علي سلطان يكتب الذكريات … صدى السنين الحاكي
علي سلطان يكتب الذكريات … صدى السنين الحاكي
لعله في مطلع السبعينيات من القرن الماضي كان وقتها يذاع مسلسل اذاعي سوداني عبر الاذاعة السودانية عن القَطَر الذي يتوقف في كل محطة وعم الزين سائق القطر .. وكان شعار المسلسل او( التتر) اغنية بصوت الفنان الكبير ابوعركي البخيت حفظه الله.. وحققت اغنية الشعار والمسلسل نفسه شهرة واسعة في ذاك الزمان.. ومن الطرائف إننا كنا ذات مساء في حفلة يغني فيها الفنان ابوعركي فطلب منه احد الحضَور أن يغني تلك الاغنية شعار ذاك المسلسل وضحك ابوعركي والحضور على الطلب الغريب!! برامج ومسلسلات اذاعية وتلفزيونية سودانية ومصرية اشتهرت باغنيات الشعار او التتر.. وظلت خالدة في ذاكرة كثير من المستمعين..مازال شعار برنامج في ربوع السودان حاضرا ومازال مسموعا..( في ام در ياربوع سودانا نحييك وانت كل آمالنا) ..! وشعار حقيبة الفن بصوت ميرغني المأمون واحمد حسن جمعه..وعالم الرياضة بصوت الاذاعي الراحل المقيم الصديق علي أنور رحمه الله.
غير ان تترات وشعارات المسلسلات التلفزيونية اكثر تاثيرا فيما يبدو واسع انتشارا .. ولقد استمعت امس بمحض الصدفة إلى تتر مسلسل ليالي الحلمية الذي مازال يبث حتى اليوم في عدد من القنوات المصرية.. واستمعت الى الاغنية بصوت الفنان محمد الحلو وكذلك بصوت الفنانين محمد الحلو وامل عرفة و وائل خوري.. ورغم انني شاهدت المسلسل وكل اجزائه عندما قدم لأول مرة وشغل الناس الا انني لم ادقق في كلمات اغنية تتر ليالي الحلمية الا بالأمس.. فوجدتها كلمات رائعة مترعة بالشجن والعاطفة والفلسفة.. فاندهشت بعد زمن طويل لما اكتشفته بعد سنوات من الاستماع المنفعل بالموسيقى اكثر من الكلمات..!
ومن كلماته:
منين بيجي الشجن .. من اختلاف الزمن.
ومنين بيجي الهوى .. من ائتلاف الهوى
ومنين بيجي السواد .. من الطمع والعناد
ومنين بيجي الرضا .. من الايمان بالقضا
من انكسار الروح في دوح الوطن
يجي احتضار الشوق في سجن البدن
من اختمار الحلم يجي النهار
يعود غريب الدار لـ أهل وسكن.
ليه يا زمان ما سبتناش أبرياء
وواخدنا ليه في طريق ما منوش رجوع
أقسى همومنا يفجر السخرية
وأصفى ضحكة تتوه في بحر الدموع… الخ
وقد تاثرنا بهذه التتر كثيرا ونقلتني الى ذكريات حلوة ماتزال باقية.. وقد شهدنا المسلسل بداية ونحن مغتربين في الامارات.. ثم. عرض كثيرا في عدد من القنوات الفضائية.. فحرك الاشجان وايقظ الذكريات.. ثم وجدتها سانحة لا استمع الى تترات عدد من المسلسلات المصريةَ المشهورة.. فاستمعت إلى تتر مسلسل المال والبنون بصَوت علي الحجار .. فكان ايضا منعشا لذكريات جميلة.. وهناك مسلسلات مصرية تفاعلنا معها ومع أغنيات مقدمتها او خاتمتها مثل الشهد
والدموع وارابيسك.. ولن اعيش في جلباب ابي.. والحاج متولي وَالقائمة. تطول.
وكنت اجد في المسلسلات الإذاعية متعة وتشويقا ونحن صغار.. وكنا نتابع عبر إذاعة صوت العرب كثيرا من المسلسلات الممتعة مثل افواه وارانب الذي قدمته الفنانة الراحلة فاتن حمامة بصوتها وافتتنا به ثم شاهدته من بعد ذلك فيلما سينمائيا فاحسست أن المسلسل الاذاعي كان أجمل من الفيلم.. ربما لان الفيلم اختزل كثيرا من المشاهد وقدم بعد ذلك مسلسلا تلفزيونيا .. وكذلك مسلسل الشاطر عوكل للراحل امين الهنيدي.
اجد بعض العزاء وكثيرا من المتعة وانا اشاهد البرامج والمسلسلات القديمة التي تبث عبر قنوات ماسبيرو ودبي زمان والذكريات الفضائيات.. فهي تعيد ذكريات المسلسلات والأيام نفسها..! وتعيدنا الى زمن جميل افتقدناه كثيرا مع حياتنا اللاهثة الان.