
علي سلطان يكتب الراحل العزيز مصطفى وردي، ماتزال ذكراك باقية
وُري ثرى كسلا الارض التي أحبها، ولكنها عاد إليها جثمانا في تابوت خشبي من مصر، سبحان الله!
الراحل المقيم مصطفى محمد أحمد سليمان (وردي) ، مرت على ذكرى وفاتة سنة كامله ، لم ينس ذكراه أحباؤُه واصدقاؤه
واهله وصلة رحمه وزملاؤه ومعارفه.. بل ظلوا يوميا وعبر القروب الذي أسموه باسمه يترحمون عليه ويدعون الله أن يدخله الجنة وفردوسه الأعلى.
رحل مصطفى وردي إبن الشرق رحيلا سريعا ، كنسمة عطرة، و فُجع بموته الكثيرون الذي احزنهم الفراق واصابهم الخبر بالذهول.
كان مشتاقا لزيارة القاهرة ، ويحدث نفسه واصحابه عن مشروعات كثيرة ينوي تنفيذها هناك، حين سافر الى القاهرة، وكعادته وحبه للحركة والعمل الجاد، فقد كان رحمه الله ذكيا نشيطا لطيفا، فأجهد نفسه فيما بدأ في كثرة التنقل والسفر
داخل مصر، ففاضت روحه في القاهرة، وحين تم ابلاغنا بخبر وفاته، لم نصدق في حينها وكنت من بين كثيرين أتمنى أن يكون كذبة كتلك الأكاذيب الكثيرة في الوسائط.. ولكن كان الخبر حقيقة، وتلك ارادة الله ومشيئه يختار عبده إلى جواره وقت ما يريد،
وكيف مايريد وحيث مايريد عز وجل، له الامر من قبلُ ومن بعدُ., يُحيي ويُميت وهو على كل قدير..! كل نفس ذائقة الموت، وكلنا على الدرب ذاتها سائرون، لنا يومنا المحدد وثوانينا المحددة، والموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا جدال حولها ولا مفر
منها، ليس علينا إلا ان نرضى بقضاء الله وقدره ومشيئته، وعلينا أن ندعو له الله سبحانه وتعالى الغفور الرحيم، فذاك هو ما نقدر عليه بل ونُطالب به.
ولكن علينا أن نذكر محاسن موتانا، ونخلص لهم في الدعاء في كل حين.
لقد رحل مصطفى وردي عنا وهوشاب صغير مازال ينسج الأماني ويجتهد في تحقيقها.. ويعد العدة لاكمال نصف دينه، وأن
يُحقق لوالديه أقصى ما يستطيع من راحة لهما، فهو ولله الحمد كان إبنا بارا بهما، وكانا راضيين عنه ومازالا يواصلان الدعاء له ليل نهار,
عرفتُ والده محمد احمد سليمان(وردي) رجلا صابرا عاقلا حكيما كريما، فقد جاءه الخبر كالصاعقة، ولكنه كان صابرا مؤمنا، فقد إمتثل لأمر الله ومشيئته ، راضيا بقضاء الله وقدره، ولكن لم تكن دموعه شحيحه بل ذرف دمعه صامتا محتسبا، لك الله ابا كمال فقد امتثلت لأمر الله صابرا مومنا مُدركا.
عرفتُ الراحل العزيز المقيم مصطفى قبل سبع سنوات وربما أكثر، فهو أخو عزيز لصديقنا كمال محمد احمد سليمان، وسافرنا معا الى الهند والصين، وعرفته عن قرب، ففي السفر تعرف معادن الرجال.. وكن رجلا شهما كريما محترما يوقر الكبير ويرحم
الصغير، يُعطي ويُنفق بسخاء، وكان موفقا في أعماله وتجارته، ويتطور باستمرار، يحرص على الاستشارة ولا ينفذ مشروعا الا بعد مشورة ثم اقتناع.
عاش زمنا طويلا في بورتسودان، وعمل في مجال الشاحنات منذ صغره مقتفيا أثر والده، فقد كان محبا لأبيه ومعجبا به، فسار على دربه سائقا وخبيرا في مجال الشاحنات، ثم انتقل الى مرحلة مهمة هي بيع الشاحنات واستيرادها من أوروبا والصين، وقد نجح في ذلك نجاحا ملحوظا.
ولاحظت ذكاءه وقوة ذاكرته وفراسته، وفوق كل ذلك محبته للناس، وضحكته الصافية الجاذبة، وقد ادهش الناس بعد موته بأعماله الخيرية وإنفاقه في الخفاء دون من ولا أذى.
وادهشني بغزارة معلوماته في موضوعات شتى علمية وأدبية وفنية، حتى أنني فكرت في أن اقدمه لزملائنا الاعلاميين في القنوات لاستضافته في احد البرامج ليقدم بعضا من معلومات الادبية الواسعة في الأدب والفن السوداني., ولا غرو فقد سار
على درب والده الذي كان محبا للراديو وللقراءة وقراءة الصحف يوميا، فكان معروفا ايضا ومازال بمعلوماته الغزيزة في موضوعات شتى.
تعازينا للاخ الصديق، محمد وردي والد مصطفي، ولأخي الحبيب كمال واخوانه واهله واصدقائه ومحبيه وعارفي فضله.. ونسال الله تعالي ان يُكرم نزله ويُوسع مرقده، ويدخله الجنة وفردوسها الأعلى ، إنا لله وإنا اليه راجعون.
