ولكن بعض الولايات الآن افضل حظا من العاصمة المكتظة بالبشر وعتاة المجرمين الذين يعيثون في أرضها فسادا، والآليات والأوساخ وقطع الكهرباء وشح المياه..! فاي عاصمة هذه..!
المحزن أن كثيرا من الساسة يحسبون ان العاصمة هي السودان كله.. ويتناسون الولايات وسكانها ولا يلتفتون إلى اشواقهم ولا يعيرون تطلعاتهم واراءهم إهتماما ..!
لقد اظهرت عودة الشيخ بيتاي معافى من القاهرة والاستقبال الذي لقيه بدءا من مطار الخرطوم وحتى بلده همشكوريب مفاجأة مذهلة لمن يعرفونه ومن لم يسمعوا به.. حيث كان الأستقبال والحفاوة من أهله ومحبيه وحفظة القرآن الكريم من كل السودان تظاهرة لم تحدث منذ سنوات.. وقد تجمع آلاف السودانيين لا ستقباله استقبالا مهيبا يستحقه.. ولقد تساءل البعض عن الشيخ من هو؟ وتساءل البعض عن سر هذه الحفاوة ؟.
وتأكد لي ان الساسة يتجاهلون عن عمد أقاليمنا وأهلها وحياتها وما يجري في داخلها من أفكار وأحاديث وتطلعات..!
وساءلت نفسي لماذا يحاول بعض الساسة تهميش المناطق خارج العاصمة وسكانها..؟ فهؤلاء السودانيون في الولايات قادرون على أن يغيروا احتكار السلطة في العاصمة ، و أن يغيروا مجرى السياسة السودانية برمتها.. ولا يظن بعض الساسة أن الخرطوم هي كل السودان، وليعلموا أن في اقاليم السودان القول الفصل والرأي الحاسم والحكمة المبتغاة والخروج مما أصبحنا نطلق عليه انغلاق أو انسداد الأفق السياسي.. وهذا الأفق المفترى عليه الذي أنسد فعلا عند البعض الذين يريدون التحكم في كل مفاصل البلد وحدهم دون غيرهم.
في الاقاليم شباب نير واعٍ مدرك لدوره والمطلوب منه.. وقادر على أن يُحدث فرقا وطريقا جديدا.. وما حدث في الشمالية ونهر النيل والبحر الاحمر وكردفان واقليم دارفور بمعزل عن ما يحدث على أرض السودان التي تمور وتفور..! الاغلبية الصامتة اكثرها في الاقاليم ولن يطول صمتها إذا تمادينا في الاقصاء والتجاهل.
و السوشيال ميديا سراب خادع و واقع افتراضي قد لا يُسمن من جوع، إن حانت ساعة الجد.. ودقت ساعة الخلاص..!!